الهندي عز الدين : الغلاء الذي يطحن الناس نصفه ضرائب وجمارك !!

الغلاء يطحن الناس .. ومطرقة الجمارك والضرائب تهبط على رؤوس المواطنين كل صباح بلا هوادة .
نتساءل عن الأسباب، فنجد أن ارتفاع أسعار (الدولار) المتوالي سبب، وقد عجزت وزارة المالية والبنك المركزي تماماً عن السيطرة على حالة الصعود الجنوني المستمر في أسعار النقد الأجنبي، ولا تصعد إلا عندنا في السودان، وانظروا لحال مصر المجاورة التي لم يبلغ دولارها (8) جنيهات في أوج حالات الفوضى والسيولة السياسية بعد ثورة (يناير) !!
وجشع التجار أيضاً سبب، فليس من بين تجار السودان إلا من رحم ربي من يكتفي بربح (20%) على رأسمال بضاعته، كما يفعل (الخواجات الكفار)، فالغالبية في بلادنا لا تدخل في تجارة عائدها يقل عن (100%) وفي بعض الحالات لا يرضون بأقل من (200%) !!
ورغم ذلك فإن الحكومة أيضاً سبب، وسبب أساسي في الغلاء، فالرسوم الباهظة المفروضة من ديوان الضرائب وهيئة الجمارك على الكثير من السلع المستوردة بما فيها الغذائية، قد تزيد عن (55%) من قيمة الفاتورة، وبالتالي إضافة أكثر من نصف قيمة السلعة في بلد المنشأ، هذا غير فاتورة الترحيل والتخزين، ثم نسبة (الربح) المناسب !! والمناسب في السودان معلوم وقد أوضحناه آنفاً .
خذ مثالاً .. لبن البودرة الذي صار سلعة أساسية لا غنى عنها في غالب بيوت أهل السودان، بما في ذلك الأرياف، وذلك لارتفاع أسعار اللبن الحليب حيث بلغ سعر رطل لبن الأبقار في بعض أحياء الخرطوم (5) جنيهات !!
الرسوم المفروضة على الألبان كالآتي: (25%) رسم وارد، و(17%) قيمة مضافة و(13%) ضريبة تنمية!! تنمية شنو؟ وعلاقتها شنو باللبن والمواد الغذائية ؟!!
معظم مشروعات التنمية الحقيقية قامت بقروض “صينية” وتمويلات صناديق عربية من (سد مروي) إلى الطرق والجسور .
مجموع الرسوم المفروضة على اللبن (55%) من قيمة الفاتورة !! فإذا كانت قيمة علبة اللبن حجم متوسط (10) دولارات واصل ميناء بورتسودان، فهذا يعني أن سعرها بعد التخليص (15.5) دولاراً، أي ما يعادل (155) جنيهاً سودانياً بحساب أن سعر الدولار في السوق الموازية (10) جنيهات وليس (10.250) جنيهاً .
ضف للـ(155) جنيهاً فواتير الترحيل، التخزين والتشغيل .
ضف للناتج ضريبة أرباح الأعمال .
ضف للناتج مستحقات ديوان الزكاة .
ثم ضف نسبة الأرباح على إجمالي المبلغ . كم تكون قيمة علبة اللبن في بقالات ومولات الخرطوم المكتنزة بكل ما لذ وطاب لمن يدفع ؟
ليس أقل من (200) جنيه بأي حال من الأحوال. فالعلبة (2.5 كيلو) “فورموست” هولندي تباع في أسواق الخرطوم بـ(270) جنيهاً، أما اللبن “نيدو” فسعره (335) جنيهاً لـ(1.8 كيلو) فقط !!
سادتي .. كم يبلغ راتب موظف الدولة، بل حتى موظف القطاع الخاص ليشتري علبة لبن بـ(300) جنيه، أكثر من (نصف) سعرها ضرائب وجمارك ؟!!!

المجهر السياسي

Exit mobile version