12 مليون جزائرية عانس يعشن أزمة البحث عن “زوج”

دقت الجمعيات الدينية والاجتماعية وأئمة المساجد وعلماء الاجتماع ناقوس الخطر بعدما ارتفع مؤشر العنوسة في الجزائر بشكل كبير، حيث تشير آخر الأرقام التي كشفت عنها دراسة رسمية عن وجود ما يقارب 12 مليون امرأة عانس في الجزائر.

الأرقام

المعهد الوطني للإحصاء في الجزائر وفي آخر إحصائيات له حول ظاهرة العنوسة، التي شملت جميع الولايات الجزائرية لعامي 2013 و2014، أكد وجود 11 مليوناً و300 ألف امرأة عانس، منهن 5 ملايين تجاوزن سن الـ35، وبمعدل زيادة سنوي مقدر بـ200 ألف حالة.

الإحصائية تشير إلى أن عدد العوانس في الجزائر سيصل إلى الرقم 12 مليوناً مع بداية عام 2016.

وهي الأرقام التي يراها الأستاذ في علم الاجتماع علي شبيطة “مقلقة للغاية” وتوجب على الدولة رسم استراتيجية لإنقاذ المرأة خاصة والأسرة على وجه العموم.

المتعلمات وبنات الحضر

الباحثة الجزائرية آمال عيسى، وفي رسالتها للماجستير من جامعة البليدة حول “ظاهرة العنوسة في الجزائر”، رصدت أن الفئة الأكثر عرضة للظاهرة هي المتعلمات وبنات الحضر.

وتوصلت آمال في بحثها إلى التأكيد على أن السعي لنيل الشهادة الجامعية، والعمل، والتحرر من قيود البيت، باتت من أولويات الفتاة في الجزائر، لتجد الطالبة الجامعية نفسها بعد تخرجها على مشارف الـ25 سنة، وهي السن التي تعتبر بداية فترة العنوسة، حسب بعض الإحصائيات.

الباحثة توصلت أيضاً إلى أن 80% من العوانس من بين سكان المدن الكبرى، حيث تتوافر ظروف العمل والدراسة بعد التخرج، فيما تعيش نسبة 15% من العوانس في الجزائر بالمراكز الحضرية، بينما يخصّ بنات المناطق الريفية من الظاهرة 5% فقط.

القبائليات الأكثر حظاً

وفي رسالتها لاحظت آمال أن القبائليات في عدة مناطق جزائرية لا يعانين من العنوسة بشكل لافت.

وأرجعت السبب إلى العادات والتقاليد، التي تفرض في كثير من الحالات اختيار الزوج لزوجته في مراحل مبكرة لا تتعدى فيها البنت سن الـ14 عاماً في بعض الأحيان.

الدكتور بودوخة إبراهيم إمام مسجد العتيق، يرى أن قلة العنوسة في المناطق القبلية تأتي بسبب تدني المهور في تلك المناطق، والتي كثيراً ما تكون أقل من دولار واحد (1000 دينار جزائري).

وأضاف أن “هذه النقطة مهمة جداً جعلت الشباب الأمازيغ والعرب يلجأون إلى هذه المناطق للزواج، وهو ما خفض نسب العنوسة”.

ودعا الدكتور جميع الأسر الجزائرية إلى التيسير وعدم فرض مهور مرتفعة للقضاء على هذه الظاهرة التي باتت تهدد الأسرة والمجتمع الجزائري، حسب إبراهيم بودوخة.

الأوضاع الاقتصادية

ويرى محللون أن من أسباب تفاقم ظاهرة العنوسة في الجزائر أيضاً “العشرية السوداء” التي عاشتها البلاد مع بداية التسعينات، وملازمة ذلك لواقع اقتصادي واجتماعي قاسٍ، جعل الشباب يفكرون في الهجرة إلى أوروبا وأميركا بدل التفكير في تكوين أسرة والاستقرار.

كما أن البطالة وانعدام السكن يعدان سببين رئيسيين وراء تأخر الشباب في البحث عن زوجة، حتى أصبحت الوظيفة والسكن هما غاية الشباب الكبرى.

أضف إلى هذا اتجاه الشباب الجزائري للزواج من الأجنبيات، ليضمن بذلك تسوية الوثائق والاستقرار بدول تتوافر فيها أحلامه من عمل ومسكن.

شهادات الدنيا لا تعوّض عقد الزواج

المحامية بن ساحلي تبلغ من العمر 39 عاماً، ولم تتزوج حتى الآن، تعتبر أن عقد الزواج هو الشهادة الأغلى التي يجب على الفتاة التفكير فيها، قائلة: “ما قيمة شهاداتي العليا وأنا عاجزة عن تكوين أسرة، رغم أن عروض الزواج في بداية دراستي الجامعية كانت تنهال عليّ، لكني كنت أرغب في تكملة الدراسة”.

سليمة التي تعمل سكرتيرة بإحدى الشركات الخاصة، تُحمّل والدها المسؤولية عن بقائها دون زواج، إذ تؤكد أنها استقبلت عرضين للزواج في العشرينات من عمرها، لكن الوالد كان دائماً يشترط من المتقدمين سكناً خاصاً وسيارة.

اليوم يبلغ عمرها 34 عاماً، ولا أحد يتقدم لخطبتها، بداعي التقدم في السن؛ لأن شباب اليوم كما تقول يحبذ أن تكون خطيبته دون الـ23.

حلول مجتمعية

تعمل جميعة الإرشاد والإصلاح في الجزائر على تزويج عدد من الشباب من خلال مكاتبها المنتشرة في جميع الولايات، وتعتمد في عملها الخيري على تبرعات المحسنين لتوفير جهاز العروس، ونفقات العرس للتخفيف عن العريس.

ويؤكد حزام نور الدين، رئيس المكتب الوطني للجمعية، في تصريح لـ”هافينغتون بوست عربي”، أن الجمعية قامت خلال عام 2015 بتزويج زهاء 400 شاب.

هافينغتون بوست

Exit mobile version