لا يمكن ان يصوت المشاهد العربي للمطرب السوداني ..ببساطة لانو (العاديك معاهم منو؟؟)

الطرفة القديمة تقول ان اربعة من الفتيات كن يسرن سويا في احدى الشوارع …عندما بدأ احد الشباب في مغازلتهن ..وهو يقول (التلاتة بنات لابسات تياب ..ومقنعات ..واعذابي انا)..التفتت اليه احداهن قائلة ..(انحنا ذاتنا اربعة ..انت ما بتشوف ولا شنو)..فما كان منه الا ان قال لها (انت العاديك معاهن منو)….

قفزت هذه الطرفة الى ذهني وانا أتابع سهرة (ذا فويس) ..وشاهدت خروج مطربي السودان واحدا تلو الاخر ..نتيجة لتصويت الجمهور وترجيح الفنان كفة المنافس الاخر ..هذا لا يعني بأن امجد شاكر او محمد الطيب ليسا بموهبين ..ولكن شيرين او كاظم الساهر يعرفان اللونية التي يميل لها الجمهور العربي ولمن يمكن أن يصوت المتابعون في النهائي …لا يمكن ان يصوت المشاهد العربي للمطرب السوداني ..ببساطة لانو (العاديك معاهم منو؟؟)…

ولا علاقة لهذا للتعبير بموضوع الهوية والاستعلاء العرقي ..ولكن له علاقة بالذوق العام للشعوب والتي نصر كل ذات مرة على تجاهلها ونظل نتهم الاعلام العربي بالتعالي والاقصاء..ولكن القصة تكمن في اننا نميل ونطرب الى السلم الموسيقي الافريقي ..كما يفضله جيراننا الافارقة في اثيوبيا واريتريا وتشاد وجنوب السودان …

اي مشارك سوداني يغني باللغة الانجليزية ولا يحاول ان يغني لام كلثوم او وديع الصافي او فيروز او محمد عبده ..هل تساءلنا لماذا ؟؟ ..الغناء العربي بعيد عن وجداننا..كذلك ما نتذوقه نحن ليس بالضرورة ما يطربهم .. غنى امجد شاكر اغنية لشرحبيل واغنية باللغة الانجليزية …وعندما علق عليه كاظم قال (مزج اللون السوداني ..بالانجليزي)…

وقد كانت رسالة واضحة ان اللون السوداني مختلف ..عن ما يؤديه البقية ..امتدحه ولكنه اختار الاخر ..لانه يخاطب الجمهور العربي الذي سيصوت في النهاية لما يطربه ..و (اللي تغلب به العب به)…كذلك عندما غنى محمد الطيب أغنية محمد منير (الليلة يا سمرا ) ..كان ينطق كلمة الليلة بطريقتنا السودانية بفتح الألف التي يكسرها المصريون…هل ممكن ان اعرف كم مرة نحتاجها لكي نعي هذا الدرس وننتهي من هذه الدوامة ؟؟ ..

في النهاية … لست بناقدة فنية و اعرف انه لا يحق لي التنظير في هذا المجال ..ولكني ..أقول رأيي كمواطنة سودانية أرهقها هذا الجري وراء (رهاب) الاعلام العربي .و.كل القصة ..ان العرب لا يطربون لذات السلم الموسيقي (تبعنا) ..و يعتبرون ان الغناء السوداني لونية مختلفة ..وهذه حقيقة لا أدرى الجدوى من تجاهلها .. .. .. الامر ببساطة ان الجماعة (ما عاديننا معاهم ) ..وعلى قول كاظم الساهر في اغنية (البنية ) ..( هادي بيها شىء ؟؟…لا ما بيها ).

د. ناهد قرناص

Exit mobile version