حينما اعطت اشارة المرور اللون الاحمر بأحد شوارع الخرطوم توقف العم سليمان عبد القادر وكأنه ينتظر تلك الاشارة ليسند ظهره قليلاً بعد ارهاق يوم طويل وترك مقود السيارة من بين يديه، وما هي الا برهة حتى أعلنت الاشارة الخضراء عن السماح لاصحاب السيارات مرة أخرى لكن يبدو أن عم سليمان ذهب في غفوة لم يصح منها الا بعد أن وصل الى مسامعه صوت احد الشباب ينادي عليه منزعجاً: (يا عمنا ابرما ابرما خلينا نتخارج)، وبالفعل أسرع مغادراً لكن العبارات التي أطلقها الشاب ظل يرددها بحثاً عن معنى لها، لكن تساؤلات عم سليمان لم تدم طويلاً فحينما دلف الى داخل منزله وصل الى مسامعه صوت مغن يردد ذات الكلمة قائلاً: (أبرما أبرما على مسئوليتي أبرما) هنا توقف منادياً على نجله محمد ليعلم منه ما يدور حوله.
وربما تكون الدهشة والوجود التان أصابتا عم سليمان هي حال الكثيرين الذين وقعت أعينتهم على فيديو الواتساب لرجل ينادي على صديقه بأن يحاول ارجاع سيارته للخلف، في تصرف جاء دون قصد حيث لم يضع ذلك الرجل في حسبانه أن يستغل البعض كلمة ابرما ويصنعون منها قصصاً وحكايات امتلأت بها مواقع التواصل الاجتماعي الى جانب الفيديوهات التي أطلقها البعض والتي تقلد مشهد ذلك الرجل.
الشاعر المرهف والكاتب الصحفي سعد الدين ابراهيم ابتدر حديثه حول الموضوع قائلاً: للأسف بات الفضاء الاسفيري مفتوحاً وبدلاً من أن يطور أدوات وثقافة الشباب تم استغلاله بصورة أكثر من سيئة تنم عن ضحالة التفكير وأصبح الترويج عبره لأشياء صادمة على شاكلة علي كبك وأبرما ولا ندري ماذا تحمل لنا الايام المقبلة، وواصل سعد الدين حيدثه قائلاً: ان المسألة تحتاج الى معالجة مباشرة تبدأ من الأسرة والمدرسة والجامعة والاعلام لأن ما يحدث سلوك تربوي يجب الوقوف عنده وعدم تجاوزه.
الكاتب الرياضي حسن فاروق صاحب زاوية (أصل الحكاية) بصحيفة الرأي العام أشار الى أن العالم تغير حتى أًصبح عبارة عن غرفة صغيرة تتداول فيها الاخبار ومقاطع الفيديو بشكل يميل للسخرية والمداعبة والتسلية وليس من باب الفراغ كما يذكر البعض، ولم يبد فاروق امتعاضه من تلك الظواهر.
الباحثة الاجتماعية دلال عبد الرحمن كشفت عن استيائها البالغ من ما تتناقله المواقع الاجتماعية بين اليوم والآخر، مشيرة الى أن الفراغ وعدم الوعي الكامل أسباب أساسية في ما يحدث من استغلال سئ للوسائط التقنية ويسئ الى ثقافتنا لدى الشعوب الاخرى قائلة: استفزني فيديو لبعض الفتيات وهن يرددن جملة أبرما دون الاعتبار لذلك الرجل ودون الاعتبار لكونهن شابات ومن الممكن أن يسيء ذلك الفيديو لهن ولأسرهن التي أحسنت تربيتهن، وأشارت دلال في حديثها لضرورة أن تبدأ حملة التوعية من داخل الأسرة للحد من السلوكيات التي تحسب ضدهن كمربيات.
صحيفة السوداني
