هل وصل الحال بأخت بلادي الشقيقة للقتل والإساءة؟

من كان يصدق إن كل ما تناولته أجهزة الإعلام والأسافير حول تعرض سودانيين في مصر للموت والإساءة والتعذيب في المخافر.. وأحياناً السلب. لم أكن أصدق ذلك إلا بعد البيان الرسمي لوزير الخارجية البروفيسور إبراهيم غندور في المجلس الوطني حين تحدث بلغة الأرقام والمعلومات المؤكدة، مشيراً إلى أن عدد السودانيين الذين تعرضوا لكل هذا بلغ عددهم تسعة وثلاثون. وحين كان يلقي بيانه نهاراً حملت أنباء المساء عن مصرع ستة سودانيين آخرين برصاص قوة عسكرية مصرية قرب الحدود مع إسرائيل.
> أن تمر العلاقة بين الجارين لتوترات فهذا أمر طبيعي وحدث كثيراً بين السودان ومصر، كما يحدث بين السعودية والكويت، أو تونس والجزائر، ولكن غير الطبيعي أن يختفي صوت العقل الذي كثيراً ما يوقف مثل هذا النوع من الخراب في العلاقات. ولهذا من المشروع أن نسأل عن العقلاء في مصر الذين كانوا يتحركون في مثل هذه الحالات ويوقفوا مسلسل الإساءات والأكاذيب والإهانات في بعض القنوات المتفلتة والذي وصل إلى جهات رسمية تحقق وتسيء المعاملة وأحياناً (تأخذ ما في الجيب). وليت الأمر عند هذا الحد، بل وصل إلى التعذيب الجسدي للشيوخ ثم إلى الموت؟
> كنا نقول لأشقائنا المصريين ـ وحقيقة هم أشقاء ـ إنكم لا تعاملوننا بالمثل، فنحن ننشد ونغني لمصر، ونرتبط بعلاقة وثيقة بأشقائنا المصريين في الاغتراب، وتنشر أجهزة إعلامنا خاصة الصحف أخبار مصر المهمة وغير المهمة، ونتعب ونحن نقلب صفحات الصحف المصرية عن أي خبر عن السودان، ولا نجد.. وحتى لو وجدنا فهي الأخبار السالبة أو ذكر أسماء زعمائنا بأخطاء مقصودة مثل «محمد جعفر نميري»، و«أحمد عثمان الميرغني».
> نعلم أن الكثير في عالمنا المعاصر قد تدنى فثقافة اليوم لا تقارن بثقافة الأمس، وكُتاب اليوم ليسوا ككتاب الأمس، ورياضة اليوم ليست كرياضة الأمس، هذا هو الحال في بلادنا وفي مصر على وجه التحديد. وإلا هل ظهر في مثل زعيم مثل سعد زغلول يقول جئت مهتماً بأمر السودان أكثر من مصر.. وأقطعوا يدي ولا تقطعوا السودان عن مصر.. والزعيم جمال عبد الناصر الذي قال أعاد لي الشعب السوداني الثقة المفقودة وأن السودان هو العمق الإستراتيجي لمصر، كما كان يقول أنور السادات.
> لا نحمل رجل الشارع المصري المسكين المسؤولية بقدر ما نحملها للإعلام المصري العام والخاص. ولا نحمل القوة العسكرية المصرية المعتدية على السودانيين المسؤولية، بقدر ما نحملها للقيادة السياسية المصرية لأن استخدام القوة المفرطة كما جاء في أحد تقارير الأمم المتحدة عن مصرع سودانيين على الحدود مع إسرائيل.. والأسف لأن إسرائيل لا تفعل مع السودانيين المتجاوزين لحدودها بمثل هذه القوة المفرطة.
> نظل نسأل عن العقلاء في البلدين خاصة مصر، وقد ظهروا عام 2010م بعد الأزمة التي افتعلها الإعلام المصري الرسمي بتوجيه من جمال نجل الرئيس المعزول مبارك عقب مباراة مصر والجزائر في أم درمان.. ويومها ظهر العقلاء حتى داخل مجلس الشعب المصري ورفعوا الصوت العالي وقد فتحت لي صحيفة «المصري اليوم» لأعد تقريراً مصوراً ومسنوداً بشهادات موثَّقة عن الأكاذيب التي انتشرت عقب تلك المباراة.
> إن لم يجد العقلاء الفرصة للتدخل، فقد نتوقع أن هنالك عملية ممنهجة لاستمرار التدهور في العلاقات إرضاءً لضغوط خارجية. ونأمل ألا يكون ذلك صحيحاً. لأن مصر نفسها على طاولة وخطط المجتمع الدولي للدخول في قائمة دول الفوضى الخلاقة وتقسيم المنطقة. وللموضوع بقية.

كمال حامد
الانتباهة

Exit mobile version