الجوع يعيد مواطنين جنوبيين إلى السودان

حذرت منظمات إنسانية عاملة في جنوب السودان قبل أشهر من دخول البلاد في مجاعة حقيقية، وأوضحت هذه المنظمات ومنها برنامج الغذاء العالمي أن نحو أربعة ملايين من مواطني هذه الدولة سيتضررون من هذه الكارثة المؤلمة.
متعلقات

قبل أكثر من خمسة أعوام كانت ميري أبوك تحزم حقائبها وتحث جميع مواطني جنوب السودان المقيمين معها بأحد أحياء العاصمة السودانية الخرطوم على تجهيز أنفسهم من أجل العودة إلى مناطقهم قبل موعد الاستفتاء لتقرير المصير “لكي يشاركوا بالتصويت لصالح الانفصال عن السودان حتى يكونوا مواطنين من الدرجة الأولى في الدولة الموعودة الجديدة”.
والآن وبعد مضي أكثر من أربعة أعوام من انفصال بلادها عن الوطن الأم عادت أبوك (نحو خمسين عاما) إلى السودان مجددا بغية الحصول على حياة كريمة لم تحظ بها في الدولة الوليدة، بعد أن أفسد الساسة حلم “الاستقلال” في وطنها الجديد كما تحدثت عبر الهاتف للجزيرة نت.

تقول أبوك بشي من الحسرة “الجوع أجبرني على العودة بأبنائي إلى السودان بعد أن اقتربوا من الموت بسبب المجاعة التي ضربت قريتي في ولاية بحر الغزال”.

انعدام الغذاء
ميري أبوك ليست وحدها التي قررت العودة بصورة عكسية إلى السودان، فهناك العديد من الأسر عبروا حدود بلادهم بعد أن ضاقت بهم سبل الحصول على الغذاء بسبب موجة المجاعة التي اجتاحت نحو ثلاث ولايات حدودية مع الجار الشمالي.

يقول حاكم ولاية أويل -رونالد رواي- إن أعدادا كبيرة من مواطني ولايته عبروا الحدود إلى ولاية شرق دارفور السودانية المجاورة.

وعزا رواي الذي كان يتحدث أمام تجمع من مواطني ولايته حدوث المجاعة إلى فشل الموسم الزراعي وقلة هطول الامطار والتوترات الأمنية التي أعاقت حركة التجارة.

وكانت منظمات إنسانية عاملة في جنوب السودان قد حذرت قبل أشهر من دخول البلاد في مجاعة حقيقية، وأوضحت هذه المنظمات ومنها برنامج الغذاء العالمي أن نحو أربعة ملايين من مواطني جنوب السودان سيتضررون من هذه الكارثة المؤلمة، ودعت المنظمات العالمية إلى تقديم دعم إنساني عاجل لتفادي هذه الأزمة.

إلا أن حكومة جنوب السودان اعتبرت تقارير هذه المنظمات غير واقعية، ووصفت حكومة جوبا على لسان وزير الزراعة والغابات بيدا مشار الوضع الإنساني “بالفجوة الغذائية التي لن تصل إلى مرحلة المجاعة”.

وضع خطير
وبدوره أكد وكيل وزارة الشؤون الإنسانية ودرء الكوارث بجنوب السودان كلمنت دومنيك أن وزارته تلقت تقارير بشأن نزوح عدد كبير من المواطنين إلى الأراضي السودانية بسبب تدهور الوضع الغذائي في مناطقهم.

وذكر في تصريح للجزيرة نت أن حكومة بلاده أرسلت كميات كبيرة من الغذاء إلى مناطق بحر الغزال من أجل وضع حد لتدهور الوضع الغذائي في تلك المناطق “كما نبذل جهودا مع بعض المنظمات الإنسانية من أجل معالجة هذا الوضع”.

وتعتبر مناطق بحر الغزال من أكثر المناطق استقرارا من الناحية الأمنية، ومنذ اندلاع الحرب الأهلية بجنوب السودان في 15 ديسمبر/كانون الأول 2013 ظلت هذه المناطق بعيدة تماما من المواجهات المسلحة العنيفة التي دفعت بمواطني ولايتي أعالي النيل والوحدة -الغنيتين بالنفط- إلى التدافع صوب الحدود السودانية، حيث يقيم أكثر من 20 ألفا من مواطني الولايتين داخل الأراضي السودانية.

ودعا جيمس أقوير، وهو عضو بالبرلمان القومي لجنوب السودان عن دائرتي أويل الشمالية والغربية، منظمات الغوث الإنساني إلى تقديم مساعدات إنسانية عاجلة لمواطني منطقته من أجل إيقاف نزوحهم إلى السودان بسبب المجاعة.

وقال أقوير للجزيرة نت إن المئات نزحوا من هذه المناطق منذ فبراير/شباط الماضي إلى مناطق أكثر أمنا واستقرارا، وناشد الجميع “التحرك لمعالجة هذا الوضع الخطير جداً”.

مثيانق شريلو-جوبا
المصدر : الجزيرة

Exit mobile version