الخضر بريئ حتى تثبت إدانته

من حقنا أن نحتفل، كنخب وجماهير وصحافة، بالقرار الجريئ الذي أصدره السيد وزير العدل بإعادة فتح ملفات الأراضي الاستثمارية، التي دار حولها جدل كثيف في المرحلة السابقة، غير أن تلك الملفات قد قفلت ومنع النشر والحديث حولها.. قبل أن تطمئن وسائط الإعلام والرأي العام أن خاتمتها كانت سليمة وفق القانون، للذين يقرأون بتعسف وأجندة مسبقة أكرر الجملة الأخيرة، قبل أن (يطمئن) الشارع العام بأنها قد نالت حقها من التقاضي!!

* بل إن ماعرف (بالتحلل)، أصبح وصمة ريبة في سجل أطروحة الإنقاذ برمتها وجرح غائسر لن يندمل، لم يصدق المناوؤن للحكومة أن خصومهم قد وفروا لهم هذا المسوغ الباهظ، فاستخدموه بإتقان، على أن قوم الشيخ حسن يفعلون ما يشاؤون ثم يتحللون ويستغفرون !!

* لم يكن الدكتور عبدالرحمن الخضر والي الخرطوم المنصرف وحده، بحاجة ماسة إلى عمليات إعادة فتح تلك الملفات قضائيا، بل إن (النظام) برمته كان بحاجة الى محاسبة أمام الرأي العام، فلئن كتب الله على يد القضاء براءة، فلله الحمد والمنة، ولئن كانت هنالك تجاوزات فترد الحقوق إلى نصابها أمام الأشهاد، فقديما قيل إن الرجوع إلى الحق فضيلة، تمنيت لو أن السيد وزير العدل لم يستثن قضية (مكتب الوالي) التي أقامت الدنيا ولم تقعدها، على الأقل أن حيثياتها ذات صلة بملف الاستثمار !!

* أتصور أن مهمتنا المقدسة في هذه الميديا أن نرسخ لمفهوم (دولة القانون)، على أن أي خطوة في هذا الاتجاه من قبل الحكومة يجب أن نقابلها بخطوات تشجيع ودعم، وإن أي انتكاسة في المقابل أن نتعرض إليها في حينها !!

* غير أننا غير مطالبين كسلطة رابعة بإصدار أحكام مسبقة قبل أن يقول القضاء كلمته، فهذه مهمة السلطة الأولى، السلطة القضائية، التي نحترم نزاهتها وحيدتها ولن نتدخل في أحكامها .

* فيفترض، والحال هذه، أننا نساهم في تهيئة المناخ العام للجنة التي شكلها السيد وزير العدل، والتي تتشكل من النيابة والشرطة والولاية والأراضي، وهي لجنة حسب تخصصات تشكيلها المهني والقانوني جديرة بالاحترام، ونحتاج أن ننتظر إلى مدة شهرين حتى تقول اللجنة كلمتها ومن ثم ينظر في مسوغاتها !!

* رأيت أن أرسخ هنا لمفهوم (إن الذهاب إلى ساحات القضاء والقانون) في حد ذاته سلوك حضاري، كما أن مجرد الاتهام ليس جريمة، فحسب المقولة الشهيرة (إن المتهم بريئ حتى تثبت إدانته) فلا نتعجل الأحكام!

* أعظم شيء يمكن أن يفعله الإسلاميون لتجربتهم هو أن يعرضوا إلى محاكم التاريخ أنفسهم وأخطاءهم حتى تتطهر التجربة برمتها، وتتحرر أمام عدسات الرأي العام، على أنهم بشر يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، معرضون للخطأ والصواب، بجتهدون في إقامة (دولة خير الخطائين).. التوابون.. ليس الخطأ (ألا تخطئ) مطلقا.. ولكن في المقابل إن الخطأ الذي يرقي إلى درجة الخطيئة هو (عدم الاعتراف والإذعان) !!

* لو كنت مكان (رسول الإنقاذ الخضر) لخرجت إلى الإعلام الآن وقلت: لقد بعثت من قبل المركز إلى ولاية الخرطوم على فترة من الولاة.. واجتهدت كثيرا جدا فأصبت وتعثرت كسائر التجارب البشرية وأقبل مبدأ الحساب.

Exit mobile version