مصر التي أحب..!!

قبل اشهر اضطر الاعلامي المصري محمد ناصر ان يعتذر لملك المغرب شخصيا وعلى الهواء..ناصر (لفح) حديثا عن زيارة الملك محمد السادس لتركيا وأذاع ان الملك سافر في زيارة خاصة برفقة خمسة طائرات..ثلاثة منهن يحملن أمتعة الملك الخاصة من احذية وملابس ..اتضح لاحقا ان الطائرات المصاحبة لجلالة الملك حملت مواد اغاثة للاجئين السوريين العالقين في الاراضي التركية ..(التريقة) المصرية على ملك المغرب وضعت العلاقة بين القاهرة والرباط على صفيح ساخن فاضطر المذيع ان يلحس لسانه ويعتذر.
انتشرت في اليومين الماضيين حملة سودانية في الوسائط الاحتماعية تدعو لمقاطعة مصر..الحملة الشعبية تطلب من السودانيين الامتناع عن زيارة مصر ..وتشتط حينما تطالب بالتضييق على ضيوف السودان من المصريين الذين وجدوا في ارضنا سعة وبراحاً..رغم ان الحملة ذات اطار شعبوي بمعنى انها دعوات متفرقة من أناس حملهم الغضب على التعامل الخشن من الحكومة المصرية تجاه السودانيين المقيمين في ارض الكنانة..رغم ذلك حري بنا اخذ الامر ماخذ الجد لان الناس الآن على دين اعلامهم..وان الوسائط الجديدة تنقل الإحساس الشعبي بدون (مونتاج) وخال من الرقابة الرسمية.
الغضب على مصر لم يكن ناتج من فراغ..خمسة عشر نفسا سودانية قتلتها القوات المصرية على مشارف الحدود مع اسرائيل..قبلها اشتكي عدد من زوار مصر من معاملة خالية من المودة المصرية المعهودة ..بل ان الزميلة (السوداني) نقلت قبل ايام تفاصيل احتجاز مواطن سوداني زار مصر في رحلة علاجية ..زكريا السوداني حكى عن تفاصيل صادمة وراء (التخشيبة ) في السجون المصرية ..رغم هذه النماذج الا ان الحقيقة ان مصر تحتضن بقلب مفتوح ملايين السودانيين وذلك منذ سنوات طويلة.
في تقديري ..ان السودانيين تحت شعور الإحساس باليتم الوطني يفرغون غضبهم على الشعب المصري رغم علمهم ان هذه تصرفات حكومة مصرية أدمنت تعاطي العنف مع شعبها منذ ايام مولدها الذي صاحبته موسيقي تصويرية عالية الاتقان والمبالغة ،،حتى هذه اللحظة لم تتخذ حكومتنا موقفا قويا مما يحدث في مصر..لم يتم استدعاء السفير المصري ولا سحب دبلوماسي سوداني من القاهرة على سبيل الاحتجاج ..حتى أحزابنا الوطنية مارست الصمت خوفا وطمعا..بل ان بعض القوى السودانية المعارضة مثل الحزب الشيوعي ألقى باللائمة على حكومة الخرطوم واعتبرها مسؤولة عن مقتل اللاجئين السودانيين في سينا..هذا الموقف المتخاذل جعل المواطنين يبحثون عن وسائل خاصة للتعبير عن غضبهم لما يجري لبني جلدتهم في مصر.
رغم سحابة الصيف هذه تظل مصر عظيمة في قلوب كل السودانيين..مصر والسودان شعب واحد في بلدين..معظم رؤساء مصر كانت لهم جذور سودانية ..محمد نجيب ام اخوته سودانية ووالده مدفون في السودان ..جمال عبدالناصر ترعرع في الخرطوم ..فيما السادات والدته اصولها سودانية ..المشير طنطاوي يتحدث بلسان نوبي طلق ..في الدراما نجد ابراهيم خان المولود في مدني..الفنان محمد منير الذي غنى رائعة وردي (قلبي مساكن شعبية)..في القاهرة نجد المخرج السوداني سعيد حامد وصاحب الضحكة المميزة السر قدور والفنانة جواهر ..السودانيون قاتلوا بجانب مصر ووقفوا معها حينما قاطعها كل العرب عقب اتفاقية كامب ديفيد ..من المستحيل ان تتحول هذه المشاعر الى كراهية رغم مرارة التعامل الرسمي من القاهرة.
بصراحة..على حكومة مصر ان تدرك ان لكل فعل رد فعل وان تستشعر ان ظلم ذوي القربى أشد من وقع الحسام..نحن نحب مصر ونكره ظلم حكومة مصر.

Exit mobile version