إنسان محور وراثياً

حالة يقينية تامة بعبثية الكثير من الأمور الحياتية العامة.. اختلال الكثير من القيم والأفكار مقابل قيم وأفكار جديدة وليدة رحم المفاهيم المحورة وراثياً.. فالحياة في مسارها الآني أصبحت رهينة ديناميكية لظروف لا تحفل كثيراً بالثوابت، لأن البعض قادر على هزها وجعلها مطية لأغراضه وأهدافه متى ما أراد.. لا عزاء البتة للآمال العراض التي تراكمت على خلفيات تربوية راسخة.. وداعاً لمثاليات فاضلة ومرحباً بتلك المراسم والواجهات الخواء الجوفاء ما دامت الغلابة في أخذ الأمور جوهرها السلطة والجاه.. فلا يجدي التباكي على ضيق واتساع الرؤى، فالعتمة التي تسد الأفق تستوي حيالها حالة الإبصار والعمى.. سيان الوعي والجهل ما دام معظم أمورك بأيدي من يفتي فيها بلا حقها ولا مستحقها.. وداعاً لذلك الإنسان الذي تلف أحلامه دلالات العشم.. وداعاً للاعتقاد في إيجابية القادم، فالظلامات تطوي الكل وتبلع في جوفها الأبيضاض، وتكسي الكون سواداً وحداداً دائماً.. ما بال الوجوه تغطيها غبرة السطح وتهون فيها أغوار الأوصال.. لا فرح يتسرب إلى داخلها إلا شابه الحزن المتجذر.. فالفرح النبيل صار لا يحدث أثراً إلا عندما يمتليء ويفيض بالألم والأوجاع والمحن.. لا كبير ولا صغير يأبه لما يدور ما دام اليوم يمر وغداً آتٍ، فلتذهب الثواني والدقائق والساعات والأيام والأسابيع والشهور والسنين إلى الجحيم.. لا شيء يبقى على مكمن أمل وطيب سعادة.. والنفوس تشهد تحوراً وراثياً كبيراً.. ملامحه لا تلمس الداخل إلا من باب تجميل الخارج والسطح.. وتصبح الدنيا مجموعة متكاملة من القشور والسطوح تغطي بروداً وفتوراً لحياة بعد أن تجمع في لازمة حياتية.. لم يعد في مقدور بعضنا أن يعيش كما يتمنى ويأمل.

٭ حالة إنسانية

عاشت معه أجمل الأيام.. حياتهما كانت مثالاً ظاهرياً لتلك الحياة التي يحلم بها العالم.. منزل فخم.. زوج وسيم ومرموق.. زوجة جميلة وأنيقة.. أبناء وبنات غاية في الجمال.. لا شيء يبدو خارج السياق.. استمتاع كامل بالحياة.. سفر رحلات الشتاء والصيف.. العواصم الغربية والعربية.. الحج والعمرة لم يفتهم في هذا الكون شيء.. فكل شيء خبروه وطعموه وعرفوه.. كانوا يلبسون أفخر الثياب ويتحدثون بلسان الحداثة في ذلك الحي العريق.. والناس ينظرون إليهم بشيء من الخيالية واللاواقعية.. كون أن حياتهم لا تشبه طقوسهم الشعبية.. وبلا مقدمات عادت حياتهم إلى الوراء سنين ضوئية عددا.. طاشت عين كبيرهم على الشابات الصغيرات وعاد بنفسه إلى مرحلة المراهقة الأولى صار اضحوكة الشباب.. «عمك المتصابي» صار لقبه بين «مضغات اللبان والعلكة».. اهزوجة السخرية ولعنة الانكسار لأحفاده وحفيداته وهي.. رغم قساوة ما حدث ما زالت تمسك ببعض الزمام.. فالمرأة أحياناً صلدة صنديدة أكثر من رفيقها الذي دائماً ما تهزه الشهوات البليدة.. ما زالت تحتفظ بتلك التقاسيم الجميلة مع حيرة كبرى تجعلها أحياناً في شكل باهت.. مذهولة مرعوبة من انحدار سيناريو حياتها إلى تلك النهايات السخيفة.. لم تجد في دواخلها أي قدرة على احترام الرفيق الذي صار «خفيفاً لفيفاً» أهو الرجل الذي كانت تعشقه يوم.. لا أنه مسخ مشوه.. لا خيط واحد يبدأ لطرف يمكن أن يجعلها تحترمه أو تقدره.. هو لا شيء.. «هبوب».. لم تستطع حتى استدعاء دمعة واحدة عليه.. وهو المسجي على عنقريب الترحيل العام ما بين الحياة والممات.. فقد ولى كما ولت أيامه الأولى ورسخت عند الناس مراهقته الأخيرة.

٭ آخر الكلام: الأيام حبلى بالدقائق الحياتية التي تجعلنا نقبل ونفرض بعضنا البعض، وكم من قربى بحكم المكان والزمان، لا تحمل في حناياها إلا البعد والشقاق والفراق.. وكم أجساد متلاصقة تحمل بداخلها نفوساً نافرة ومتباعدة.. ولكنها القشور والحياة المحورة الأصول.

مع محبتي للجميع

Exit mobile version