كاتب فلسطيني: عدم اعتماد السوداني شهيداً في فلسطين سيغضب امير المسلمين عمر البشير “رضي الله عنه”

أسير ايرلندي وشهيد سوداني
في الزمن الانتفاضي يتعلم الناس اضعاف اضعاف ما كان يمكن ان يتعلموه في الزمن الاعتيادي ، ويختزلون السنوات في اشهر معدودات واحيانا في اسابيع ، وتتداخل المقدمات في النتائج ، وتتبادل الرئيسيات ادوارها بالثانويات ، ويدخل على الخط قضايا جديدة كان يظن انها لن تتصدر الموقف قبل مرور وقت طويل قادم .

وعلى الرغم من ان هذه الانتفاضة لم تحظ بالدعم الرسمي المأمول من قبل قياداتها الفصائلية ، الا انها استطاعت ان تفرض على رافضيها ومنتقديها ، بما في ذلك فصائل يسارية ، عدم البوح بمثل هذا الموقف الرفضي ، الذي يتقاطع شئنا ام أبينا مع الموقف المعادي ، الذي تفنن في محاربتها والاجهاز عليها في مهدها ، لكن هذا المهد استغرقهم خمسة أشهر ، دون ان يلوح امامهم اية بارقة أمل نحو نهايتها .

لقد نجح شهداؤها اليافعون الذي يقترب عددهم من المئتين ، ومثلهم من الاباء والامهات والاشقاء والشقيقات والمعارف والاقارب والاصدقاء والجيران والزملاء ، واضعاف اضعافهم من الجرحى والاسرى ، موزعون على عشرات المدن والقرى والمخيمات ، في فرض الحالة النهوضية والكفاحية على زمان كاد النكوص يصبح عناونه ، وكاد الشكل التفاوضي العقيم الذي امتد لما يزيد على العقدين ان يصبح سكته وقطاره على حد سواء .

لقد فرضت الانتفاضة رأيها على ما يجب ان يكون ، وما يجب ان لا يكون ، بما في ذلك موضوع المصالحة المخضرم ، وترحيل اجتماع المجلس الوطني ذات العضوية الشائخة واستبدالها بشباب شائخ من ذوي النهج التفاوضي المستشري والتسيق الامني المقدس . على الاقل حالت الانتفاضة ان يظل مقدسا ، وارتفعت اصوات منتقديه حتى لنجد من بينهم اصحابه والضالعين فيه ، ولا نظن انه سيمر وقت طويل قبل ان تدكه الانتفاضة بسبائكها .

اضراب الاسير محمد القيق الذي فاق اصحاب الطريقة الايرلندية انفسهم ، بمثل هذا الشموخ والتحدي ، المستمد اصلا من شموخ الانتفاضة ذاتها ، انما يعمقها ويقدم لها دعما فرديا يفوق ما كان يمكن ان تقدمه لها الاحزاب والجماعات .

الشهيد السوداني في عسقلان ، حكاية كاد يطويها النسيان في أتون الحقبة الخاوية التي امتدت الى ما يزيد على ربع قرن من سلام الخذلان وسلام الخرفان الذي تأمل فيه الراحل عرفات ان يكون سلام الشجعان ، فأتت على اي تضامن كفاحي اممي او عربي ، او حتى فلسطيني من عرب الداخل كما حدث في مماحكة نشأت ملحم من عرعرة ان كان شهيدا ام لا ، فحسمته الانتفاضة احد شهدائها البارزين .

وهذا ما ستحسمه ايضا ازاء الشهيد السوداني رغم ان المماحكة حوله تطول هذه المرة تيارات الدين السياسي التي ترفض اعتماده في قوائمها ، ربما لانه سوداني وسيغضب ذلك امير المسلمين عمر البشير “رضي الله عنه” .

كتب حمدي فراج
وطن للأنباء

Exit mobile version