نبيل غالي.. ببليومتريكا إبراهم إسحق

بحسب (بثينة الجيزاوي)، فإنه ما إن قدم (لوتكا) تجربته حول الإنتاجية في عام 1926م عبر معادلة رياضية أطلق عليها فيما بعد (قانون لوتكا) لتحليل إنتاجية المؤلفين بغرض معرفة عدد الذين لديهم مساهمة أكبر في تقدم العلوم والآداب والفنون، والذي يعتمد إحصاء المقالات والمؤلفات والبحوث والدرسات وفقًا لقانون تربيعي عكسي، ولنفترض أن هناك عدد (١٠٠) مؤلف كل منهم أنتج مقالة واحدة في موضوع معين و(٢٥) مؤلفًا أنتج كل منهم مقالتين، و(١١) مؤلفًا أنتج كل منهم ثلاث مقالات و(٦) مؤلفين أنتج كل منهم أربع مقالات، فإن العلاقة التحليلية بينهما تتضح في المعادلة (1: n : n2). ما إن قدم (لوتكا) نظريته حتى جاء برادفورد بمعادلة أخرى على الصيغة التالية: إذا ما رتبت الدوريات العلمية تنازلياً بالنسبة لإنتاجية المقالات حول موضوع معين فإن هذه الدوريات يمكن تقسيمها إلى نواة من الدوريات الأكثر تخصصا في الموضوع ومجموعات أخرى أو مناطق (Zones) تحتوي على نفس العدد من المقالات الموجودة في النواة حسب المعادلة التالية: (1: n : n2)، إلا أن العالم اللغوي (جورج زيف) أنتح أشهر قانون في هذا الصدد المسمى بالببليوممترية يتعلق بتكرار الألفاظ في النصوص.
وعلى هذا النسق، صدرت للأستاذ نبيل غالي الطبعة الأولى من كتاب (إبراهيم اسحق ومشروعة الإبداعي)، وهو عبارة عن دراسة ببليومترية وثائقية لمجمل إبداعات الروائي الكبير، متوسلاً إلى ذلك بكافة الأساليب الإحصائية والقياسات الكمية المستخدمة في دراسة الخصائص البنيانية للإنتاج الفكري، من أجل معرفة نقاط الضعف والقوة في هذا الإنتاج.
جهد كبير ومقدر بذله الأستاذ (غالي)، لإنجاز هذه الدراسة (التوثيقية) المهمة والنادرة في تاريخ (توثيق) المنتج الأدبي والعملي والفكري في السودان، إذ اشتملت الدراسة (الكتاب) على توثيق ما نُشر للروائي الفذ (إبراهيم إسحق) من قصص بالصحف السودانية، علاوة على (كشّاف) بعناوين مقالات له وحوارات أُجريت معه، وكما ورد في مقدمة (الببليومترية)، فإن الكاتب بذل في ذلك جهداً مضنياً كان ليحتاج إنجازه إلى فريق كامل كونه الدراسة تغطي أعمال الروائي في الفترة ما بين 1969م إلى 2015م.
بطبيعة الحال، فإن هذا الجهد العظيم ينبغي أن يجد كل الثناء والتقدير، بيد أنني لست بصدد ذلك، وإنما بصدد التنويه إلى أننا بحاجة إلى المزيد من مثل هذه الجهود كوننا ضمن (دنيا) تهتم بالتوثيق وبالإحصائيات والأرقام في المجالات كافة، الأمر الذي سيساهم راهناً ولاحقاً في مراكمة مراجع مهمة تُيسر للدارسين والباحثين الحصول على المعلومات في المجال الذي ينشطون فيه، وبالتالي فإن (نبيل غالي) يضع بمنجزه هذا بين يدي الأكاديميين والنقاد نظام معلومات سيساهم بلا شك في الارتفاع بمستوى فعالية أنشطتهم في تحليل البيانات المتعلقة بالوثائق لمعرفة خصائص عمليات تداول المعلومات.
ببليومتريكا (نبيل غالي) الموسومة بـ (إبراهيم إسحق ومشروعة الإبداعي) دراسة وثائقية لا غنى عنها لكل من الدراسين والنقاد والقراء والمهتمين بالإنتاج الفكري والإبداعي بمستوياتهما وتجلياتهما كافة.

Exit mobile version