إيهاب عربي .. الرحيل الأليم

-1-
في صيف 96 القائظ في العاصمة السودانية الخرطوم, التقيته وقد حضر للتو من المدينة عرب التي كان يعمل بها والده , جاء وهو طري العود يافعا بوجه طفولي بشوش وقد تم قبوله بجامعة النيلين, بدأ حياته بروح عصامية فالتحق بمهنة التدريس لمرحلة الأساس وظل يعمل ويدرس بالجامعة لتوفير مصاريفه وما فاض عنها أرسله لوالده الموظف بمستشفى المدينة عرب.
لو طلب منا أن نكتب عن شاب عصامي نقتدي به في حياتنا قد لا نجد قصة شاب كون حياته من لاشيء وصبر وصابر وثابر مثل إيهاب . حصل على البكالرويس في التربية, ثم اتجه إلى القانون وحصل على البكالريوس ثم الماجستير ثم نال درجة الدكتوراة وظل يعمل محاميا بمكتبه في قلب الخرطوم واستاذا جامعيا في إحدى الجامعات. ليحمل عن والده الذي تقاعد بالمعاش واستقر بالخرطوم هم المعيشة وحمل إخوته الصغار.

-2-
استأجرت الأسرة منزلاً بشمبات وظل إيهاب يعمل ليل نهار ينشد لأسرته الإستقرار, حتى توفق في شراء منزل متواضع لهم بالدروشاب, قام بصيانته وتأثيثه بعرق جبينه الحلال ليضم أسرته الكريمة.
عانى في الفترة الأخيرة من إصابته بفشل كلوي, مما اضطره للغسيل مرتين في الأسبوع , إلا أن عزيمته لم تلن ولم يتسرب إليه اليأس والخمول والإحباط بل ظل في ذات نشاطه المعهود و إبتسامته التي لم تختف عن ثغره, يلقاك هاشا باشا في حفاوة متفردة, أرسلت له بالواتس معتذراً لعدم تمكني من زيارته في بدايات اكتشافه للمرض رد على رسالتي قائلاً : ( أنت أخ أكبر لى واننا نحبك ومافى لوم وأنت حبيب وقريب ومافى عتاب بينا بس وريتك خبر الزيارة ) , أي والله بهذه الكلمات الطيبات المتدفقة حباً ووداً كان رده!!

-3-
على حافة قبره بمقابر شمبات نعاه نقيب المحامين بمنطقة بحري متحدثا عن شمائله الطيبة قائلاً : ( أن إيهاب كان متميزاً بين الزملاء نجم له وميض وسطهم , نشطاً ومبادراً ومتحمسا رغم مرضه يتفوف على الأصحاء).
ظل فاعلا في مجموعة التناقسة على الواتساب حتى آخر حياته, يشكل حضورا انيقا في معظم المناسبات رغم بعد المسافات, ويرسل سائلا ما المطلوب مني في المشاركة ؟ وإن غاب يقول أن اليوم صادف ( الغسيل الكلوي) الراتب له.
رحمك الله أخانا إيهاب الزاهد العابد , المرهف , الرقيق الصبوح, الذي لاتراه إلا مبتسما .
كان يستعد لزفافه بعد أن يجري ( زراعة كلى ) تبرعت بها شقيقته , واكتملت كافة الفحوصات استعداداً للسفر إلى الأردن, فعاجلته المنية وليس غاليا على الله , بعد أن أثبتت له المواقف الصعبة مدى حب أخوانه وجميع أسرته وهم يتدافعون للاستعداد بالتبرع باعضائهم من أجل حياته الغالية لهم , سائلين الله أن يزف إلى جناته وأن يجعله في مقعد صدق عند مليك مقتدر , ويلزم أسرته وأهله الصبر والسلوان.

إلى لقاء ..

من الآخر – محمد الطاهر العيسابي
motahir222@hotmail.com
صحيفة السوداني

Exit mobile version