مسلسل فتح الرحمن.. الحلقة الاولى: التسوي بي ايدك

دائما ما اطلق عليه لقب الرجل الغامض—فبالرغم من انه يسكن غير بعيد من منزلي المتواضع —فأنا لا أعرف عنه شيئا—غير أنني أصادفه يوميا وهو يدخن سيجارة —يكون في تلك اللحظات واقفا أمام باب الفيلا الضخم وسارحا بنظره الى البعيد —ويثير منظره استغرابي اذ أنني نادرا ما أصادف شخصا يدخن هذه الأيام –وكذلك يبعث تدخينه في الخارج احتراما له في نفسي فيبدو انه لا يريد ايذاء أسرته ولا ان يصير قدوة سيئة لأطفاله—ولكني في المقابل لم أشاهده يوما يتحدث مع احد –فبرغم صغر سنه –فهو يعطيك ملامح بداية الثلاثينيات—فهو يصر على ارتداء البدلة الكاملة فيوحي منظره بانه يعمل في احد البنوك أو مكاتب المحاماة—يقود عربة ضخمة من عينة الفورويل –الحقيقة اصبح أحد ملامح الطريق الثابتة وكذلك الجامدة اذ لم يجمعني به حدث حتى كان صباح اليوم—رأيته يتحدث بعصبية مع أمرأة كبيرة في السن – نفسي تحدثني بأنها والدة زوجته –اذ كان يقول لها –( انا ماشي بلدي —مش البيت دا ؟ أنا فايته ليكي انت وبتك)—يبدو انه يسكن قريبا ..اذ انه فتح باب العربة بعنف—وقادها بسرعة أثارت غبارا ملأ عيني حتي توقفت عن المشي—وكانت المرأة تقول له (هوي يا فتح الر حمن—انا ما بتهدد)—كنت ادعك عيني من الألم —عندما رفعت رأسي الى الأعلى —رأيت شبح امرأة شابة من خلف زجاج البلكونة—يبدو انها زوجة فتح الرحمن—كانت تتابع العربة بملامح حزينة—ثم فجاة انتهى المشهد كما بدا—فقد اختفت العربة –وتوارت الزوجة –وظلت النسيبة فترة من الزمن تطنطن بما لم أستطع سماعه —تفسيرات كثيرة قفزت الى رأسي—ولكن يبدو من قرائن الاحوال أن فتح الرحمن من بيئة بسيطة تزوج هذه الفتاة التي يبدو على ملامحها انها تحب زوجها ولكنها ضعيفة الشخصية امام سطوة والدتها صاحبة الفيلا—ولكن السؤال هو—ما الذي فعله فتح الرحمن استوجب غضب (النسيبة) الى هذه الدرجة؟ (يا ربي يكون غمس البسكويتة في الشاي قدام الضيوف وأحرجهم؟)—دي زعلة قوية لدرجة خلى البيت وماشي البلد —التي أعتقد ان بها أسرته فهو يريد أن (يحرد عند الحاجة )—الفوارق الطبقية بدأت تطل برأسها في مجتمعنا –وذلك نتيجة طبيعية لاختفاء الطبقة الوسطى فصار هناك أناس فوق الى درجة لا نتخيلها وناس تانيين (بتموا خيال)—مما قادني الى سؤال أخر هل تكفي العاطفة فقط لبناء اسرة متماسكة ؟؟ ام يجب ان نستصحب مستجدات اخرى!!!! والموقف ألذي شاهدته ترى كيف سينتهي؟ ان كان ثمة شئ يجب حدوثه فهو ان تخرج النسيبة من هذا الأمر برمته وتدع فتح الرحمن وزوجته يحلان المشكلة مهما كانت—الا اذا كانت المشكلة مع النسيبة ذاتها—يبقى فتح الرحمن ينطبق عليه المثل المصري (دبور —زن على خراب عشه)—المفارقة التي أضحكتني وأخرجتني من التفكير العميق –أن مسجل ادم سيد الدكان كان يغني (حد يشعر بالسعادة ويمشي يختار البعاد)—وصباحكم خير

د. ناهد قرناص

Exit mobile version