خيانة الزوجة المسلمة

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. قد ارتبطت بواحدة من أقاربي منذ سن الطفولة 9 سنوات من العمر ونحن في نفس السن، وكبر ارتباطنا مع السنين، حتى تخرجي من الجامعة وكنا متمسكين بارتباطنا حتى تمت خطبتنا، وبعد خطبتنا للأسف كنا غير مقربين من الله، وكنا غير ملتزمين دينياً، وتمت بيننا علاقة جنسية (زنا)، وكانت تتكرر العلاقة حتى كتب الكتاب، وظلت العلاقة تتكرر بعدد مرات لم يتم حصره حتى تزوجنا، وكنا نحب بعض حباً شديداً، وبعد الزواج قررنا التوبة لما فعلنا وصلينا ودعينا الله حتى يغفر لنا.
ومع مرور الأيام وانشغالنا بالحياة العملية تركنا الصلاة حتى دخل بيتنا الشيطان، وبعد أن تبنا أخطأنا خطأ آخر، وهو أننا ضعفنا في صيام رمضان وحدث جماع بعد صلاة الفجر عدة مرات على مر السنين.
وأخطأنا أيضًا كثيرًا في الحلفان كذباً، هي كانت تحلف كذباً أنها لا تكلم أحدًا على الانترنت، وأنا كنت أحلف كذباً أني بطلت التدخين لأنها كانت تتشاجر معي لهذا السبب، وأنا لم أبطل التدخين على الإطلاق.
وأنجبنا طفلًا بعد عام من زواجنا، وبعد عام من الزواج اكتشفت أن زوجتي تتحدث مع أصدقاء على الانترنت بنات وشباب ولكن علاقة صداقة فقط، وذلك مرفوض نهائياً في علاقتنا، وعند اكتشافي ذلك اتصلت بأبي وأمي حتى أطلقها فقط لهذا السبب، ولكن لم أذكر السبب لأبي وأمي، وتمت محايلتي من طرف زوجتي أنها تحبني، وقالت لي: آخر مرة ولن أفعل ذلك مرة أخرى، ولا يمكن أن تطلقني لحبنا وابننا، وسامحت زوجتي واستمرت الحياة، ولكن مع مرور الايام كانت الحياة فاترة جداً، بسبب بعدنا عن الله، وأدَّى إلى بعدنا عن بعض، وكل واحد منا يعتبر عايش لوحده. أنا انشغلت في شغلي، وهي كانت مهملة في البيت ومهملة في رعايتي ورعاية ابني، وذلك كان يفتر العلاقة أكثر وأكثر، ولا نقرب من بعض سوى عند الجماع فقط.
حتى اكتشفت بعد 5 سنوات من الزواج أنها كررت نفس الخطأ وسامحتها لنفس السبب الأول الحب والبيت وابننا، وكررت ذلك ثالثاً وسامحتها أيضًا، وكررت ذلك رابعاً ولكن اكتشفت أنها هذه المرة على علاقة برجل ترسل له صورها بدون حجاب وبملابس النوم.
واكتشفت أنها تشرب خمر وسجائر مع العلم أني أشرب سجائر فقط ولا أقرب الخمر.
واكتشفت عن طريق أهلي أنهم رأوا رجل نازل من منزلي أكثر من مرة، وعند مواجهتها قالت أنه يجلب لها الخمر، وأنه يجيء إلى منزلي مع بنتين يجلسوا معها، وذلك حدث مرتين فقط باعترافها، تأسفت لي وتحايلت عليَّ أني ما أطلقها، وأنها لن تكرر ذلك مرة أخرى، وطلبت مني أحبسها وألغي النت والموبايل، وقالت لي سأعيش جارية تحت رجليك، وأن ذلك بسبب الفراغ وبعدها عن الله، وانها سوف تتوب إلى الله، وأنها لم تزنِ.
كانت الحقيقة التي وصلت إليها سابقاً كافية لأن أطلقها، وأحضرت أهلها ورويت لهم كل ما حدث، وكانت أول مرة أروي لهم، وطلقتها أمامهم، وكان رد أهلها أني أفعل ما أشاء، وضربوها وحبسوها وقالوا لها تستاهلي أي شيء، وقالوا لي عندك حق تفعل أي شئ.
وهي في بيت أهلها كررت محاولة الاتصال بي كثيرًا للصلح، وأرسلت لي أنها كانت مغيبة، وأنها لا تستطيع العيش بدوني، وأن الشيطان كان يحركها، وهي سوف تصلي وتقرأ القرآن وستتوب إلى الله.
وطلبت مقابلتي .. قابلتها في بيت أهلها، وأحضرت المصحف وقلت لها: احكي لي بكل صراحة ما حدث بالتفصيل، واتركي لي قرار الرجوع والسماح أم لا.
وقالت لي والله الذي أنزل هذا المصحف سأحكي لك كل شيء، ولن أكذب ولن أخبي حتى يسامحني ربي، وسأحكي أيضاً كل ما لم يصل إليك من حقيقة.
وحكت لي أنها حتى من 8 شهور كانت تدخل دردشة على الانترنت فقط بسبب الفراغ وتركي لها بسبب مشاغل العمل، ولكن من 8 شهور كانت وصلت أنها محتاجة تسمع كلام رقيق وأنها لا تسمعه مني، فخطأت وصاحبت رجلاً كي تسمع منه ذلك الكلام فقط، وجاء إليها في منزلي ومثَّل عليها الحب، ولكن هي كانت تغشه بأنها ليست متزوجة وأنها مطلقة، وقالت لي ذلك “بسبب أني أحبك ومكنتش عايزة يبقى شكلك مش كويس أدامه”.
وأول مرة قابلته تحول إلى شخص آخر، وكتفها وضربها واغتصبها، تأسف لها وقال لها أنه لن يفعل ذلك مرة أخرى، فقابلته 5 مرات بعد ذلك وتمت علاقة جنسية بينهم 6 مرات في منزلي.
وهو كان يهددها بالصور التي معه، وقالت لي أنها حكت لي ذلك حتى أسامحها كي يقبل الله توبتها، وقالت لي أنها ستتوب إلى الله، ولا تترك الصلاة وتقرأ القرآن وتدعي الله يسامحها، وطلبت مني أن أسامحها وأرجعها لعصمتي، لأن ما حدث كانت غشاوة شيطان وتمت إزالتها عن طريق التوبة والصلاة، وقالت إثبات لكلامها أنها حكت لي بكل صراحة، مع العلم أنني لم أثبت أنها زنت بل هي التي اعترفت كي يسامحها الله.
ما حكم الشرع في أن أرجعها بعد توبتها؟
مع العلم أني رجعتها ولكن يمتلكني إحساس سيء للغاية، أحبها وأشتاق إليها ولكن أرى من خانتني معه في كل ركن في شقتنا، وأرى أمام عيني فيديو باستمرار يحتوى على خيانتها لي، وهي تعلم ذلك وتندم على ما فعلت وتقرأ قرآن وتصلي وتدعي الله ليقبل توبتها، ولكن أنا في غاية الحزن، فكيف أنسى وأنا أرى أشياء باستمرار في نومي وخارج نومي لا أستطيع تحملها، وفي نفس الوقت أحبها ولا أستطيع الحياة بدونها؟
وهل ذلك يمكن أن يكون عقاب من الله بسبب ما فعلته معها قبل الزواج وما فعلناه بعد الزواج في صيام رمضان؟
وماذا أفعل في حالة رجوعي لها من صلاة وعبادة واستغفار، وكيف أكفر عن خطئنا (الزنا) قبل الزواج وما فعلته هي من زنا بعد الزواج في حالة رجوعي لها وما فعلناه أيضاً في صيام رمضان وتكراره عدة مرات لم أتذكر عددها؟
وايضاً التكفير عن الحلفان كذباً مني ومن زوجتي؟
رجاء إفادتي بفتوى شرعية حتى يقبل الله توبتي وتوبتها، وفي حالة رجوعنا يجمعنا الله على خير ويبارك في حياتنا.
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فيا أخي حياتكما هذه ظلمات بعضها فوق بعض، وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير، والواجب عليك وعليها التوبة إلى الله تعالى من تلك الكبائر التي حصلت منكما، ثم بعد ذلك أنت بخير النظرين؛ فإن كنت ترى أنها صادقة في توبتها وأوبتها إلى الله وقد بدا من حالها الصلاح والاستقامة والسداد فلا حرج عليك في إمساكها، وإن كنت في شك من ذلك فما ينبغي لك أن تستبقيها زوجة وذلك خشية من أن تدنس فراشك وتسيء إلى عرضك ويكفيك ما مضى. وبيان ذلك في النقاط الآتية:
أولاً: العلاقة بينكما لم تكن على ما يحب الله ويرضاه وقد بدأت بمعصية الله؛ فلا غرابة أن يكون المآل كما ترى، والمطلوب منكما تجديد التوبة إلى الله تعالى مما كان قبل الزواج.
ثانيا: ترك الصلاة من كبائر الذنوب بل تارك الصلاة أمره يدور بين الكفر الأكبر والكفر الأصغر، وكذلك ما كان منكما من التهاون بصيام رمضان، يلزمكما التوبة إلى الله تعالى وقضاء ما فسد من تلك الأيام والكفارة بصيام شهرين متتابعين عن كل يوم حصل فيه جماع، أو إطعام ستين مسكينا.
ثالثاً: الأيمان التي وقع فيها كلاكما هي أيمان فاجرة، وهي من كبائر الذنوب كذلك، والواجب عليكما التوبة إلى الله تعالى من تلك الأيمان، ولا كفارة لها إلا التوبة؛ لأنها أعظم من أن يكفِّرها إطعام أو صيام، وقد قال سبحانه {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلِّمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم}.
رابعاً: العجب لا ينقضي منك أيها السائل حين تكتشف مرارًا أن زوجتك تخاطب رجالاً أجانب عبر النت، ثم في كل مرة تقول: سامحتها!!! هل هذا حق خاص خالص لك من أجل أن تسامح هكذا؟؟ أين حق الله؟ وأين النخوة والمروءة؟ وأين الفرار من الدياثة؟ وأين الغضب لله، ولذلك لم يكن غريباً حين رأت منك هذا التهاون أن تقع فيما هو أعظم وأكبر.
خامساً: كونها تشرب الخمر هذه من الكبائر كذلك، بل الخمر هي أم الخبائث وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسـلم شاربها، وكونها تمارس التدخين هذا مما يتنافى مع حياء الأنثى ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومهما يكن من أمر فالقرار لك كما بينت لك في صدر الجواب، والله الموفق والهادي إلى الصواب.

فضيلة الشيخ د عبد الحي يوسف
الأستاذ بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم

Exit mobile version