خد لك ..كيت كات

كانت هناك جملة تقولها الحاجة رحمة الله عليها ..عندما يضيق خلقها من (نقة) ابني الصغير …الذي كان يأتي اليها من الروضة ويمكث عندها حتى عودتي من العمل …بمجرد رؤيتها يبدأ في سرد قصص الروضة (شفتي يا حبوبة ..انا دقيت احمد الدسوقي عشان شال حلاوتي ..وكمان رزان خاصمته ..قالت ليهو ليه تشيل قلمي ..لكن محسن ما جاء الليلة ..قالوا عنده نزلة ..ووووو) …ويستطرد في الحديث الى ما لا نهاية فتستغرب الحاجة وتقول له بالنوبية ( اهمد ..ني اكا شورتي سويتي ؟؟) ..وتعني حرفيا (يا احمد ..البشيل ليك النفس منو ) ..ذلك ان الحديث المتواصل لابد ان تأتي نقطة ينقطع التنفس فيها وتضطر الى وقفة تاخذ فيها كثير من الاكسجين .. وتجمع فيها أشتات افكارك …وقد كنت اضحك عند سرد هذه الواقعة واردد العبارة لكل شخص أراه يتحدث بلا انقطاع ..واتساءل كما تساءلت الحاجة رحمة الله عليها (يا ربي البشيل النفس للزول دا منو؟؟)..

د. ناهد قرناص
قفزت هذه العبارة الى ذهني بالحاح ..عندما استمعت الى المقاطع الصوتية الخاصة بالناشطة السياسية القادمة حديثا الى رحاب الوطن ..وكنت قد استمعت الى تسجيلات صوتية خاصة بها كثيرة ..عندما كانت على الجانب الاخر من النهر ..وقبل ان (تعبر) الى الضفة الاخرى …ان كان ثمة شئ يستحق الوقوف عنده (بعد نفض كل تلك الاساءات لمن كانوا رفقاء الأمس ) …هو انني أريد ان اتساءل (البشيل ليها النفس منو؟) ..لكن الامر الذي لفت نظري حقيقة ….انه في كل دول العالم ..يبدأ تأهيل السياسي منذ الصغر ..وعندما يأخذ اي منصب حزبي ..يتم تدريبه على دبلوماسية الحديث وكيفية ادارة الحوار ..وكيف يخرج منتصرا من المناظرات السياسة مع الخصوم دون ان يضطر الى فقد احترام الجمهور الذي يتابع بدقة كل لفتة او همسة من ذلك السياسي … اما في بلادي فأسهل شئ هو (تعاطي السياسة ) ما عليك الا ان تجمع قاموسا من (الشتائم ) وتلفظه في اتجاه من هو في سدة الحكم ..حتى تسترعي انتباهه …ويتصاعد الموقف ..حتى تعلن صورتك وتعلق على الجدران ..مطلوبا حيا او ميتا .. تنزع منك الجنسية ..وتلعن في كل المنابر ..ومن ثم فجأة …تجري مياها كثيرة تحت الجسر… (سبحان الذي يغير ولا يتغير )..وتصير شخصية قومية ..يتم دعوتها للبلاد ..وتتصدر صورها كل وسائل الاعلام …ولن يمضي وقت قصير ..حتى تأخذ التسجيلات الصوتية منحى اخر ..ووووو…بس خلاص
على الأقل هذا (أسلم ) من ناحية السلامة البدنية ..اكثر من حمل السلاح ودخول الغابة ..دي بقت موضة قديمة …وفيها خطورة على النفس ..ويا روح ما بعدك روح ..عايز تبقى مناضل ..ويتم استقبالك عبر صالة كبار الزوار …اعمل كم تسجيل صوتي ..ولا تنسى ان تضيف اليه كم شتيمة كدا وكم تحدي .. اطلقه عبر الوسائط الاجتماعية .ثم واصل التسجيل تلو الاخر ..لا تتوقف للحظة ….بس اهم شئ ..اعمل تدريبات على التنفس من الخياشيم …عندما يبلغ بك التعب مبلغا ..قل لنفسك ..هانت ..قربنا …عند العبور الى الضفة الاخرى …هناك يمكنك أن تاخذ (نفسا طويلا) وتتنهد بارتياح ..هناك فقط يمكنك ان تقول لنفسك (خد لك بريك …خد لك ..كيت كات )

د. ناهد قرناص

Exit mobile version