مقاطعة الدراما المصرية

تفاجأت بتصريح الناقد السر السيد الذي يدعو لمقاطعة الدراما المصرية في الشاشات السودانية المحلية ، و الذي جاء كردة فعل سريع لاساءة معاملة بعض السودانيين بمصر. الا ان عنصر المفاجأة زال سريعا ليس لان تبريرات السر السيد المتعلقة بالاستعلاء الثقافي كانت مقنعة ، ولكن بالفعل كما قال (المقاطعة) نوع من المقاومة الناعمة التي درجت عليها العديد من الشاشات العربية لاسيما ابوظبي التي ربما لمواقف تركيا تجاه بعض الدول العربية قد اوقفت تماما عرض المسلسلات التركية والتي كانت بداية مشاهدتها حصريا على شاشاتها ، وربما مصر نفسها انتهجت ذات النهج .

اذن المقاومة التي دعا اليها السر السيد واعترض عليها آخرون هي حق مشروع للدول يعبر عنها الاعلام وهو نهج معمول به حتى على مستوى مقاطعة (السلع) كما حدث مع المنتجات الدنماركية ناهيك عن (مقاطعة الثقافة والغزو الفكري) . لكن الاغرب من كل ذلك ان محاولة الاستاذ الطاهر حسن التوم في برنامج (حتى تكتمل الصورة) في حلقة خصصت لمناقشة الازمة ، في ان يتهم اعلامنا بعدم توصيل المنتوج السوداني ليغزو المصريين ، بدل ان نشكو نحن غزوهم ونطالب بمقاطعة الدراما المصرية وايقافها عن شاشاتنا المحلية .، قائلا (انتو وينا درامتكم؟) !

مايدعو للعجب حقيقة ان الاعلام السوداني رغم ميله للمسلسل المصري لم يحارب الابداع السودان واظهره للعالم لكن المشكلة لاتكمن في تقصير الاعلام او ضعف الدراما ، بل في (الاخر) الذي لايرانا من الاساس . بجانب المسلسل السوداني يتابع المتلقي المحلي الكثير من المنتوجات الابداعية من دول العالم ويواظب على الجلوس امام شاشات (ام بي سي ) والتصويت في ذا فويس ومتابعة مختلف الشئون الاخرى كخيار اختاره بمحض ارادته . بمعنى انه لم يتم بايعاز او توجيه من اي جهة اخرى ، وهو الامر الذي لايحدث للاعلام السوداني كأن يكون خيارا للمتابعة للمتلقي في مصر وهذا هو الفرق ، وان المتلقي السوداني اكثر انفتاحا على ثقافة الأخرين ومقارنة بالاشقاء في مصر هم اكتفوا بدور التصدير الثقافي لنا ولغيرنا وبالتالي غير مهتمين بمعرفة الثقافة السودانية مثقفين او مغنين والا لما مكث بينهم الراحل محمد وردي فنان افريقيا الاول عشر سنوات دون ان تطرق قناة مصرية ابوابه وهو في ارضهم .
التعالي على المبدع السوداني له مؤشرات ودلائل يجب النظر اليها تحت عين الاخاء التي لايجب ان تكون من الجانب السوداني فحسب ، فالاخاء بين الشعبين له متطلباته ، او على الاقل المعرفة المتكافأة بقليل من الاجتهاد ، وان تكون اكبر من اختزالها من جانبهم في عبارة (يا سمارة ـ يا ابن النيل) .

ماجدة حسن
الراي العام

Exit mobile version