إطلاق سراح قلم

بقدر ما يستاء الصحافيون ويحزنون إذا ما مسَّ مهنتهم أي ضرر، فإنهم كذلك يسعدون ويفرحون اذا ما أزيل عنها أي ضرر يقع عليها، وظني أن هذه قاعدة عامة لدى الصحافيين كافة مهما كان موقف أياً منهم من الصحيفة المضارة أو زميلهم المضرور، فيما خلا من كان في قلبه مرض أو غرض أو أجندة لا علاقة لها بالمهنة، ولهذا بقدر ما يحزن الصحافيون ويأسفون لإيقاف صحيفة أو مصادرتها بعد الطباعة أو إيقاف كاتب لمدى معلوم أو غير معلوم، فإنهم بذات القدر يستقبلون بالبشر والترحاب الأخبار التي تحمل لهم بشريات فك الحظر عن صحيفة موقوفة لتعاود الصدور مجددا أو قلم معطل ليعود للكتابة.

من الأخبار التي يسعد لها كل صحافي نزيه ونظيف وشريف، ما نشرته أمس الغراء (السياسي) عن مساع حميدة لإطلاق سراح قلم الكاتب الصحافي الدكتور زهير السراج، ويقود هذه المساعي – بحسب الصحيفة – عدة جهات اعتبارية وأشخاص ورموز صحافية مع الجهات المختصة، وتوقعت الصحيفة من واقع التفهم الذي قالت إن (الجهات المعنية) قابلت به هذه المساعي أن تنتهي الى نتيجة إيجابية، والحقيقة أن هذا المسعى الذي يبذله هؤلاء الأخيار ليس الأول من نوعه، وإنما سبقته مساع ومحاولات متعددة على امتداد الفترة المتطاولة لإيقاف زهير، كما لم تكف الصحيفة التي كان يكتب فيها الغراء (الجريدة) عن السعي الدؤوب لإطلاق قلم كاتبها، وأذكر أن آخر محاولة في هذا الصدد كانت تلك التي قام بها زملائه بــ(الجريدة) حين حملوا لافتات تطالب بإطلاقه في إحدى الفعاليات التي نظمها اتحاد الصحافيين وشرفها مساعد الرئيس وقتها البروف غندور الذي حين قرأ تلك اللافتات أعلن من على المنبر تضامنه معهم وسعيه لفك الحظر عن زهير، المهم أننا لسنا هنا لنكء الجراح وتقليب المواجع وإنما لدفع ومؤازرة هذا الجهد الخير وللتركيز فقط على الغاية النبيلة بأن لا يُحرم صحافي من ممارسة مهنته ولا كاتب من فعل الكتابة ولا جريدة من الصدور أو حرمانها من معانقة قرائها كل صباح إلا بموجب حكم قضائي عادل ونزيه، وإن كان لنا من كلمة نوجهها في الختام، فلن تكون لغير مجلس الصحافة الجديد الذي يعكف حالياً على إعداد مسودة قانون جديد للصحافة، ولن نزيد في كلمتنا له غير أن نذكره بكلمتين ضافيتين لهرمين من أهرامات العمل الصحافي والإعلامي هما البروف شمو الرئيس السابق لمجلس الصحافة وعميد الصحافيين وشيخهم المخضرم محجوب محمد صالح.. البروف شمو حين ساءه الحال الذي عليه الصحافة من حيث تكاثر (أسيادها) وتكالب عدة قوانين عليها ووقف مجلسه المكبل متفرجاً على هذا الوضع المأساوي، شكا بالصوت الجهور من ضعف المجلس وهوانه وضياع هيبته جراء هذا الوضع الغريب الشاذ الملتبس، وأما العميد محجوب فقد وصف حالها الماثل بالأسوأ على امتداد تاريخها الممتد.

Exit mobile version