عجائب وغرائب!

اقرأوا من فضلكم أحوال دولة جنوب السودان التي اختار شعبها الانفصال عن السودان بنسبة 98% قبل أن ترفعوا أصواتكم بالثناء على الله رب العالمين الذي أراحكم من وحدة الدماء والدموع التي تجرعنا جراءها الويلات وأن ترفعوا أكفكم بالدعاء لهذه البلاد أن يجنبها الحروب والأوبئة والفتن ما ظهر منها وما بطن فقد كشفت التقارير الصادرة من الأمم المتحدة في الشهر الماضي عن وجود ما يقرب من ثمانية ملايين جائع في دولة جنوب السودان أو 70% من أصل 11،6 مليون شخص هم عدد سكان جنوب السودان بينما اعترف وكيل وزارة الشؤون الإنسانية كلمنت تعبان دومينيك بوجود 4،610،000 شخص يواجهون خطر المجاعة في تلك الدولة التي تئن تحت وطأة الفقر والجهل والمرض.
معلوم أن الكوليرا تفتك بدولة جنوب السودان وقد مات جراء ذلك المرض اللعين المئات مما كتبنا عنه خلال الأيام القليلة الماضية وعن الاحتياطات ااتي اتخذت للحيلولة دون تسرب المرض إلى السودان كما كتبنا عن الأمراض الأخرى بما في ذلك الايدز الذي شهد جنوب السودان وتحديدًا مدينة أنزارا ظهور اول حالة اصابة به في العالم .
د. سمية أكد وزيرة الدولة بالصحة شددت أمس الأول خلال اجتماع اللجنة العليا للسيطرة على وباء الكوليرا ومنع دخوله من دول الجوار على ضرورة مراقبة كافة القادمين عبر الحدود والكشف الطبي عليهم واستعرض الاجتماع تقارير الفرق الفنية التي وقفت على الأوضاع الصحية في الولايات المحادة لدولة جنوب السودان سيما بعد أن تبين من خلال التقارير تزايد أعداد الوافدين من تلك الدولة.
من المعلوم أن الحرب الأهلية على أشدها بين القبائل الجنوبية وتحديدًا بين القبيلتين الكبريين الدينكا والنوير اللتين ينتمي إليهما الرئيس سلفاكير ونائبه السابق فبل اندلاع الحرب (رياك مشار) وقد مات عشرات الآلاف وشردوا جراء تلك الحرب ويعاني السودان من هجرة غير مسبوقة من تلك الدولة للدرجة التي جعلت السلطات المختصة تقيم معسكرات للاجئين الجنوبيين في مناطق مختلفة من العاصمة مع وجود أعداد هائلة في الولايات الحدودية خاصة النيل الأبيض وسنار.
لطالما كتبنا عن الخطر الذي تشكله الهجرات الكثيفة للاجئين من دول الجوار سواء من الحدود الجنوبية أو الشرقية أو الغربية على أمننا القومي والصحي بالنظر إلى أن السودان يعاني من حروب في بعض أجزائه تجعله عرضة لمحاولات زرع خلايا نائمة وتهريب أسلحة يمكن أن تخبأ من قبل الحركات المتمردة لاستغلالها عند الحاجة إليها من الجهات التي تضمر الشر للسودان وشعبه واستقراره السياسي.
بالرغم من كل ما أصاب السودان من موت ودمار وتخلف واضطراب سياسي جراء تلك الوحدة الملعونة قبل الانفصال وما أصاب دولة الجنوب المنفصلة التي أثبتت الأيام عجز مواطنيها عن العيش مع بعضهم بعضًا ناهيك عن أن يعيشوا مع (المندكورو) الذي يبغضون والذي فارقوه بإرادتهم الحرة وبالإجماع، بالرغم من ذلك وبالرغم من قرار أبناء الجنوب فرز عيشتهم منا لا يزال هناك من أفراد قبيلة النعام من يذرفون الدموع على الوحدة بل دهشت أن بعض السابحين في الأوهام لا يزال (يحلم) بعودة الوحدة بين الشمال والجنوب بدمائها ودموعها وتخلفها وبؤسها وعذاباتها.
آخر هذه الأوهام المجنونة قرأتها في تصريح لكمال عمر الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي والذي دعا، وكأنه يعيش في كوكب آخر، دعا إلى (الغاء التأشيرة وفتح الحدود بين السودان ودولة جنوب السودان وتحقيق تواصل حقيقي مع الجنوبيين) !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
بالله عليكم اليس الأجدر بي أن (أعمل) مائة علامة تعجب من هذا القول العجيب وهل أعجب من أن يطالب بفتح الحدود مع الجنوب بالرغم من كل الظروف المحيطة به مما أوردنا جزءًا منه في هذا المقال وكأننا ناقصين؟!
فتح الحدود والغاء التأشيرة (لتحقيق تواصل حقيقي مع الجنوبيين).. وهل الكلام بقروش! أهو كلام والسلام لا يهم إن كان منطقياً وقائماً على حيثيات موضوعية أم لا !
يا اخوي كمال أعلم أن لك مشاعر وعاطفة خاصة تجاه الجنوب الذي عشت فيه فترة من الزمان أيام الطفولة لكن عليك أن تعلم ان أكثر المساندين للانفصال من ابناء الشمال هم من العسكريين الذين خاضوا غمار الحروب وعلموا ما ينطوي عليه الحنوب من مشاعر مبغضة منذ تمرد توريت الذي مات جراءه المئات من الشماليين نساء ورجالاً وأطفالاً قبل ان يخرج الانجليز من السودان وينال استقلاله في اول عملية تطهير عرقي يشهدها السودان في تاريخه الحديث.

Exit mobile version