ربيع عبدالعاطي :والله العظيم لا أنال مليماً من الوطني.. وأكل من سنامي

# والله العظيم لا أنال مليماً من الوطني.. وأكل من سنامي
# حديث الرئيس عن ضعف الحزب يحرجنا جميعاً
# أعرف وزراء وولاة سابقين لا يجدون ما يكفي معيشتهم

# كيف تنظر لمغادرة القيادات والرموز الإسلامية مواقع القيادة في الحزب والدولة؟
– سواء أكانوا داخل أو خارج الحكومة، ينبغي أن يكونوا مرجعيات نستفيد من تجاربها وخبراتها، وإذا كانت هناك  أخطاء نتجاوزها، وإن كانت هناك توجهات صحيحة نبني  عليها.
# هل كان خروجهم خطوة موفقة وفي الاتجاه الصحيح؟
–  أنا أعتقد أن خروج هذه القيادات بهذا الشكل مع عدم اعتماد منهج تواصل الأجيال لم يكن خطوة صائبة، كان يفترض قبل خروجهم أن يتم اعتماد سلسلة من الذين يخلفونهم من الذين  تدربوا واكتسبوا خبرات، ولكن حتى الآن لم يضع شيء ويمكن  أن يستفاد من تلك القيادات، فهم لا يجب أن يجلسوا في منازلهم  بل ينبغي أن يستفاد من تجاربهم وخبراتهم، وهم لم يغادروا عالم السياسة ولم تسد أمامهم كل الثغرات.
# هل لازالوا يتمتعون بذات التأثير القديم؟
– لا أعتقد أنهم فقدوا تأثيرهم، فالأمر أمر شورى واسعة، وهم لم يعزلوا عن العمل العام تماماً، ولكن لم تعد المنصات الرسمية هي التي يمكن عبرها الاستفادة منهم.
# يا دكتور ما هو تقييمك للأجهزة الإعلامية الرسمية والقيادات التي على رأسها؟
– أنا أعتقد أن الدولة تحتاج لمستودعات تفكير تعتمد عليها، أنا الآن لست راضياً عن الأداء الإعلامي الرسمي.
# لماذا.. ما هي الإشكالات في الإعلام  الرسمي؟
– الإشكالات أنه ليست هناك مستودعات تفكير، وليس هناك تواصل بين القيادات الإعلامية، وهناك اختيارات لبعض القيادات يعوزها نوع من التناغم، هناك اضطراب في القرار  الإداري الإعلامي، وهناك ضعف وإرباك كبير جداً في الأجهزة الإعلامية الرسمية وحتى الخاصة، تسببت في إرباك  للرأي العام، وهذا يحتاج إلى إعادة نظر.
# ما هي أسباب هذا الضعف والإرباك.. هل هو عدم كفاءة  القيادات التي تقود أجهزة الإعلام الرسمية؟
– السبب ليس عنصراً واحداً، وإنما مركبات كثيرة، منها سبب عدم الكفاءة الذي ذكرته، وفيها جوانب وأسباب أخرى، وليس من السهل تحديد سبب واحد نقول إنه السبب الرئيسي وراء هذا الضعف.
# هل هذا يعني أن المؤتمر الوطني تعوزه الكوادر والقيادات  الإعلامية المؤهلة؟
– من الإشكالات أن الإعلام ليس كغيره من المهن، فهو خبرة متراكمة، فمثلاً الذي يكتب فقط عموداً يومياً في الصحف في الدول الغربية لا يقرأ له الناس، ويتلقفون ما يكتب إلا بعد  أربعين عاماً، ويكون معه عشرات المساعدين والمتدربين يمدونه بالمعلومات، لذلك الإعلاميون لا يصنعون، إنما يأتي الإعلام بالخبرة المتراكمة.
# لماذا يصر “ربيع عبد العاطي” على أن (يشيل وش القباحة) بدفاعه المستمر عن الإنقاذ..  حتى عن الأخطاء.. ويتحمل قدراً كبيراً من الهجوم والسخرية؟
– بعض الناس يقبحون الجميل، ويجملون القبيح، ما تراه أنت  قبيحاً قد يراه آخرون جميلاً، من الجمال أن تدافع عن مبدأك وعن فكرتك وعن عرضك وبيتك، وقد ينتقد دفاعك هذا من يريدون اختراق وتدمير بيتك.
# دكتور في ظل المعاناة التي يعيشها الشعب تأتي أنت لتدافع بعنف عن سياسات نظام يجد سخطاً مقدراً إن لم يكن واسعاً من قطاعات الشعب المختلفة.. ألا تشعر بتأنيب الضمير؟
–  الكلام على إطلاقه عن سخط واسع وكبير لا يجوز أصلاً، فهناك من يقول إن الإنقاذ أنجزت، فقط هناك أصوات عالية، لكنها قد تكون قلة قليلة جداً، تقول بغير ذلك وهي كالطبول، فأنت عندما تدافع عن مبادئك تجد من يؤيدك، وفي أغلب الأحيان وما أكثر الناس، ولو حرصت بمؤمنين، ولكن عموماً  المعارضة مهما كانت صغيرة فصوتها عالٍ، وهي التي تطلق الكلام على عواهنه.

 

# كأنك لا ترى أبداً أخطاء في حزبك وحكومتك؟
– المؤتمر الوطني ليس جماعة ملائكة أصلاً، ولا هو مقدس، ولكن أرى أنه من الصواب إن كنت تنتسب إلى جماعة وجسم معين أن تسعى لإصلاح هذا الجسم من الداخل وأن لا تخرج عنه.
# أنت تتحدث كثيراً ولكن لا يسمعك الناس إطلاقاً.. تتحدث عن سوءات الإنقاذ وأخطائها.. هل تكتفي فقط بالحديث داخل الحزب؟
– لا.. أنا حتى هذا الصباح في (التلفزيون القومي) وجهت انتقاداً لبعض سياسات الإنقاذ، وهناك نقد عام يمكن توجيهه عبر الصحافة، فأنا لا أتردد في انتقاد المسؤولين، ولكن لا يمكن أن نساوي بين النقد الداخلي والنقد  الخارجي، وأيضاً لا يمكن الدفاع عن الباطل، وإن كانت هناك فرصة لإصلاح  داخلي، فهذا أفضل من أن  ننشر الغسيل، فنشر الغسيل ليس مفيداً.
# الإنقاذ أعلنت مؤخراً اعتماد منهج الشفافية وأنت لازلت في محطة الخوف من نشر الغسيل؟
– أنا لديّ فرصة واسعة لأقوم بالنقد داخل المعمل، فلماذا أقوم به خارج نطاق المعمل؟ حتى لو كان الاستماع للنصائح قليلاً.
# يا دكتور أنت تهرب من مواجهة الحقائق ومساوئ الإنقاذ عبر إجراء مقارنات مع الأنظمة السابقة خاصة فترة “الصادق المهدي”؟
– لا ليس هكذا، ولكن أنا عندما أتحدث أُجري مقارنات لأوضح كيف كنا وكيف أصبحنا، وكيف كانت الطرق في الثمانينيات والسبعينيات وكيف نحن الآن، وكيف اتسع التعليم، وكنا نصل الشمالية في سبعة أيام والآن في ثلاث ساعات.
# هل يعني هذا أنه يعجبك حال البلد الآن؟
– لا هذا لا يعني بالتأكيد أنني راضٍ عن الإنجازات وأنها  مرضية بنسبة (100%)، بل هناك تحديات كثيرة وهناك مشاريع تستوجب الإصلاح، ولكن هناك حقائق يجب الاعتراف بها أنه قبل مجيء الإنقاذ كان الرصيد في (بنك السودان) (100) ألف دولار فقط، ولم تكن هناك اتصالات، ومن يتحدثون عن ضخامة الديون الآن عليهم أن يعلموا أن الدول قبل الإنقاذ أحجمت عن منح السودان ديوناً، لأن الاقتصاد كان منهاراً والبلد مخربة، وليس فيها غذاء ولا دواء ولا كهرباء، هذا الذي أتحدث عنه، ولكني في الداخل أتحدث عن ضرورة الاستماع للجماهير.
# بمناسبة الاستماع للجماهير.. ألا تشعر يا دكتور بمستوى الضنك وشظف العيش الذي تعيشه هذه الجماهير وأنت تدافع عن الحكومة؟
– أيوا.. نعم.. أشعر بهم، فهناك متغيرات ومطلوبات جديدة وكثيرة يحتاجها الشعب، والآن الإنقاذ مطالبة بمضاعفة جهدها عشرات المرات، ولكن هذا لا يعني أن ندمر، بل يجب أن نبني  على الموجب، ونزيل السالب، فلغة الإصلاح مختلفة، ولكن هناك من يريد أن يدمر ليبني من الصفر.
# بلغة الشارع.. ناس المؤتمر الوطني (ناس مرطبين  ومروقين) لذلك لا تشعرون بمعاناة الشعب الذي بالكاد يأكل ويشرب.. وتصفون أي مطالبات لتحسين الأوضاع بأنها محاولات للتخريب؟
– هل الذين يركبون الآن السيارات (الحايمة) في الشوارع، والناس الذين يشترون من البقالات كلهم مؤتمر وطني؟ هذه  مبالغات، الآن رجال الأعمال الذين يملكون ملايين الدولارات، إن حسبتهم فلن تجد (5%) منهم مؤتمر وطني.
# أنا أسألك عن المساكين والبسطاء الذين يعيشون في الأطراف والولايات؟
– أنت تحدثت عن (المرطبين)، ولكن والله العظيم أنا أعرف وزراء وولاة سابقين لا يجدون الآن ما يكفي معيشتهم.
# وهل هؤلاء ينتمون للمؤتمر الوطني؟
– نعم ينتمون للوطني، وأنا أعرف ناس مؤتمر وطني الآن هاجروا.
#  أنت مثلاً الآن مؤتمر وطني ولست مسؤولاً.. ولكن هل تعجز عن توفير متطلبات المعيشة؟
– أنا شخصياً (القاعد قدامك ده)، والله العظيم لا أنال أي مرتب أو أموال من المؤتمر الوطني، والله أنا كنت مغترب (14) عاماً، والله الآن أكل من سنامي، أنا لي أكثر من ثماني سنوات لا أنال مليماً واحداً، وأتحدى كل الذين يتحدثون عن أني أدافع عن الإنقاذ لأجل المصلحة، فقط أدافع خوفاً من أن  ينهار هذا السقف على أصحابه.
# يا دكتور الآن كلام الرئيس “البشير” عن ضعف الحزب أحرجكم تماماً أنتم من تدافعون عن الحزب وتدعون قوته؟
– أنا سعيد جداً بكلام الرئيس، لأنه أخرج الذي كان تحت الطاولة إلى العلن، وأخرج الذي كنت أقوله بالداخل.
# لكننا لم نسمع منكم مثل هذا الكلام إلا بعد أن أقر به الرئيس؟
– لا، أنا كنت أقول داخل المؤسسات إنه لابد من إصلاح وعدم ازدواجية المناصب، وأن يتحرك الوطني بكل كوادره وليس بمجموعة محدودة من الكوادر، وأنه لابد أن نكشف أصحاب المنافع والمصالح، وأن نقدم أصحاب المبادئ.
# هل هذا إقرار بأن الوطني أصبح يقدم أصحاب المصالح على أصحاب المبادئ؟
– الضعف الذي أشار إليه الرئيس فيه كثير من الجوانب التي كنت أقولها.
# لكنه كشف عن ضعف حتى على مستوى  القواعد.. وكأن الحزب رأس بلا جسد؟
– نعم، دائماً ما يحدث في القيادة ينسحب على القاعدة، فكلما أصاب القيادة ضعف، فإن ذلك بالتأكيد سينسحب على القاعدة.
# ولكنكم كنتم تفاخرون بامتلاك ستة أو عشرة ملايين من العضوية المنظمة والملتزمة؟
– أنا على قناعة أنه لو كان هناك عشرون صابرون لغلبوا مائتين، أنا أصلاً لا أعول على الكثرة، هذا غثاء كغثاء السيل، أنا أعول على الرجال أصحاب المبادئ والقيم.
# يا دكتور وصل نقد الرئيس للحزب لدرجة تخوفه من سير الوطني نحو التلاشي.. كما حدث للإتحاد الاشتراكي.. هل  تشعرون بمدى الحرج الذي أدخلكم فيه الرئيس؟
– نعم بالتأكيد يحرجنا جميعاً، وأنا أعتقد أن الاعتراف بالذنب فضيلة، أنا كنت دائماً أخشى ألا يكون هناك اعتراف، فعدم الاعتراف فيه ذنب عظيم ويقود نحو الانهيار الكامل.
# أي اعتراف تتحدث عنه.. أنتم كنتم أيام الانتخابات تدعون بأن الوطني أكبر حزب في أفريقيا.. ولكن أتى الرئيس الآن وأدخلكم في هذا الحرج.. ليتضح أن ادعاء قوة الحزب كان مجرد كلام؟
– لكل مقام مقال، ولكن إذا القائد اعترف بالضعف، فهذا سنام الحقيقة،  وعندما تظهر الحقيقة فمن الصعب جداً أن يغالط الناس حولها، ففي كثير من الأحيان نقول كلاماً وفق معلومات معينة، وإذا تغيرت هذه المعلومات وسطعت الحقيقة، فلا مجال للمغالطة، والرجال الأقوياء هم الذين يقرون بأخطائهم ويعالجونها، ودائماً القيادة هي التي يصيبها العمى، ولكن نحن محظوظون، أن قيادتنا مبصرة ومنتبهة.
# يبدو أنكم كنتم ترفعون لـ”البشير” تقارير غير حقيقية عن أوضاع الحزب.. ليكتشف مؤخراً الضعف الذي يعيشه الوطني؟
– التقارير والمعلومات التي يتم رفعها كانت عرضة للتدقيق والفحص، وبناء عليها تم الوصول لهذه الحقيقة، فلا يمكن القول إن هذا الذي توصل إليه “البشير” بموجب اجتهاده، ولكن بموجب تحليل وفحص واختبار، وهذا الذي يجعلنا على قناعة أن هذه المسيرة ليست عشوائية.

حوار – عقيل أحمد  ناعم

Exit mobile version