نحن والاحتباس.. الحراري!

منذ وعيت على الدنيا وأنا أكره المقالات “التعليمية”، ولا أحبها، ولا أستسيغها، لأنني أشعر معها بأنني طالب على مقعد الدراسة، أستمع لمحاضرة يلقيها أستاذ، وليس كاتب زاوية أو مقالة.. وبالتأكيد لم أتوقع أن أكتب بنفسي يوما مقالة “تعليمية”، لكنني مجبر اليوم أن أكون معكم في درس علوم على كيمياء على فيزياء على أحياء، لأننا إن لم ننتبه لهذا المدعو (الاحتباس الحراري)، فسنكون من بين الأموات، وليس الأحياء.

وسبب الحديث عن الاحتباس الحراري، أنني هربت مع حر الخليج (النيراني) إلى أوروبا، بحثا عن بعض البرد، ولم أتخيَّل أن سويسرا ستكون حرارتها 37، أي ما يعادل الخمسين في بلادنا، ومثلها روما وبرشلونة وحتى باريس ولندن وميونيخ.. فكل العواصم “ناااار”، والسبب هو التغير الغريب في الطقس والمناخ، وبالتأكيد “حزرتم” أن الاحتباس الحراري هو السبب.

ويبقى السؤال، ما هو الاحتباس الحراري؟ ولماذا يؤثر في الطقس؟ الجواب يقول إنه ارتفاع تدريجي في الغلاف الجوي للأرض في طبقتها السفلى، سببه الارتفاع المتزايد في انبعاث الغازات الدفينة أو غازات الميثان وثاني أكسيد الكربون وبخار الما وغاز أكسيد النيتروز وغازات الكلوروفلور كربون وغاز الأوزون الموجود في طبقات الجو السّفلي وأول من أطلق مصطلح الاحتباس الحراري هو العالم الكيميائي السويدي الأصل سفانتي أرنيوس عام 1896.

أما أسباب هذا الاحتباس، فمنها طبيعي، مثل تصاعد الحمم البركانية والملوثات العضوية والحرائق، وأسباب بشرية، بدأت مع “الثورة الصناعية”، مثل احتراق الوقود الموجود في باطن الأرض، واكتشفه الإنسان، من نفط وغاز وفحم، فزادت حرارة الجو وحتى الطبقات السفلية للأرض.

ولو أحببتم تفاصيل أكثر، أقول إن الجو يحتوي على 380 جزءا بالمليون من غاز ثاني أكسيد الكربون، وهو من الأسباب الرئيسة لحدوث هذه الظاهرة، حيث كان قبل الثورة الصناعية ما يقارب 275 جزءا بالمليون، أي بزيادة 30 بالمئة عما كان قبلها، وزيادة غاز الميثان والكلورو فلورو كربون 4 بالمئة وأكسيد النيتروز 18 بالمئة (وفق إحصائيات منظمة الأرصاد العالمية)، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل ملحوظ، وارتفاع مستوى المياه في البحار، نتيجة ذوبان الجليد.

أما خطورة الاحتباس علينا، كبشر، فقد يتسبب في حدوث كوارث، نتيجة ذوبان الثلوج والجليد الموجود في القطبين، وعلى قمم الجبال، وحدوث تداخل واختلالات في فصول السنة، كما نرى الآن، وقد يستبب في انقراض الطيور والحيوانات، وخاصة التي تعيش في المناطق الجليدية، مثل البطريق والدب القطبي، ومدى صعوبة تأقلمها مع الارتفاع المستمر لدرجات الحرارة، يساهم بزيادة انتشار الأمراض الخطيرة، مثل الملاريا والكوليرا وحمّى الضنك، بسبب هجرة الحشرات وارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، بالإضافة إلى انخفاض الإنتاج الزراعي، وارتفاع نسبة الأراضي القاحلة، نتيجة الجفاف.

المشكلة معقدة جدا، لأن مَن اخترع الاحتباس الحراري، هو الإنسان ودوله المتقدمة، وهم أنفسهم مَن يرفضون حلها جذريا، لأنه سيؤثر في صناعاتهم وتفوقهم ورفاهيتهم، لهذا يتباحثون منذ سنوات طويلة، وتقف دائما أميركا حجر عثرة في وجه كل المحاولات الدولية للحد من انبعاث هذه الغازات (الصناعية المنشأ).. وحتى يجدوا حلولا لها، فقد يتمكن بعضنا من اكتساب اللون البرونزي أو البرونزاج في القطب الجنوبي أو الشمالي.

كل شيء وارد، ويا خبر بفلوس بعد كم سنة راح يبقى ببلاش.. هذا لو أعطانا الله عمرا لنعرف.

Exit mobile version