حرب البيانات تشتعل صراع الكيانات في الجزيرة.. “إيلا” في مواجهة “أهل الفزعة”

الوطني بالجزيرة: المعارضون أصوات نشاز هدفهم تأجيج الصراع بالولاية
الشعراني: البيان لا يمثل المؤتمر الوطني وإنما بوق للإيلاويين بالجزيرة

الريح عبد الباقي حسين: إيلا “جابو” الرئيس ويجب أن ننصاع لبيعة الرئيس
الحارث عبد القادر: ما المغزى من تحوّل ليالي الجزيرة إلى غناء وطرب؟

ألقت مجموعة (أهل الفزعة) حجراً كبيراً في بركة ولاية الجزيرة التي يتهادى النيل عند عاصمتها ود مدني بهدأة لا تشبه الأزرق وغضباته. وتتبنى المجموعة التي يقودها عدد من زعامات المؤتمر الوطني بولاية الجزيرة خطاً مناهضاً لحكومة والي الولاية محمد طاهر إيلا، وتسم حكمه بتهم أقلها الانصرافية المتمظهرة في إقامة فعاليات لا تغني ولا تسمن من جوع، وذلك دون أن تبالي المجموعة بمهرجان السياحة والتسوق الذي يقال إنه جعل المدينة الوسطية تعيش حركة دائبة وتشهد عملاً كبيراً في مجالات الطرق والمشروعات الأخرى المصاحبة.

على العموم يبدو أن الجدل الذي أحدثته زيارة وفد ولاية الجزيرة المشارك في فعاليات مهرجان السياحة والتسوق بولاية إيلا السابقة، ولاية البحر الأحمر، سرَّع من وتيرة حراك “أهل الفزعة”، فكان أن التأم شملهم في ولاية الخرطوم، وخلصوا إلى انتخاب لجنة تمهيدية للكيان الوليد برئاسة د. محمد عبد الله كوكو رئيس لجنة التعليم الأسبق بتشريعي الجزيرة.

رغبة حزب المؤتمر الوطني الممسك بمقاليد الولاية في احتواء تلك التحركات جعلته يدفع ببيان ممهور بتوقيع أمانة الإعلام ويهاجم تلك المجموعة، ويكيل ضدها الاتهامات بقسوة وهو حال جعل الولاية مقسومة بين مؤيد للكيان ورافض فيما لا يزال آخرون في خانة الحياد، مع أن بعضهم قد ينتظر ما ستسفر عنه مقبلات الأيام وذلك ليأخذ مكانه في صف إحدى الفرق.

ومتحفز ورافض.

خروج عن الخط
قال كوكو في تصريحات تلت الاجتماع إن الهدف من قيام الكيان هو خدمة أهل الجزيرة واستعادة حقوقهم المهضومة معتبرًا أن الولاية تأخرت كثيراً عن بقية الولايات، وشهدت تدهوراً كبيراً في الخدمات. وأشار في حديث مع “الصيحة” إلى أن الوالي الحالي د. محمد طاهر إيلا ظل منذ مجيئه إلى الولاية يعمل بعيداً عن هموم المواطن مع الاشتغال بأشياء وصفها بـ (الفارغة) التي لا علاقة لها بالمواطن من شاكلة المهرجانات والحفلات، لافتاً إلى أن المواطن يحتاج للقمة العيش والتعليم والصحة والمياه. وقال: (إيلا بعيد عن هذه الأشياء ومواطن الجزيرة ما يزال يتلقى علاجه بمستشفيات الخرطوم)!!

في سياق ذي صلة، أكد رئيس قطاع التنظيم السابق بالمؤتمر الوطني وعضو اللجنة التمهيدية للكيان خالد الشعراني أن الهدف من تكوين هذا الجسم خلق حالة استقرار بالولاية عبر العمل الطوعي، لافتاً إلى أن (اهل الفزعة) كيان مناهض لسياسات الوالي الأحادية في الولاية، وضد استغلال اسم الجزيرة ومقدراتها في تمويل برامج ومصالح شخصية، معرباً عن رفضهم تبني حملات شخصية باسم الجزيرة والمساهمة في إنتاج وتصدير الصراعات لولاية البحر الأحمر والاشتغال بأعمال بعيدة كل البعد عن احتياجات المواطن.

مجموعة حاقدة
أسهمت تصريحات قادة كيان “أهل الفزعة” في بروز خلافات حادة داخل الكيان الوليد نفسه. يقول عضو المجلس التشريعي السابق عثمان أحمد الطيب (المحامي) أن أهل الفزعة خرجوا عن الخط المرسوم، وبالتالي تنامت الخلافات بصورة تدريجية وصولاً إلى مرحلة (الانحراف عن الخط) ما أدى لانسلاخ كثيرين جراء ما نعته بالأكاذيب التي يمارسها بعض من قادة وأعضاء الكيان.

وأوضح عثمان أن الخلاف في الأيدلوجيات بين مكونات (أهل الفزعة) كفيل بنسف الكيان، مشيراً إلى ضم الكيان تيارات سياسية مختلفة بعضها ذو رؤى متطرفة، لافتاً إلى أن قيادة الكيان تقود تياراً لمعاداة الوالي محمد طاهر إيلا وتأليب الرأي العام ضده.

واختصر عثمان الكيان حالياً بأنه مجموعة شخوص تحمل حقداً دفيناً على حكومة الولاية، كاشفاً أن ما حققه إيلا في فترته القصيرة بالولاية لم يتمكن من إنجازه أعضاء الكيان وبعضهم اشتغل في مناصب تنفيذية ودستورية وسياسية من تحقيقه طوال سنوات عديدة، أضاعوا فيها الولاية بتعمد تصفية القيادات الحقيقية ذات البعد الجماهيري التي قدمت للولاية عملاً كبيراً ليجلسوا مكانهم.

عودة للوراء
أصدرت أمانة الإعلام في حزب المؤتمر الوطني بولاية الجزيرة بياناً اتهمت خلاله الكيان بأنه يمثل أصواتاً نشازاً تعمل على إرجاع الولاية للوراء من خلال إطلاق أحاديث (جوفاء) لا يسندها الواقع ولا يؤيدها المنطق، وبالتالي يظهر أصحابها مغردين خارج السرب.

ونبه البيان الذي تلقت “الصيحة” نسخة منه، إلى أن المجموعة تعمل على زعزعة النسيج الاجتماعي بتبنيها خطاباً جهوياً وعنصرياً لا يشبه ولاية الجزيرة وأهلها المعروفين بالترحاب والبشاشة لكل من يأتيهم من خارج الولاية، بل واستيعابه ضمن مكونها الديمغرافي بتلقائية قلّ أن تجد لها نظيراً وتميز أهل الجزيرة خاصة.

واجتر البيان الذكريات، بذم الفترات التي قضاها بعض من قادة الكيان في موقع اتخاذ القرار بالولاية، فما قبضت الجزيرة سوى الريح وما حصدت خلاف الهشيم، مع عودة منتنة لأمراض لم تعرفها أرض المشروع والتي بدلاً من أن تنتج زرعاً وخضرة باتت بفعل أولئك منتجة للفرقة والتشرذم والشتات.

ومضى البيان ليصف تلك الأيام بأنها الأسوأ في حياة الجزيرة حيث عاشت كبريات مدن الولاية وقراها صراعات محتدمة، فما تكاد الناس تفرغ من إطفاء حريق حتى يظهر رجالات الحرائق ليسهموا في إشعال صراعات جديدة نتيجة سياسات خرقاء صادرة عن أصوات نشاز التي اعتادت إنتاج وتدوير الأزمات كما في محاولتهم الأخيرة بعث عنقاء الخلاف مجدداً عبر كيانهم الساعي لتجديد ذات الأزمات، وذلك بعدما تعافت الولاية وصارت جسداً واحداً يلتف حوله الجميع من أجل الجزيرة ونهضتها وصالح إنسانها.

وغير بعيد عن ذلك، يقول القيادي بالمؤتمر الوطني الريح عبد الباقي حسين إن هذه الأصوات ذاتها تسببت في إفساد العمل السياسي بالولاية بفترات سابقة وزاد: هذه المجموعة قامت بصناعة تكتلات وشلليات فاشلة أعادت الولاية القهقرى، دامغاً مكونات المجموعة بالفشل في إنجاز أي مشروع علاوة على أنهم عطلوا التنمية لإدارتهم أعمالهم السياسية من داخل المكاتب والدور الحكومية بحجة العمل الإنساني، فيما الحقيقي أنهم يديرون العمل بغلاف سياسي لتجييره لصالح الشلة السابقة، وقال: نحن لدينا عهد مع رئيس الجمهورية، وإيلا جابو الرئيس ويجب أن ننصاع لبيعة الرئيس.

من جانبه، قطع أمين التنظيم السابق وعضو شورى المؤتمر الوطني بالجزيرة خالد الشعراني بأن البيان لا يمثل الحزب، واعتبره حديثاً صادرا من أبواق أنصار إيلا في الولاية، منبهاً إلى أن التنظيم الذي يتخلق الآن في الجزيرة يقضي على مكتسبات الحركة الإسلامية. وقال: (الموجود حزب جديد يتخلق حالياً، وتم تشكيله في الجزيرة واستقطب له عدداً من الأشخاص من خارج الولاية لصناعة كيان الإيلاويين بالجزيرة.

مكب للنفايات
انبرى رئيس كتلة نواب الوطني بالجزيرة عبد الله بابكر في صف المناوئين لـ “أهل الفزعة” وقال إنه كيان يعبر عن انهزام الحرس القديم، وأشار إلى أنه يمثل واجهة لقيادات مهزومة، وأضاف: من يقودونه كانوا فى السلطة قبل ذلك وليسألوا أنفسهم ماذا قدموا لأهل الجزيرة حينها، وليقارنوه بما تحقق من إنجازات لشعب الجزيرة فى سبعة أشهر، هي عمر حكومة إيلا.

موضحاً أن حديثهم عن اشتغال حكومة الولاية بالغناء والرقص حديث مضحك بحسبان أن ما تعيشه الجزيرة من فرح حالياً في دار الرياضة وشارع النيل وفي قرية التراث هو إحياء لما قدمته الولاية على مر السنين من الإبداع والفنون مشيراً إلى أن إقامة الأسبوع الرياضي يعبر بصدق عن مكونات الجزيرة الرياضية والتي خرجت الأفذاذ من اللاعبين وأسبوع الذكر والذاكرين هو إحياء لذكرى الصالحين من أهل الولاية في مدني، حيث يرقد الشيخ مدني السني والشيخ عبد السيد والشيخ شاطوط والشيخ ود كنان وفي شرقها حيث أهل أبوحراز 99 بنية، الشيخ يوسف أبو شرا، والشيخ العليش والشيخ دفع الله المصوبن، وآخرون من أهل الذكر والذاكرين، مقدماً الدعوة لأهل “الفزعة” لزيارة حاضرة الولاية والمحليات التي شهدت في عهدهم أسوأ أنواع الخدمات وأصبحت بمقتضى حكمهم مدينة ودمدني مكباً للنفايات. وأردف: عليهم مشاهدة الإنجازات في كافة المجالات وليروا كيف تحول إنسان الجزيرة من إنسان محبط إلى إنسان أعادت فيه حكومة إيلا الثقة وأصبح داعماً شعبياً لحكومة الأهل والتحدي.

وفي خصوص أحاديث الكيان عن تردي الأحوال الصحية بالولاية، يقول بابكر: هذا زعم مردود عليهم، داعياً وقبل إطلاق أية نعوت بالوقوف ميدانياً على المرافق الصحية، ومن ثم استل سيفه ضد قادة الكيان ممن وصفهم بالفشل، وقال : نحن ندعوهم للكف عن هذه التصرفات حتى نجعل من ولايتنا ولاية مستقرة واعدة مطمئنة منتظرة ما يحدث لها من نماء ورخاء في القريب، وذلك في كافة المجالات الخدمية وطالب بالرهان على حكومة الأمل والتحدي – حد تعبيره- مؤكداً أن حكومة الجزيرة التي يقودها إيلا سيكون لها شأن عظيم وقال: نؤكد أن الحاضنة الشعبية التي تتشكل الآن في كافة المحليات وينتظر أن تعقد مؤتمرها فى الأيام المقبلة ستكون هي المدافع الأول عن إنجازات حكومة الأمل والتحدي.

كيان معزول
سخر القيادي بالمؤتمر الوطني وعضو أمانة الأوسط ومقررها السابق د. عبد الله حمد النيل من التفاف بعض ممن أسماهم بأصحاب المصالح الشخصية والجهوية الضيقة تحت مسمى فزع أهل الجزيرة لمناهضة سياسات وقرارات الوالي محمد طاهر إيلا الرامية لإصلاح ما أفسدته الحكومات السابقة مؤكداً بأن قرارات الوالي ضد الفساد هي التي حركت أصحاب المصالح لتكوين هذا الكيان المعزول، لافتاً إلى أن أهل الجزيرة قد انحازوا تماماً لبرامج التنمية الشاملة ومحاربة الفساد موضحاً أن كافة البرامج التي تتبناها حكومة الولاية تهدف لتحقيق آمال وطموحات أهلها ويشهد على ذلك التفاف أهل الجزيرة وتأييدهم له في مظهر قلّ وجوده تأييداً لقرارات إيلا والياً للولاية، ومنذ تلك اللحظة ترتفع هامات وآمال مواطني الولاية ممن يرون الإصلاحات والإنجازات تتحقق بما يفضي لإنهاء حالة الكيانات والمجموعات التي سبقت حكومة إيلا.

يتابع عبد الله القول إن أهل الجزيرة براء من فزع أهل الجزيرة كما يدعي أصحابه مؤكداً أن الأهالي وعوا الدرس جيدًا داعياً الجميع لترك التكتلات والتجمعات الجهوية والتوحد خلف حكومة الولاية وترك (الكيمان) والتحرك جميعاً نحو التنمية في مشروع الجزيرة والمشروعات المرتبطة بالزراعة وغيرها .

خيبة أمل
إلا أن القيادي بالمؤتمر الوطني، ووزير الشؤون الاجتماعية الأسبق بحكومة الزبير بشير طه د. الحارث عبد القادر وصف ما يدور بالجزيرة هذه الأيام من صراع وما يصدر من أصوات مناهضة لسياسات إيلا أو مؤازرة له باسم الحزب بالحراك الطبيعي معتبرًا بأنه ليس غريباً على مجتمع ولاية الجزيرة وعلى إنسانها الذي تميز بوعيه وقدرته على اتخاذ القرار المناسب في الزمان المناسب حفاظاً على حقوق الولاية ومكتسباتها وبحسب حديثه فإن ما يحمد للوالى إيلا هو الإرادة والقدرة على اتخاذ القرار بغض النظر ما إذا كان مصيباً أو مخطئاً ومقراً بأن كثيراً من العقلاء بالولاية قد أصيبوا بخيبة أمل في سياسات والي الجزيرة خاصة اهتمامه بقضايا انصرافية فماذا يعني أن تكون ليالي الجزيرة غناء وطرباً، ولا شك في أن هذا سينعكس سلباً على شريحة الشباب الذين هم عماد هذه الأمة وبناة نهضتها ومستقبلها المشرق. وأشار إلى بروز تساؤلات كثيرة تحتاج لإجابات شافية، وقال: ما السر في جلب الوالي إيلا معه مدير أراضي ولاية البحر الأحمر ليكون مديراً لأراضي ولاية الجزيرة؟ وذات الأمر ينطبق على مدير هيئة النظافة بالبحر الأحمر، وعدد من المهندسين صغار السن الذين أصروا على تعيينهم بالدرجة الثامنة بالولاية، وكذلك اصطحابه لشركة خاصة بـ (الإنترلوك) واصطحابه لرئيس قطاع الاتصال التنظيمي بالحزب الذي كان يدبج التقارير في البحر الأحمر ليكون لسان حاله في ولاية الجزيرة، وقال إن كل هذه الأشياء لا تدل على توفر العدالة والشفافية في إدارة الولاية، واستطرد بالقول أم إن هنالك أشياء مسكوت عنها يستطيع أن ينفذها هؤلاء دون تردد، معرباً عن أمله في وجود إجابات شافية ومنطقية على هذه الأسئلة، والعقلاء والرأي العام ينتظرونها لمعرفة الحقائق لأن هذه الولاية ليست ملكاً لأحد والواجب على الجميع أن يسود بينهم التناصح لما فيه المصلحة العامة .

قدر إيلا
حين هبط إيلا إلى الولاية الوسطى مشمولاً بتبريكات الرئيس عمر البشير، ظن الوالي أنه بارح محطة ركوب الأمواج العاتية التي فجرتها فترة حكمه الطويل في البحر الأحمر، وذلك بالوصول إلى بلد المشروع التي يصح القول إنها كانت سوداناً مصغراً حتى قبيل فرار الناس إلى الخرطوم التي باتت سوداناً في السودان.

بيد أن محاولات إيلا استنساخ تجربته في البحر الأحمر بأحياء المشروعات الثقافية والسياحية لم يجد هوى في نفوس بعض الأهالي، الذين تنشغل أفئدة بعضهم حقيقة بإحياء المشروع، فيما تتقد نفوس أخرى بالحقد وتريد الإطاحة بإيلا أسوة بآخرين غادروا الولاية بعدما عز عليهم البقاء في أجواء معادية لهم بوضوح.

أين نضع كيان أهل الجزيرة، الإجابة ستكون مبكرة على هذا السؤال، ولكن الواضح أن إيلا يستنسخ تجربته في البحر الأحمر بما فيها الدعاوى التي تسوقها المعارضة.

مدني: يس الباقر
صحيفة الصيحة

Exit mobile version