احمد طه الصديق : مؤشرات السعادة

> صدر تقرير الشعوب الأكثر سعادة في العالم للعام 2016 الذي تصدره المجموعة الدولية لحلول التنمية المستدامة ومعهد الأرض التابع لجامعة كولمبيا، وتصدرت الدنمارك دول العالم السعيدة، بينما حلت سويسرا وصيفة لها ثم آيسلندا وفنلندا، في حين احتلت الولايات المتحدة رغم أنها تمثل القوة الاقتصادية الأعظم في العالم، المركز الثالث عشر والمملكة المتحدة المركز الثالث والعشرين، أما على صعيد الدول العربية فقد احتلت الإمارات المركز الأول والسعودية المركز الثاني والثلاثين وقطر في المركز السادس والثلاثين بينما سبقت الجزائر الكويت، واحتل السودان المركز (133) تلته كل من اليمن وسوريا، وكلاهما دولتان تأثرتا بالحروب الأهلية.
> وفي أوقات سابقة عينت أربع من الدول وزراء للسعادة هي بوتان والأكاوادور وفنزويلا وأخيراً الإمارات العربية التي تطمح في إحراز مراكز متقدمة في مجال الدول في العالم التي تهتم برفاهية شعوبها، سيما فهي تمتلك هذه المقومات.
> ومما يشجعها هو إحرازها المركز المتقدم في التصنيف الأخير، متقدمة على دول صناعية متقدمة مثل فرنسا واليابان وتايلاند.
> بالطبع نحن في السودان ما «حنقّوي عينا لدرجة تعيين وزير للسعادة»، لكن على الأقل المطلوب بواقعية هو تقديم خدمات معقولة في مجال البنيات التحتية والخدمات الرئيسة للمواطنين من صحة وتعليم ومياه شرب نقية ومواصلات متيسرة وطرق مسفلتة خالية من المطبات والحفر، وما زالت مستشفياتنا الطرفية تعاني من ضعف قدرتها على تحمل أعداد المرضى خاصة في ولاية الخرطوم بعد تحويله إلى ما يسمى المرجعي «المرجعي ليه ما ممكن يكون في الأطراف ما دام ما فيه طوارئ»، كذلك ما زالت خدمات المياه متعذرة حتى في مناطق ليست بعيدة عن مركز الخرطوم، أما على صعيد التعليم فالعديد من مدارسنا في الولايات تعاني من مشاكل الإجلاس وسوء البيئة الدراسية وقلة الكتب، في حين مدارس الخرطوم تستجدي أولياء أمور الطلاب بالمساهمة في دفع فاتورة الكهرباء وطباعة الإمتحانات.
> وحتى الآن لم تبرح مرتادو الموصلات العامة في العاصمة المعاناة المتمثلة في لعبة الكر والفر للحصول على مقعد شاغر في الحافلات، ولم تنجح ولاية الخرطوم رغم استيرادها لعدد كبير من البصات في حل الأزمة، في حين تعطل العديد منها وتوقف عن العمل كما وثقته الصحف بالتحقيقات والصور المباشرة.
> كذلك فإن الجهاز الخدمي ما زال يقدم خدماته برسوم عالية ومرهقة للمواطنين، وظلت الرسوم والجبايات المحلية وارتفاع القيمة الجمركية والضرائب تعيق النهضة الصناعية والتجارية، وبالتالي تؤثر في المنتوج الاقتصادي الكلي والدخل الفردي، مما ينعكس على مستوى الفقر بخروج عدد من المنشآت وتأثيرها السلبي على مستوى تشغيل العمالة.
> وحتى الآن لم تستطع ولاية الخرطوم توسيع شبكة الصرف الصحي والتي تعتبر من البنيات الأساس وكذلك إسقاطاتها على صحة وسلامة المواطنين، حيث أن البديل هو إما نظام المراحيض التقليدية أو آبار السايفون مما يؤثر سلباً على المياه الجوفية التي تعتمد عليها الولاية بنسبة كبيرة في توفير مياه الشرب.
> لكن، رغم هذه الصعوبات والتحديات التي تواجه المواطنين على صعيد الخدمات بالعاصمة أو الولايات، فالعزاء أننا نحن المسلمين نحس بالسعادة الداخلية عندما نتذوق حلاوة الإيمان وحين نقهر الشيطان وعندما نوفر قوت يومنا بعيداً عن الذلة والسؤال ومتمتعين بالعافية، مصداقاً لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» رواه البخاري والترمذي في«السنن».
> نسأل الله أن نكون منهم. فالرزق من الله وهو المتكفل به وصلاة الفجر في جماعة تشرح القلب وضياعها يصيب المرء بالانقباض والضيق، فلنحرص عليها قبل التفكير في شواغل الدنيا.
احمد طه الصديق – (على الرصيف – صحيفة الإنتباهة)

Exit mobile version