في المواصلات العامة الكل واجمون صامتون، لا أحد يبادر بكلمة أو ابتسامة

بعد محاضرتين على غير عادتى فى يوم السبت إمتطيت المركبة العامة المتجهة الى بحرى من قبالة مسجد الجامعة و جلست فى منتصف المركبة تجاورنى شابتان على يسارى، و جلس على يمينى رجل قد أكمل هندامه الشعبى الأبيض و إستدارت عمامته.

و مع تناقص الركاب بوصولهم وجهتهم بدأت رحلة زحفى الى مؤخرة المركبة الى أن استقر بى المقام فى مقعدها الأخير إذ أذن “الكمسارى” بوصولنا لمرفئنا و أمرنا جميعا بمغادرة المركبة، ففعلنا فى أدب و إحترام.

و لم تكن رحلتى من بحرى الى شمبات أكثر إثارة غير ذلك الشاب الذى كان يهاتف أشخاصا كلما انتهى من مكالمة إلا و شرع فى اخرى. و كانت تبدو عليه نبوغ المدراء و حنكة المخططين و صوت جهور قد غزا مسامعنا بلا إستئذان.

الكل واجمون صامتون، لا أحد يبادر بكلمة أو ابتسامة، ربما للهيب الشمس التى إنتصفت السماء محدقة فوق رؤوس الأشهاد… و بعضعم قد رحل عن مركبتنا بعيدا عبر هواتفهم المحمولة يكلمون حبيبا بعيدا أو صديقا مقربا و تركونا فى حضرة أجساد خاوية لا تكاد تحس بوجودنا قربهم.

الخرطوم: بروفيسور.. شريف فضل بابكر
21 سبتمبر 2015

Exit mobile version