دقيق وبنزين وغاز

* لا نريد أن نردد عبارة (سبق أن كتبنا وحذرنا وذكرنا).. ولكن لابد مما ليس منه بُد.
* يذكر متابعو هذه المساحة أننا كتبنا فيها غير مرة عن المخاطر المصاحبة لعملية استيراد الدقيق، واستنكرنا إصرار وزارة المالية وإدارة المخزون الإستراتيجي على إحضار دقيق القمح من الخارج، بوجود مطاحن محلية، تفوق طاقتها الإنتاجية حاجة البلاد من الدقيق.
* ذكرنا أن الدقيق أغلى من القمح، وأن التعامل معه محفوف بالمخاطر، لصعوبة تخزينه، ولأنه يصبح عرضةً للتلف السريع، بخلاف أن استيراده يعني وقف المطاحن المحلية عن العمل، أو تقليص طاقتها الإنتاجية، وتشريد العاملين فيها، وتخفيض الكميات المنتجة من (الردَّة) المستخدمة للعلف.
* طالبنا وزارة المالية أن تركز على استيراد القمح، وتترك أمر استيراد الدقيق للقطاع الخاص، كي يتحمل تبعاته ومخاطره بمعزل عن المال العام، إذا كانت مصرة عليه.
* يوم أمس الأول نشرت الصحف خبراً يفيد ضبط كميات مقدرة من الدقيق غير المطابق للمواصفات في ميناء بورتسودان.
* أكثر من عشرة آلاف طن من الدقيق الروسي المضروب حملت عبواته تاريخين لانتهاء الصلاحية.
* تمت طباعة التاريخ الأول باللغة العربية، ليفيد انتهاء الصلاحية في شهر مايو، وفي الجانب الآخر كُتب التاريخ بالإنجليزية، ليؤكد انتهاء الصلاحية في أغسطس!
* في الحالتين الدقيق ضائع، والمال المدفوع في استيراده مهدر، لأن التاريخين مضيا فعلياً، ونحسب لهيئة المواصفات والمقاييس أنها ضبطت الشحنة قبل أن تتسرب من الميناء إلى بطونٍ جائعة، غزاها قبلاً ما يكفي ويفيض من البلاوي والسموم.
* سارع (المخزون الإستراتيجي) إلى التبرؤ من الشحنة، وأعلن أنها لا تخصه!
* بغض النظر عن هوية الجهة التي استوردت الدقيق الفاسد، فإن الواقعة تؤكد صحة ما ذكرناه عن المخاطر المترتبة على إحضار الدقيق بدلاً من القمح، علماً أن أول شحنة من الدقيق التركي التي استوردها رجال أعمال بارزون (برعاية وتشجيع وزارة المالية) تعرض خُمسها إلى التلف!
* نعيد ونكرر: الدقيق سلعة حساسة، لا تقبل التعامل بأسلوب الضربات الخاطفة الذي ينتهجه بعض التجار، لأن العمل فيها يحتاج إلى بنيات أساسية بمواصفات محددة، ويتطلب خبرات تراكمية نوعية، لا تتوافر لدى (جلابة الربح السريع).
* الدقيق هين، المصيبة في البنزين الذي ظهر شحّه، واستبانت صفوفه خلال الأيام الماضية لأول مرة منذ زمنٍ طويل، وعهدنا به أنه متوافر باستمرار، خلافاً للجازولين.. تُرى ماذا يعني حدوث أزمة في البنزين خلال الأيام الماضية؟
* أما الغاز فقد نافست صفوفه (صفوف الكورة) في طولها، وصار الحصول عليه يمثل هاجساً لكل ربة منزل، برغم تكرار حديث الحكومة عن اعتزامها إغراق الأسواق به.. ونرجو أن تكون قد شرعت في تلك السياسة بالشحنة التي وصلت أمس.
* إغراق وليس (إحراق) بشحٍّ مستمر ومزعج لسلعة لا بديل لها.

Exit mobile version