أول أمين عام لثورة مايو: أنا أعلم الناس بسر العصا التي كان يحملها النميري ولا تفارقه ومن الذي أهداها له

العميد معاش محمد المنير حمد سراج: رغم شجاعة نميري التي عُرف بها إلا أن يداه إرتجفتا عند توقيع ذلك القرار…!!
أنا أعلم الناس بسر العصا التي كان يحملها النميري ولا تفارقه ومن الذي أهداها له
هذه أسباب فصلي من الجيش.. ولم أقبل محاكمة محمد نور ولم أعقب لهذه الأسباب…!!
جمال عبد الناصر يوفد نميري بقرار من جامعة الدول العربية للتحقيق في أمر إعتقال ياسر عرفات فخطفه النميري بطائرة خاصة من المعتقل

حيرة نميري
*كيف كان نميري يدير شئون حكومته.. ألم يكن له معينون من بعض الجهات؟
-أبداً.. نميري كان في البداية في حيرة من أمره، كيف يُسيِّر دفة الحكم بلا معينين ومقربين.. فإستعان بالشركاء والأجراء من الناس الحادبين على مصلحة العمل من الجيش والبوليس والإتحاد الإشتراكي ورغم ذلك كانت لديه المعرفة الكافية في الإختيار الأفضل فعندما ذهب لأديس أبابا سأل سفير السودان بأديس عن الجالية السودانية الموجودة في أديس فقال له عمر آخر شخص هو د. مرضي الذي قمت برفده وجاء ليعمل في أديس فذهب فوراً مع عمر إلى دكتور مرضي فقد كانت علاقته به جيدة منذ أيام القضارف وأوضح له أنه لم يقم برفده بل جاءه كشف من وزير الصحة فوقع عليه دون النظر إلى الأسماء وأمره بأن يترك عمله ويرجع معه بنفس طائرته وبشره بأنه سيعطيه عربة فارهة، فإعتذر له د. مرضي بحجة أنه بدأ في العمل مع شركة أجنبية تحتم عليه البقاء لعامين ومن ثم سيحضر للسودان ويعمل بجانبه.. فذكر له نميري بأن الوزراء كانوا يأتوه بكشوفات للتعيين ومن ثم الإقالات وبحكم الثقة كان يوقع عليها مما أدخله في الحرج حتى مع أصدقاءه.
* ألم يستفد نميري من هذه التجربة المريرة؟
-نعم استفاد كثيراً.. فأدخل الكفاءات في سلك العمل أمثال جعفر نجيب وعبد الحليم حتى في القصر جئنا بالسياسيين الكوسين لتولي الشئون السياسية.. أمضينا فترة جميلة مع بعض.
* كيف كانت علاقته مع الدول العربية والعالمية؟
-كانت مصر هي أقرب الدول إلينا فقد إهتموا بتدريب الكوادر فقد زار صلاح سالم الجيش ومحمد نجيب وفي علاقات طيبة وجمال عبد الناصر كان يأتي كثيراً للسودان حتى في فترة المصادرات.
* بصفتك خبير عسكري ما هو تقييمك لواقعة الجزيرة أبا؟
-في مارس من عام 1970م قرر الرئيس جعفر نميري زيارة منطقة النيل الأبيض ثم الجبلين والدويم وسنار وتندلتي، وعندها جاءت زيارة اللواء الفاتح عبد الرحمن عابدون والسيد إسماعيل عبد الله إلى الخرطوم للتفاوض معه ومن ثم تم إعتقاله فوصلت قوة عسكرية لمقابلة السيد الإمام الهادي المهدي بقيادة السيد فاروق عثمان حمدالله والرائد أبو القاسم محمد إبراهيم وآخرون فوضحوا للإمام سبب الزيارة وهو إقامة نقطة بوليس بالجزيرة أبا وتم الإتفاق على أن يتولى المهمة عمدة الجزيرة أبا والإستعانة بشرطة قرية المرابيع.
* عندما أعلنت زيارة الرئيس رسمياً هل كان هناك إعتقاد من الأنصار بأن هناك مساعٍ لإعتقال الإمام الهادي وما هي ردود الأفعال؟
-نعم كان هنالك إعتقاد بذلك.. وطالبوا مجلس الشورى بإطلاق سراح المعتقلين وإبعاد الشيوعية وتطبيق الشريعة الإسلامية، ففي يوم الخميس 26/3 وصلت قوة بقيادة العقيد محمد أحمد أبو الدهب وسمساعة حيث تم حجز القوة عندما أرادت عبور الجاسر وتمت مقابلة أبو الدهب مع الإمام بإعتباره من الضباط الأحرار وسلمهم الإمام الهادي مذكرة للرئيس نميري تتلخص في ست نقاط، ففي يوم الجمعة 27/3/ 1970م عاد الرئيس بطائرة حربية إلى الخرطوم وفي عصر ذلك اليوم تحركت مناوبة إلى الجزيرة أبا بالمدفعية من جهة عسلاية ناحية الشرق وقرية الطويلة من ناحية الغرب وأرسلت منشورات بواسطة الطائرات وإستمر الضرب لغاية يوم الإثنين 30/مارس وكانت أحداث ود نوباوي وسقط فيها ضحايا من القوات المسلحة، ففي يوم 31/ مارس قرر الإمام الهجرة برفقة العمدة عمر مصطفى ومحمد أحمد مصطفى وآخرون.
وصلت مجموعة الإمام الهادي وهي المجموعة الأولى إلى خور علي وحضرت إليهم مجموعة من الشرطة وحاول الملازم مختار طلحة تفتيش مجموعة الإمام فقد قص على أحد معارفي أن الإمام كان مميزاً ومنظماً وكريماً.
*كيف كان شكل المحكمة؟
-كنت دائماً أساعد الناس في المحاكمات على أن لا يظلم أحد ويتعرض للإعدام.. فقد قابلت صلاح الخليفة قبل أسبوع، فالحصل إنو صلاح الخليفة طلبني في الخرطوم فذكرني بمقابلته يوم الجمعة وقال لي إنني قدمت لأخبر نميري بأن يكون حكيماً في محاكمة الذين تم إعتقالهم.
وبحسب علاقتي الطيبة مع الناس ومعرفتي بهم تمكنت من خروج الكثيرين من الحكم بالإعدام وحولته إلى سجن مؤبد وذلك لمراسلاتهم للإمام الهادي وعلاقتهم به, وفي تلك المقابلة أصيب السيد الإمام في فخذه فصاح أحدهم ضرب الإمام وإهتم به الجميع وعلى رأسهم قائد القوة مختار طلحة لوقف النزيف وتحرك حتى وصلوا المساعد الطبي في القرية المجاورة فتوفي الإمام قبل وصول الملازم عن عمر يناهز الـ48 عاماً بسبب النزيف الحاد وكان خاله جالساً على الأرض حاملاً ضماده إلى أن توفاه الله وتم قتل بعض رفاقه بالرصاص.
* وماذا عن المجموعة الأولى التي بدأت تحركها صوب الكرمك؟
-تم إعتقالهم ومحاكمتهم بالخرطوم.
*عندما سمع الرئيس جعفر نميري بوفاة الإمام الهادي ماذا كانت ردة فعله؟
-غضب وثار حتى مرض ولزم سرير المرض حتى حضر الكثير من الأطباء لمعالجته وهذا للتاريخ.

إتفاقية أديس أبابا
*ثم ماذا عن إتفاقية أديس أبابا في ذلك العهد وهل لاقت نجاحاً؟
-نعم لقد كانت إتفاقية ناجحة وموفقة فيما بين الشمال والجنوب وكان فيها عمل متكامل وبكفاءة عالية، فكل أطرافها كانوا أسماء في حياتنا من وزارة الخارجية الوكيل عبد الله الحسن الخضر والسفير فخر الدين والسفير صلاح بخاري وكان على رأس لجنة المفاوضات السيد أبيل ألير والدكتور منصور خالد والإداري عبد الرحمن الرضي وضباط مميزين من القوات المسلحة، فكانت مجموعة متجانسة غنية عن التعريف، حيث كانت تضم صحفيين مميزين منهم محجوب محمد صالح والسيد مصطفى أمين رئيس وكالة الأنباء وإهتمت سفارتنا في أديس أبابا مع الجهات الأمنية والإستخبارات العسكرية والبوليس وآخرون وفي الجانب الجنوبي برئاسة اللواء جوزيف لاقو قائد قوات الأنانيا وأشرك معه بعض الممثلين أنجلو لوكا ولورنس والإعلامي ماوتنج وبعد الإتفاقية كونت لجنة لإستيعاب الجنوبيين برئاسة اللواء ميرغني سليمان خليل والعقيد أحمد علي عمرابي وولسون لوباي 6 آلاف من الجنوبيين و6 آلاف من الشماليين وتم إستلام السلاح من الغابة وتم الإتفاق على إيقاف الحرب بحكمة ومرونة وبالمحاولة بالحسنى والمنطق وليست بالأوامر العسكرية حتى يضطر المواطن لدفع فاتورة الحرب ولكن لم يكتب الله لهذه الإتفاقية الإستمرار فعادوا مرة أخرى لمربع الحرب.
* نميري عمل بالجنوب وعندما حدث إنقلاب خالد الكد تم نقله للجنوب وكان قائداً ومنها عين كثيراً من الجنوبيين وكان يثق بهم وقد عين من الجنوبيين وزيراً للإعلام في حكومته.
* قرار إهتز له نميري؟
-نميري عندما بدأ لم يكن يفكر مجرد تفكير في إعدام أحد وعندما عملت معه في الأسبوع الأول من ضمن الملفات جاءني ملف واحد كان قد حكم عليه بالإعدام ذلك لأنه كان يمارس الإجرام وعندما وضعت له الملف للتوقيع قال لي يا أخي أنا أعدم الشخص ده كيف أنا ما بعرف عنو حاجة.. حينها أرسلنا من طلب خلف الله الرشيد وبابكر عوض الله وجاء هؤلاء القانونيون وفهموه أن هذا الشخص (قتال قتلة) لو ما أعدمناه سيقتل آخرين فلازم تصدق إعدامه وعندما جاء لإمضاء الإعدام أنا كنت أقف بجواره وحينها كانت يده ترتجف بشدة.. فنميري كان شخصاً كريماً ورجلاً يحمل صفات السوداني الشجاع.
* ثم ماذا عن السيدة الفضلى بثينة زوجة نميري؟
-أولاً هي ما كانت سيدة فضلى بل كانت إمرأة تتمتع بكل صفات المرأة السودانية.. تكرم الضيوف وتعمل داخل منزلها وتعوس الكسرة هجعة الليل إكراماً لضيوف زوجها نميري وهي سعيدة بذلك حتى عندما نسافر كنا نحمل غذاءاتنا معنا مثل الناس العاديين كنا نشيل للرئيس الفول فقد كان رجلاً بسيطاً.
* هل إستمرت علاقتك الأسرية مع نميري بعد تقاعدك عن العمل؟
-أولاً أنا رفدت من الجيش وقمت بعمل إستراتيجية ثانية.. فأنا عسكري لا أهتم بالسياسة لذلك إشتغلت في العمل التجاري ولدي العديد من الأصدقاء الذين كان على رأسهم الشيخ صالح كامل.
* ما هي الأسباب التي أدت إلى إقالتك؟
-عرض عليّ الرئيس أن أكون رئيس محكمة محمد نور سعد وقد كنت حينها مريضاً أعاني من آلام في الظهر وطريح مستشفى السلاح الطبي، كما كنت مغترباً لنيل دورة تدريبية في مصر وحينها طلبت مقابلة نميري ولكني علمت بأنه سافر إلى كركوج وأنا الذي عرفت نميري بشيخ الأمين وأعطاني عصا لكي أهديها له وفعلاً ظل ممسكاً بها كل الوقت وفي معظم زياراته التي يقوم بها.
*ولكن الناس ظنوا أن العصاة سحرية؟
-لا لم يكن بها أي سحر.. بل هي تذكره دائماً وأبداً أن طريق الحق واحد.
فأصروا على أن أقبل التعيين وأجري المحاكمة فقدمت إعتذاري ولكنه لم يصل إليهم ورجعوا لنميري وأخبروه بأنني رفضت المهمة، علماً بأنني ما كنت أستطيع الرفض.. فقال لهم نميري إذا منير رفض فلا تسألوه شوفوا الإجراء الممكن يتم وأعملوه فأرسلوا لي ورقة فيها رفدي من العمل بلا حقوق فقد كنت أكثر إطمئنان بأنوا إذا عندك لقمة بتأخذها، فسلمت البيت وطلعت إستأجرت منزلاً، إلى أن تمكنت من شراء منزل بمدينة المقرن.
*هل أغضبك ذلك القرار؟
-لا لم أغضب.. فالإنسان هو شنو؟، هو عمل وعلم وأخلاق وأنا إستراتيجتي أستمدها من الناس.
* هل تعتقد أن مشاكل السودان تكمن في الجانب التشريعي أم التنفيذي أم السياسي.؟
-أنا في كتابي ذكرت الكثير من الأشياء التي يمكن أن تعين الشعب السوداني على التطور والإصلاح.. فالموضوع لا يحتاج لنقاش أو حوار.. بل يحتاج لقرارات عادلة لمصلحة المواطن من السلطة الحاكمة تحدثت كل القنوات الفضائية والصحف اليومية ومازال الكثير ينتظر الإصلاح فقط كان كل السودانيين معززين مكرمين ولهم قيمة في كل بلدان العالم.. أما اليوم فصار العكس فمن المسئول عن ذلك حتى نعود.
كما كنا ويجد حامل الجواز السوداني إحتراماً وتقديراً من الداخل والخارج.؟

* كيف تم تكليف جعفر نميري بزيارة وإختطاف ياسر عرفات من معتقل الأردن ولماذا تم تكليفه من جمال عبد الناصر بهذا الأمر؟
-نميري كان رجلاً شجاعاً لا يخاف في الحق لومة لائم، وكان قد كلف بذلك الأمر في مؤتمر الجامعة العربية والذي حدث أن جمال عبد الناصر أرسل نميري لتقصي الحقائق عن إعتقال ياسر عرفات، فذهب بطائرة خاصة ومعه حراسه الإثنين ونزلوا في السفارة المصرية وقابل الرئيس الأردني فعرف منه مكان المعتقل وكان هنالك ضرب فرجع من القاهرة إلى الأردن فطلع مع عمر محكر وغير ملابسه متنكرين ومشوا مشوار وعرفوا مقر ياسر عرفات وعندما ذهب للمعتقل إختطف ياسر عرفات وأتى به للقاهرة وهذه تعتبر بطولة وشجاعة متناهية وجرأة ما بعدها جرأة فمن أجل كل ذلك كلف بهذه المهمة.

السياسي

Exit mobile version