الإعلام والصحافة والاستفتاء..

> الحملة المنظمة ضد الاستفتاء في دارفور في الداخل والخارج، هي آخر ما يمكن أن تفعله الجهات الأجنبية الداعمة للحركات المتمردة، للإبقاء على الأوضاع على سطح صفيح ساخن، حيث تقوم منظمات أجنبية ودوائر استخبارية غربية بدفع بعض أبناء دارفور في الحركات والناشطين في الداخل والخارج، بالترويج للشائعات ومحاولة تخذيل المواطنين وتحريضهم ضد الاستفتاء، وهو استحقاق وارد في وثيقة الدوحة، وتمت الإشارة إليه في اتفاقية أبوجا من قبل.
> وخذل الإقبال الكبير للمواطنين على التسجيل في الولايات الخمس وحماسهم وتدافعهم عليه، من يتربصون بالاستفتاء ويسعون لتخريبه أو إيقافه، بالرغم من الحملة الإعلامية والدعائية المعادية التي انطلقت من الخارج ووجدت لها صدىً محدوداً في الداخل، كانت تهدف لمنع المواطنين وأبناء دارفور من المشاركة في التسجيل ومن بعده الاستفتاء في أبريل القادم. ولكن الخطير في الأمر، أن المنظمات الأجنبية التي تعمل في دارفور، والبعثات الموجودة هناك، لا يمكن إعفاءها من دعم التضليل والتشويش الحادث الآن.
> مقابل ذلك لا تجد ترتيبات إعلامية رسمية وغير رسمية ذات فاعلية قوية في النشاط العام في دارفور الآن، فالعمل السياسي يحتاج إلى تحريك أكبر، كما يحتاج الاستفتاء إلى اهتمام إعلامي كبير ومؤثر أكثر من ما يجري الآن. فعدا البرامج الإذاعية اليومية والتقارير التلفزيونية التي ترد من فترة لأخرى، والتناول الصحافي المحصور، لا توجد حملة بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ تقابل الدعاية السوداء التي تبث من الخارج.
> فالحكومة وأحزابها عليها دور كبير في تعبئة المواطنين في ولايات دارفور نحو التسجيل، وبث روح قوية ونشطة بين أهل دارفور جميعاً ليكون الجدل بينهم في موضوع الاستفتاء نفسه، ويجب ألا نترك الأمر لمفوضية الاستفاء التي عليها واجب في مجال الإعلان في ما يخص العملية من ناحية فنية، لكن التحرك الإعلامي المطلوب في هذا الصدد هو مواجهة الحملة الخارجية والأصداء التي تصنعها في الداخل، خاصة من بعض السياسيين ومؤيدي الحركات المتمردة، وهنا في الداخل هناك من يتهمون أن الرجوع للوراء وعودة الإقليم ، سيعيد لهم أمجاداً غربت عنها الشمس ..!
> التحولات التي حدثت في السودان وفي دارفور بالتحديد، لن تتيح فرصة لخيار الإقليم مهما حاول البعض تسويقه، فهو بضاعة قديمة فسدت وصارت بلا جدوى، فلو رجعت دارفور واختارت خيار الإقليم، ستحيا صراعات أكثر من التي نعيشها الآن، فقد كانت الطبقة السياسية محدودة في فترة السبعينيات والثمانينيات وحتى مطلع التسعينيات من القرن الماضي، عندما كان إقليم دارفور موحداً، ورغم ذلك كانت الصراعات المناطقية والقبلية على أشدها والتنافس على السلطة لا حدود له، فكيف يكون الحال اليوم وقد توسعت الطبقية السياسية من أبناء دارفور رأسياً وأفقياً، وصارت السياسة تدار بالمعيار القبلي الضيق والاعتبارات المناطقية المتدنية والمنحدرة للقاع!.
> وكيف سيكون حال المناطق المختلفة التي لن تتوفر على كامل حقوقها ومكتسباتها التي حصلت عليها من تطبيق الحكم الاتحادي في مستوياته الثلاثة..؟ وكيف يستطيع المواطن البسيط في دارفور والمتمتع بمستويين قريبين منه هما الحكم الولائي والمحلي، أن يتعامل مع أنموذج سيء للحكم عرفه خلال السنوات البعيدة الماضية وتجاوزه الزمن.
> ومن اللافت أن بعض الغلاة في الدعوة للإقليم حتى داخل المؤتمر الوطني خلال السنوات الماضية ثابوا إلى رشدهم بعد أن كانوا أشد المنادين بإلغاء الوضع الحالي وقيام إقليم واحد، لكن حتى هذا يحتاج لترويج وتناول إعلامي مكثف لأنهم عندما كانوا ينادون بالإقليم ويتوافقون من رأي الحركات المتمردة، كانت هناك أذان تستمع إليهم وتؤيد ما يذهبون إليه، لكن الله غير ما في قلوبهم وألسنتهم .
> إن وسائل الإعلام والصحافة عليها مسؤولية كبيرة في العمل من أجل نجاح عملية الاستفتاء الإداري لدارفور، لأنه سيحسم القضية الرئيسة ويسد الذرائع ويوقف دعاوى المواجهات والحروب، وينزع عن الحركات المتمردة أوهامها وأوراقها السياسية القليلة التي كانت تلعب بها على المسرح الخارجي. .

Exit mobile version