الترابي والمهدي.. من (الغيرة) ما قتل!!

الناظر لشكل العلاقة ما بين الإمام والشيخ يلحظ أنهما لا يحملان لبعضهما كثير ود، إلا ما تقتضيه علاقة المصاهرة وما يسمح به التلاقي الذي تفرضه الظروف السياسية عليهما، كما اضطرتهما من قبل لمقاتلة نميري، كما دفعتهم قبل الحوار الوطني إلى معارضة الإنقاذ، مثلما برع الرجلان في ترحيل هذه المعركة عبر مسارات السنين دون أن تنطفئ نارها، فقد برعا في نقلها إلى الأنصار والأتباع، فليس ثمة محبة وود يكنه الشعبيون للإمام، وفي المقابل لا يجد الأنصار في صدورهم الحرج من الجهر بمعاداة الترابي، وأتباع الترابي خاصة قبل المفاصلة الشهيرة، يعيبون على الصادق ما يصفونه بالتردد في إتخاذ المواقف، وفي خذلانهم عندما يتعلق الأمر بالشريعة الإسلامية، وكثير من أنصار الإمام لا يرون في الترابي إلا محض سياسي تتقلب علاقاته بالنظم السياسية مداً وجذراً، وفق ما يريد هو وليس وفق الشريعة الإسلامية التي يجزم الأنصار بأن الترابي لا يستطيع أن يزايد بها علي الناس، الأمر الذي يجعل العلاقة بينهما أشبه بعلاقة (توم) و(جيري) في المسلسل الكرتوني الشهير.

ما بين حزبي الأمة والشعبي، معركة قديمة ومكتومة، يتم ترحيلها من فترة إلى أخرى، ومن عهد إلى عهد، تقوي هذه المعركة وتشتد ثم يصيبها الوهن أحياناً، ولكنها على أي حال لا تموت، إذ بدأت أمس الأول تتكشف للعلن مرة أخري، حينما صرح الشيخ الترابي بأن الصادق المهدي يريد حوراً منفرداً، وليس مع أكثر من (70) حزباً، وأضاف الترابي في الحوار الذي أجرته معه الزميلة (الرأي العام) أن الصادق عمل قبل ذلك إتفاق التراضي لوحده مع النظام، ولم يصل إلى نتيجة فهو يريد حواراً معه لوحده وليس مع (60 أو 70) حزباً لا يعرف بعضها، وأشار الترابي في حديثه إلى أن الإمام الصادق المهدي سبق له على أيام النميري أن ترك الذين معه وجاء بمفرده لإتفاق مع نميري ودخل في الإتحاد الإشتراكي، فهذه ليست المرة الأولي التي يدخل فيها الإتهام في العلاقة بين الإمام الصادق المهدي والشيخ الترابي.

إذ كشف رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي منذ سنوات خلت عن رفضه طلباً للترابي يدعوه إلى المشاركة في انقلاب عسكري، وسخر المهدي وقتذاك من دعوات الترابي لإسقاط النظام، وقال: الشعبي يدعو لعاصفة بالبلاد ولا يريد المشاركة فيها، ولكنه يريد ثمار سقوط النظام (الشعبي داير يلقط النبق) متهماً الشعبي بالعجز عن القيام بثورة، واتهم المهدي الترابي باستجداء الحكومة لاعتقاله حتى يحسب له انه مناضل وحذر الحكومة من ذلك، من ناحيته وصف الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي د. حسن الترابي، الحديث المنسوب لرئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي بأنه غير صحيح، رداً علي تصريحاته بأن الترابي عرض عليه الانقلاب، لكن المهدي سارع واصدر بياناً توضيحياً بأن الواقعة لا علاقة لها البتة باتصال في الظروف الحالية، وإنما تعود إلي العام 1988، وحينما حمل أحمد سليمان المحامي رسالة شفهية للصادق المهدي من قادة الجبهة الإسلامية القومية، وهي الحزب الذي قيادته الآن قيادة للمؤتمر الشعبي ، تعرض عليه عملاً مشتركاً لحكم السودان، ومؤخراً نجحت وساطة قادتها رئيسة (حق) السابقة هالة عبد الحليم في تذويب الخلافات الحادة والحرب الكلامية التي احتدمت بين زعيمي حزب الأمة القومي الصادق المهدي وحزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي قبل نحو أكثر من ثلاثة سنوات، حيث خرجت هالة بعد اجتماع بقادة تجمع المعارضة استمر لأكثر من ثلاث ساعات بدار حزبها؛ أن المبادرة التي قادتها نجحت في احتواء الخلافات بين الزعيمين السياسيين، واتفقا علي فتح صفحة جديدة.

أكرم الفرجابي
صحيفة الجريدة

Exit mobile version