ذهب مع الريح

منذ ذهاب الجنوب بآباره النفطية في العام 2011م والبلاد تعاني من هزات اقتصادية، تؤثر على القطاعات الاقتصادية المختلفة، وانسحب التأثير ليطال الأهالي الذين يئنون بالشكوى من الفروقات الكبيرة بين مداخليهم والسوق المتضخم القادر على ابتلاع كل زيادة تطرأ في الرواتب.

ويبلغ الحد الأدنى لأجور العمال 450 جنيها سودانياً، وهي مبلغ لا يسد الرمق، ولا يقيم الأود وبالتالي فإن اتحاد العمال بولاية الخرطوم يصف منسوبيه بأن رقة حالهم جعلتهم أقرب إلى التسول.

علاج مر

أقرت الدولة عدة سياسات لمعالجة الاختلالات الاقتصادية، ووضعت عدد من الخطط آخرها الخطة الخمسية التي سبقتها إسعافية استمرت لثلاث سنوات وذلك لتلافي تأثيرات انفصال الجنوب.

بيد أن كلفة العلاج كانت شديدة المرارة على المواطن، إذ تفحشت غلواء الأسعار إلى حدود مفرطة، دون تدخل من الدولة التي خرجت من السوق بناء على سياسية السوق الحر التي جرى انتهاجها في بداية عهد الإنقاذ.

بناء على ذلك، فإن الأجور ما عادت تستوعب التضخم، ولجوء التجار إلى المعاملة وفقاً لأسعار الدولار في السوق الموازية وليس تلك التي يقرها بنك السودان المركزي.

تدخل رئاسي

وفقاً لما سبق من حيثيات، قررت رئاسة الجمهورية التدخل لقطع الطريق أمام غول الغلاء، فأعلنت عن تحويل المبالغ الموفورة من جراء رفع الدعم عن الوقود نواحي الشرائح الضعيفة، كما وفرضت زيادة لفئة العمال وذلك بالتعاون مع كل من اتحاد العمال ووزارة المالية.

أولى هذه الزيادات جرى إقرارها مع الشروع في تطبيق حزم رفع الدعم عن الوقود، بواقع إضافة 200 جنيه لأجور العمال وقتذاك، فيما تعورف عليه بمنحة الرئيس.

لكن بكل أسف، فإن الشروع في إنفاذ هذه الزيادات يعاني صعوبات بالغة، حيث يبلغ عجز الموازنة العامة (6) مليارات دولار، وعليه شرعت المالية بعد صدور القرار بفترة في جدولة هذه الزيادة المقرة للعاملين، بيد أن الواقع يقول إنها تعجز حتى يومنا هذا (يوليو 2015م) في الإيفاء ببعض متأخرات العام 2013م.

آمال خليجية

بدخول السودان في التحالف الخليجي لضرب معاقل الحوثيين في اليمن ضمن عملية (عاصفة الحزم) إنهالت الودائع على السودان، وجرى الحديث علانية عن وديعة سعودية بأربعة ملايين دولار، وهو ما دفع العمال للتفاؤل بزيادات جديدة تطرأ على رواتبهم الضعيفة أصلاً لا سيما مع قرب وصول الدولار في السوق الموازية – ترسم بالمناسبة خارطة الاسعار- قارب على محطة العشر جنيهات.

لكن اتحاد العمال بولاية الخرطوم، وهي الولاية التي تشهد أكبر قدر من العمالة، يقول على لسان عبد المنعم الحاج منصور إن الزيادات المطالب بها محض أحاديث في الصحف، ولم يستبعد أن تكون أحاديث الغرض منها التخدير ليس إلَّا.

وطالب الرجل القمين بحقوق عمال الخرطوم، بإعادة النظر بالكلية في أجور العمال لحفظ آدميتهم، لكون العمال تحولوا إلى شرائح ضعيفة ومما قاله لـ “الصيحة” إن العمال تحولوا إلى مجموعة من المتسولين.

ضغط المضغوط

إذاً الدولة تتحرك في بحماسة لأجل رفع العبء عن كاهل العمال البسطاء، ولكن الضغوط الواقعة على الدولة قد يجعلها مجبرة لإجراء عمليات جدولة لهذه الزيادات التي يتم التوافق عليها بين الجهات المختصة. المؤسف في الأمر إن هذه الزيادات قد تصل إلى يد مستحقيها بعدما تكون تآكلت من جراء القفزات الكبيرة للدولار والسوق.

التيار

Exit mobile version