مناهضة السدود و(نغمة) أرض الجدود

إذا كان خيارنا المستقبلي هو ترك جميع قرى ومناطق شريط النيل في شمال السودان في حالها القديم وفقرها التنموي ومعاناة أهلها، ثم تحويلها إلى مدن أثرية ومتحفية يزورها السائحون والباحثون في التاريخ فقط بعد أن يضطر أهلها إلى الهجرة عنها وتركها.. إذا كان هذا هو خيار من يناهضون قيام السدود النيلية في شمال السودان.. فليستمروا في مناهضتهم وحربهم ضد السدود وضد أية توجهات لتنمية تلك المناطق التي يريدونها متحفاً ويريدون تحنيطها.
أما إذا أرادوا إيجاد حياة هناك ومضاعفة المساحات الزراعية وتهيئة مناخ إنتاجي وتنموي ونهضة حقيقية لتلك المناطق فليخففوا عن أنفسهم وطأة الوساوس السياسية ونظريات المؤامرة على أهلنا النوبيين كما يصفونها ولا أدري من الذي يريد أن يتآمر على النوبيين ويمسح تاريخهم ويشردهم ويهدم ثقافتهم.. وماذا يستفيد أي شخص من مثل هذه المؤامرة..؟!!
لماذا يتم تسييس المشروعات الاقتصادية والتنموية بهذا المستوى؟.. سدود نيلية مثل سد الشريك وكجبار ودال بعضها تم وضع دراساته منذ الستينيات لكن كل الحكومات السابقة ظلت تبعد يدها عن هذه الملفات مستسلمة بشكل مستمر لتيارات الرفض والمناهضة .
مئات السدود في العالم يمثل بعضها أكبر وأضخم مبانٍ عرفها الإنسان، في كل الدول التي حققت النهوض وانطلقت نحو آفاق التنمية والكفاية وحققت طفرات اقتصادية هائلة لأن السدود والحواجز المائية تشكل أساس التنمية والنهضة الزراعية في بلدان العالم المختلفة.
ولا يمكن أن تحدث أي تنمية في منطقة من المناطق دون تغيير وتطوير لشكلها القديم.. لا توجد تنمية بلا مساس بالأصل ومحاولة تطويره.. ولا أحد في هذا العالم يختار العيش في الظلام بسبب ارتباطه بما حوله من ذكريات ومعاناة.
الثقافة واللغة لا تغمرها مياه السدود لكن ثمة ضريبة يدفعها صاحب الأرض التي تتم فيها عملية التنمية وبالتالي لا نفهم مصطلح مناهضة السدود بهذا الإطلاق المؤزم. بل نستوعب فكرة المطالبة بالحقوق والعدالة في تعويض المتضررين من بناء هذه السدود أو إقامة أي مشروع تنموي على أرض السودان .
وهذا حق ثابت وواجب على الدولة مراعاته بشكل كامل وواجب عليها تنوير الأهالي بما يكفي من المعلومات والمبررات والفوائد المحفزة لهم لقبول التغيير الذي قد تحتمه ظروف التنمية وتداعيات بناء مشروعات تنموية ضخمة وإقامة السدود والحواجز المائية على النيل .
منذ أن وقعت المملكة العربية السعودية اتفاقياتها مع السودان على وتمويل بناء عدد من السدود المائية مطلع هذا الشهر ونحن نلحظ تنشيطاً عنيفاً لحملات مناهضة بناء تلك السدود.. حملات بكامل عدتها وعتادها ووعدها ووعيدها ووساوسها السياسية .
نحن نعتقد أن إقامة هذه المشروعات والسدود في تلك المناطق ستحقق مضاعفة كاملة للإنتاج الزراعي وتسهم في توفير الطاقة الكهربائية وترقية وتنظيم وتطوير لتلك المناطق.. ستحقق التنمية المنتظرة والمنشودة وأن المستفيد الأول من هذه المشروعات هو إنسان تلك المناطق قبل الآخرين فلماذا تتم مناهضتها ولماذا يتم تسييس هذه الملفات الاقتصادية، هنا يلوح الإشتباه في دخول أجندات سياسية أو خارجية ضد المصلحة العامة ويجب أن لا نمنح مثل تلك الأجندات فرصة جديدة .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

Exit mobile version