مفاوضات على تلاتة مسارات ! علاقاتنا مع “مصر” .. التسخين السالب !

ظل مسؤول ملف دارفور بالحكومة الدكتور “أمين حسن عمر” يحدثنا طيلة السنوات الماضية عن أن التفاوض حول قضية دارفور قد انتهى في (اتفاق الدوحة)، وأن من يريد من الحركات الدارفورية المسلحة الانضمام لركب السلام، فما عليه إلا التوقيع على وثيقة الدوحة، وانتهى الموضوع !
إذن .. ما هي طبيعة المفاوضات المزمع انطلاقتها اليوم أو غداً في “أديس أبابا” بين الحكومة ويمثلها د.”أمين” وحركات دارفور ويمثلها د.”جبريل” و”مناوي”؟!
ثم كيف تكون هناك مفاوضات متزامنة بين الحكومة ومتمردي الحركة الشعبية – قطاع الشمال من جهة، ومفاوضات بين الحكومة وحركات دارفور من جهة أخرى، ثم مؤتمر أو لقاء تحضيري تشارك فيه الحكومة في ذات العاصمة مع قوى (نداء السودان) وعلى رأسها الإمام الحبيب “الصادق المهدي” من جهة ثالثة؟!
بالله عليكم .. هل من عبث يفوق هذا العبث السوداني الخاص جداً .. برعاية أفريقية صادقة وأمينة جداً ؟!
اللقاء التحضيري أشمل وأوسع، ومن المقرر أن يستوعب غالب القوى السياسية بما فيها آلية (7+7) التي تضم (الوطني) و(الشعبي)، إضافة إلى قوى نداء السودان التي تضم قطاع الشمال، حركات دارفور وأحزاباً أخرى يتقدمها حزب (الأمة القومي) بقيادة الحبيب الإمام، فما الداعي لمفاوضات (جانبية) لن تثمر شيئاً، واحدة مع (القطاع) اليتيم، وأخرى مع الحركات المخاصمة للقطاع بسبب الصراع القبيح على كرسي رئاسة (الجبهة الثورية)؟
المفروض أن تقول الحكومة إنها ستشارك في الملتقى التحضيري الذي يمثل كافة أطياف المعارضة المدنية والمسلحة تمثيلاً مباشراً أو بالوكالة، ثم ينتقل الحوار إلى الداخل ليلحق بجماعتنا في “قاعة الصداقة”، وقد تبقى لهم شهران لنهاية الحوار في القاعة المقابلة النيل .
حقو .. كلنا (نبطل اللولوة) ونمشي في مسار واحد، بدل تلاتة مسارات، لو كنا وكانوا .. جادين في تحقيق مستقبل أفضل لهذا البلد .
أما لو كنتوا ما جادين .. واصلوا (اللولوة) !
ويا نيل .. يا طويل وملولو .. بالليل دا ماشي وين ؟!

2

فضلت أن أتروى .. ولا أتعجل في ركوب موجة (التسخين السلبي) على وزن التدخين السلبي للعلاقات السودانية – المصرية، ورأيت أن أسأل بطريقتي الخاصة مسافراً إلى أو عائداً أعرفه من قاهرة الأحداث .
أمس الأول وصل القاهرة الزميل والصديق الإعلامي مدير الإدارة الثقافية السابق بتلفزيون السودان والكاتب الراتب بـ(المجهر) “خالد حسن لقمان” برفقة والديه وإخوانه للعلاج . قال لي “خالد” وهو رجل صادق ولا يعرف أحداً بالسفارة المصرية بالخرطوم ولا علاقة له بأي سفارة، بأنهم فور وصولهم مطار القاهرة طلبوا من ضباط الجمارك المصريين تسجيل العملة الأجنبية التي بحوزتهم وكانت حوالي (10) آلاف دولار، وشرع السودانيون في المطار يكشفون ما يحملون من عملات للحصول على (ديكلاريشن) من الجمارك، إلا أن الضباط ردوا عليهم بضحكات: (مين اللي قال كدا ؟ .. مافيش ورق إلا إذا كان المبلغ أكثر من (10) آلاف دولار للراكب الواحد) .
قلت لخالد : كيف كانت المعاملة في المطار والتاكسي – وأنا لدي رأي خاص بأن سائقي التكاسي في “مصر” هم أول عنوان لتحسن أو توتر العلاقات مع السودان من خلال بعض العبارات ولي تجربة في ذلك – فأجابني “خالد”: (منتهى الظرافة .. هي نفس القاهرة التي أعرفها). سألته: هل قصدت إحدى الصرافات لتبديل العملة. قال لي: أنا الآن في شارع “شهاب بالمهندسين” وقد ذهبت من الأمس وحتى اليوم للصرافة ثلاث مرات ولم يعترضني أحد . سألته: كم سعر الدولار؟ .أجابني: (8.3) جنيهات مصرية . انتهى .
وعاد فجر أمس من “القاهرة” الإعلامي الصديق “حسن يوسف” (بري) مدير البرامج بقناة (أنغام) الفضائية، سألته أيضاً: ماذا يحدث في القاهرة ؟ قال لي: مافي أي مشكلة لاقتني، ومشيت مناطق كثيرة ما شفت حاجة .
يبقى السؤال: ما حقيقة ما تعرض له بعض السودانيين هناك، وهل هي حالة اشتباه جنائي محددة طالت مجموعة أم أنه استهداف عام للسودانيين ؟
إذا كان استهدافاً عاماً لتكرر المشهد مع “خالد” وإخوانه ولما كان يستمتع الآن بالهواء الناعم العليل في مقاهي “المحروسة”، مع السودانيين الذين قابلهم بالعشرات في العيادات والشوارع أمس حسب ما ذكر، ولواجه الأخ “حسن بري” بعض المضايقات أثناء إنجازه معاملات إعلامية في دوائر مصرية رسمية.
أرجو أن نتعامل مع كل حالة أو حالات في إطار محدد دون تضخيم عاطفي ومبالغات، لا أن نطلق الاتهامات في هواء الإعلام الطلق، سواء من طرف الإعلام المصري أو السوداني، أما الأسافير المطلقة .. فأنا شخصياً لا أعبأ بها .
كل هذا لا يمنع أن تسعى الخارجية السودانية بقوة لكي ما تفتح السلطات المصرية تحقيقاً جاداً حول تعرض مواطن سوداني .. ولو واحد، وكشف ملابساته، وجبر الضرر.

Exit mobile version