ضيعناك يا أسامة..!!

يقول الرواي أن الأخ أسامة عبد الله محمد الحسن وزير الكهرباء السابق كان رجلاً واسع النفوذ وقوي التأثير على مجريات الأحداث في المشهد الإنقاذي ..بجانب عمله الوزاري كان أسامة يشرف على عدد من المؤسسات الإعلامية والبحثية ذات الصلة الوثيقة بالإنقاذ..وكان واحداً من قلائل يدخلون على رئيس الجمهورية دون مواعيد مسبقة..تحت وطأة هذا الإحساس المتعاظم بالقوة كلف أسامة أحد مراكزه البحثية بإعداد دراسة تقي الإنقاذ سوء الخاتمة على مسارح الربيع العربي..حمل أسامة دراسته التي تحمل بين دفتيها وصفة التجديد وتنحي القيادات إلى مسئول رفيع..ابتسم المسئول بعد أن قلب الدراسة وأثنى عليها مثنى وثلاث.
بعد أشهر قليلة كان أسامة يواجه بعاصفة من الانتقادات داخل المكتب القيادي على إثر عمليات اشتباه بالفساد تورط فيها أحد مساعديه..في ذاك الاجتماع تم طرح أسامة كوزير لوزارة الزراعة ..امام الجرح والتعديل وسحب مظلة الحماية التي كان يتمتع بها الوزير الشاب لم يكن أمامه إلا باب السقوط بناءً على رغبة إخوته..غادر أسامة عبد الله المقعد الوزاري في وزارة الكهرباء ..ثم بدأت عملية تعقبه في كل الدوائر الحزبية..انتهت رحلة نجاح أسامة إلى إقامة هادئة في بيته المتواضع في حي جبرة جنوب الخرطوم.
الآن بوسع أي مواطن عادي أن يتحسس الفرق بين الكهرباء واستقرار الإمداد حينما كان أسامة عبد الله وزيراً وهذه الأيام..صحيح أن هنالك مستجدات وعوامل كثيرة طرأت وأثرت على استقرار الإمداد الكهربي..بشكل عام المقارنة ستكون في صالح الوزير السابق أسامة عبد الله..واحد من الأشياء التي كانت تسند الأستاذ أسامة عبد الله الذي لم يكمل دراسة الهندسة بجامعة الخرطوم هو قدرته العالية على القيادة والتنظيم..ثم بعد ذلك نفوذه الواسع الذي وجهه لخدمة أهداف العمل في المهام التي يكلف بها.
رغم أنني وأسامة يجمع بيننا عدم الاستلطاف..كان عندي دوماً رمزاً للرجل المستبد بالسلطة رغم صيامه وقيامه وزهد مظهره..وكنت عنده نموذجاً لصحفي غير موضوعي لا يرى إلا مواضع زلل الحكومة..لكن هذا لا يمنعنا أن نوفي الرجل حقه وقد بات من الجالسين على الرصيف لا نطمع في ذهبه ولا نخشى سيفه.
أعود لإعادة تقييم نجاح أسامة في العمل التنفيذي.. لم تكن السدود محطة نجاحه الأولى ..فقد سبق أن أحرز تفوقاً في إدارته للخدمة الوطنية ومن قبلها قطاع طلاب الحزب الحاكم..في كل المؤسسات التي يعمل بها كان أسامة يستصحب فريق عمل يتنقل معه من محطة لأخرى ..كان يجزل العطاء مقابل تعظيم التكاليف..ثبات الفريق العامل أُعتُبِر تكريساً لعدم المؤسسية عند هذا الرجل النشط..ولكن من وجهة نظر أخرى كان مؤشراً على قدرة أسامة على اختيار الفريق النشط والمتجانس.. وبما أن العبرة في النتائج فقد نجح أسامة عبد الله في مجال الكهرباء..سد مروي الذي يدعم الشبكة القومية بأكثر من نصف احتياجاتها كان مجرد فكرة في بُطُون دراسات متفرقة..من مكتب صغير حول أسامة الحلم إلى واقع ينير حياة الناس.
بصراحة..لن يعود أسامة إلى وزارة الكهرباء ليس لأنه وزير فاشل ولكن فقط لأنه ناجح وطموح..ليس بوسعنا غير أن نقول ضيعناك يا أسامة وأحسسنا بقيمتك في هذا الصيف الحار.

Exit mobile version