الجوائز تصنع نصوصا لا كتّابا

بعيدا عن الاتهامات التقليدية التي تلاحق مصداقية الجوائز الأدبية في العالم العربي، هناك من يتساءل عما تقدمه هذه الجوائز من دعم مادي ومعنوي للفائز بها، وكيف يعيش هؤلاء الكتاب والأدباء حياتهم الجديدة؟

هذه التساؤلات ناقشها كتاب وروائيون فازوا خلال مسارهم الإبداعي بمختلف الجوائز الأدبية، في ندوة أدبية بعنوان “مسألة الجوائز الأدبية العربية” ضمن فعاليات المهرجان الدولي للأدب وكتاب الشباب الذي تختتم فعالياته غدا الأربعاء بالعاصمة الجزائر.

وبخصوص الروائي الجزائري واسيني الأعرج، الذي نال عدة جوائز داخل بلاده وخارجها، فإن الجائزة هي اللحظة الجميلة التي تمنح للكتاب، “وبعد ذلك يأخذ الكتاب طريقه وينتهي الأمر”.

وفاز الأعرج بجائزة الرواية الجزائرية 2001، و”المكتتبين الكبرى” 2006 عن روايته “الأمير” والتي تمنح عادة لأكثر الكتب رواجا واهتماما نقديا، إلى جانب جائزة الشيخ زايد 2007، وفاز مؤخرا بجائزة “كتارا” للرواية العربية في قطر، وذلك في نسختها الأولى عن روايته “مملكة الفراشة”.

وفي رأي الأعرج، فإن الحصول على أية جائزة أدبية أمر مهم، ويساعد على التعريف بالنص، ويدفع به في سياق الحركية القرائية في المجتمع.
أزمة المقروئية
لكنه شدد في حديث للجزيرة نت على عدم إعطاء الجائزة أكثر مما تستحق، لأنها “لا تصنع كاتبا، قد تصنع نصا، وقد تسمح لهذا النص بالتحرك بشكل جيد، وتسلط بعض الأضواء عليه، لكنها لا تصنع الكاتب، فالكاتب تصنعه الكتابة، والجهد الذي يبذله في سبيل إنتاج نص متميز”.

وعن مساهمة الجائزة في انتشار أعمال الكاتب بعد فوزه، يرى الأعرج أن دور الجوائز محدود بالنظر إلى إشكالية مجتمعية أعمق تتعلق بأزمة المقروئية في العالم العربي.

ويشير إلى أن الأديب في الدول الغربية يجد أن عمله تجاوز سقف نصف مليون من المبيعات بعد أسابيع قليلة من تتويجه بجائزة، بينما في العالم العربي فإن المبيعات في أحسن حالاتها لا تتجاوز بضعة آلاف، والسبب في ذلك أن نسبة الأمية في العالم العربي تبلغ 70%، حسب تعبيره.

وإن أسهمت الجوائز في منح الفائز بها نوعا من الاعتراف في مجتمعه، فهو أمر مطلوب وسلوك إنساني جميل كون الأديب صورة عاكسة للحركية الأدبية ببلاده، حسب الأعرج.

إلا أن هذا الاعتراف في رأيه يبقى أمرا ثانويا، لأن الأهم هو استمرار الأديب في تقديم نصوص متميزة تشع بنورها بين القراء.

وكشف الأعرج أنه لأول مرة يحظى باستقبال من طرف وزارة الثقافة ببلاده بعد فوزه بجائزة كتارا للرواية العربية في قطر.
محطة فارقة
أما الروائي الكويتي الشاب سعود سنعوسي، فقال إن تتويجه بجائزة البوكر العربية عام 2013 مثّل محطة فارقة في مسيرته.

ويقول إن فوزه بجائزة الدولة التشجيعية في الكويت 2012 أسهم في تقديمه للقارئ المحلي، بينما البوكر قدمته للقارئ العربي، وأسهمت بشكل كبير في نمو قاعدة مقروئيته.

وعن الثقل المعنوي الذي تفرضه الجوائز الأدبية على الفائزين بها بشعور البعض بضرورة تقديم كل الأعمال الأدبية التي تتبع الجائزة في صورة تضاهي في جودتها النص المتوج، قال سنعوسي إنه شعر في البداية بنوع من عبء فرضته سطوة الجائزة عليه، لكنه سرعان ما تحرر منه.

أما الشاعر والروائي الجزائري فيصل الأحمر فأكد للجزيرة نت أن الجوائز رغم تواضع عائدها المادي فإنها منحته وهجا وحضورا أكثر، كما منحت له تسهيلات في نشر أعماله.

ويقول الأحمر إن اسمه كان حاضرا في المشهد الأدبي قبل تتويجه بعدة جوائز أهمها “مفدي زكريا المغاربية للشعر”، و”سعاد الصباح”، وجائزة “علي معاشي” للقصة القصيرة التي يرعاها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة

الجزيرة

Exit mobile version