السفراء .. جدل الاختيار

درجت عدد من وزارات الخارجية في كثير من دول العالم على تعيين شخصيات أورموز سياسية كدبلوماسين بدرجة سفراء، وعلى الرغم من أنها ممارسة معمول بها في عدة دول، إلا أنها تتم في حالات محدودة للغاية، حينما يكون للدولة هدف أو أهداف محددة تعوّل من خلالها على الشخصية المعينة لتنفيذ المهمة. كما أن التعيين يتم وفقاً لمعايير دقيقة وليس ترضيات أو ولاءات سياسية.

ووزارة الخارجية السودانية واحدة من الوزرات التي قامت باستيعاب سياسيين في درجة سفير بجانب نظيراتها الأمريكية والبريطانية والمصرية، ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً يتم تعيين نحو 25% من سفراء وزارة الخارجية الأمريكية تعييناً سياسياً، وفور أداء الرئيس الأمريكي الجديد المنخب للقسم يدفع السفراء باستقالاتهم، وبالتالي إحالة ذات العدد منهم للمعاش، فيما تتستوعب الخارجية السودانية نحو
5% من المعينين سياسياً، حسب وزير الخارجية البروفسير إبراهيم غندور في حديث سابق له، وقد ابتدر التعيين فى عهد الرئيس الراحل جعفر نميرى وفقاً لقانون السلك الدبلوماسي، وقد تم تعيين أحمد الشريف حديد قائد القوات العربية إبان غزو العراق لدولة الكويت، فكان أن قامت الدول العربية بتشكيل قوة عربية برئاسة الحديد، وتم تعيينه سفيراً للسودان بدولة الكويت، حيث اعتمد على تعيينه علاقاته مع دولة الكويت بجانب أمثلة كثيرة أخرى.. ومؤخراً عين الرئيس البشير القيادي بحزب التحرير والعدالة «جناح سيسي» جعفر مونرو سفيراً، ومعلوم عن الرجل إجادته للإنجليزية والفرنسية وله دراسات عليا من جامعة فرنسية.

ويقول دبلوماسي سابق إن أغلب السفراء الذين عينوا بالوزارة مؤخراً يرجع للولاء السياسي أو نتيجة المحاصصة السياسية خاصة عقب التوقيع على اتفاقية نيفاشا، فقد تم استيعاب نحو 23%من الدبلوماسيين بينهم سفراء بالوزارة استناداً على المرسوم الدستوري، بجانب استيعاب عدد من منسوبي الحركات المتمردة التى انحازت للسلام، وسفراء من الحزب الديمقراطي وحزب الأمة.

كما أن التعيين قد لايكون لتك الأسباب التي ذكرت آنفاً، ففي بريطانيا مثلاً أعلنت وزارة الخارجية في إحدى صحفها عن حاجتها لسفير يجيد اللغة الفيتنامية، فكان أن تم استيعاب أحد المواطنيين لإجادته اللغة المطلوبة، وفي حادثة بريطانية مماثلة فإن السفير البريطاني بالخرطوم الحالي مايكل آرون كان معلماً بالدامر شمال البلاد، وتم استيعابه بالخارجية البريطانية لمعرفته طبيعة الديمغرافية بالسودان، واستوعب في عدد من المحطات الخارجية ثم الخرطوم.

غير أن هنالك الكثير من المحاذير والمآخذ التي اتخذها مراقبون في الشأن الدبلوماسي على أداء السفراء الذين يتم تعيينهم سياسياً، ويقول أحدهم في إفادته لـ«آخر لحظة» إن أحد الأسباب لتراجع أداء العمل الخارجي للوزارة أن بعضهم يفتقرون لأساسيات العرف و العمل الدبلوماسي، وتوضيح موقف السودان بشكل واضح، حيث نجد أن أغلبهم لا يجيدون اللغات اللأجنبية كما أنه كان خصماً على رصفائهم بالكادر الدبلوماسي خاصة في عملية الترقيات والتنقلات، ويقول أحدهم فضل حجب اسمه، إن التعيين يجب أن لا يؤثر على الكوتة المخصصة للدبلوماسيين.
ويقول المراقب إن بعض السفراء المعينيين سياسياً ألحقوا الضرر بمصلحة البلاد، لاسيما من الذين يتم تعيينهم للمحاصصة السياسية، حيث يفتقرون لفنيات وأدبيات العمل الدبلوماسي وأسراره وعدم اهتمامهم بمصلحة البلاد العليا، في إشارة لحادثة قنصل الأسكندرية الذي كلف الوزارة أموالاً طائلة لإعادة التعامل مع النظام السري للشفرات مبدئاً تخوفه من أن بعضهم قد يعبر عن عن تنظيمه في إشارة للسفير ووزير الخارجية الأسبق دينق ألور الذي كان يعبر عن رأي الحركة الشعبية آنذاك.

فيما رأى سياسي مخضرم أن تعيين السياسي كسفير حق مشروع كمبدأ درجت عليه الكثير من الدول، وشدد بأن ليس كل سياسي يشغل المنصب فاشل أو ضعيف فهناك الكثيرون عينوا وقاموا بشغل المنصب باقتدار وهنالك أمثلة كثيرة، وشدد أنه ليس كل من يعين سياسياً خصماً على الوطن، مقراً في ذات الوقت بوجود ضعف لبعضهم.

وبجانب ذالك فهنالك بعض الإيجابيات، حيث يرى دبلوماسي أن بعضهم رفد العمل الدبلوماسي بإضافات جميلة،رفعت الأداء نوعاً ما فمنهم من كان ضليعاً في اللغات مثل سفير السودان السابق بواشنطن مهدي إبراهيم الذي شكل إضافة نوعية للعمل الدبلوماسي، وأحمد سليمان المحامي كسياسي محنك، وربيع محمد أحمد مثقف وسياسي وأكاديمى متميز بجامعة الخرطوم.

تقرير:أحلام الطيب
صحيفة آخر لحظة

Exit mobile version