البِلِّي.. لعبة الصيف الأولى تعود للواجهة.. جدل فقهي + صورة

اللعب.. ثم اللعب، هو ما يفعله الأبناء في العطلة الصيفية صباح مساء. وفي الشارع قبالة المنزل تجد مجموعة تلعب “الكرة”، وأخرى تبني قبابا رملية وفي الناحية الأخرى صبية يلعبون “بلّي”، وهي المفضلة بعد الكرة وتجد الأولاد يتنافسون فيها أكثر من تنافسهم داخل قاعات الدرس.
وتسمع الصياح ويصل “الغلاط” درجة الاشتباك، لينفض في لحظات ويعيدوا الكرّة مرة أخرى، وفي نهاية المطاف يعود الكاسب بكمية كبيرة من “البلّي” وهو مزهو بنفسه، يفكر في ما سيغتنمه ويملأ به القوارير التي تعهد ملأها مع اقتراب ظلمة الليل.

قواعد اللعبة
اللعبة تاريخياً قديمة، وتم توارثها جيلا بعد الآخر، إلى يومنا هذا، وتبدأ برسم مثلث أو دائرة على أرض ترابية مسفلته يوضع كل البلّي بداخلها يسمى “العين”، وعلى بعد خطوات منه يرسم خط عرضي يحدد طوله بعدد اللاعبين الذين يصطفون فيه ويسمى “اللين” يحمل كل لاعب “ضرابه” ويكون في العادة مميزاً عن باقي البلّي أو أكبر بقليل من الحجم العادي، يرمي اللاعبون “ضراريبهم” في اتجاه العين على التوالي مع التنشين بدقة لإخراج عدد منه من “العين” وأي بلية تخرج من إطار العين يحتفظ بها حتى انتهاء اللعبة تماماً، وعندها يصبح كل ما كسبته ملكاً لك وهنا تسمى اللعبة “خرت”، أما إذا أخذ كل شخص ما أتى به من “بلّي” تصير اللعبة هنا “تسلية”، وبين “الخرت والتسلية” فرق شاسع لأن في الأولى خسارة ولابد من استردادها.

اختلاف رؤى
اختلفت الآراء حول لعبة البلّي، وترى مجموعة من المواطنين أنه عندما يُلعب البلي وتكون غاية اللاعبين “الخرت” تصبح اللعبة حراماً، أما إذا لعبت بغرض التسلية وأخذ كل لاعب حقه عند انتهاء اللعبة، فلا ضير في ذلك، ومجموعة ترى أنه سواء كانت “خرت أو تسلية” فلا غبار عليها، وليس هناك حرام أو حلال في الأمر فهي لعبة.

كيشة وجيد
يقول محمد علاء: لعبة “البلّي” جميلة ومسلية، ودائما ما ألعبها مع أصدقائي في الشارع، وهم يفضلون “الخرت”، وأضاف على استحياء: لكنني كما يقول والدي “كيشة” دائماً مغلوب، ورغم ذلك أصر على اللعب، ولذلك أضطر إلى أن أشتري كمية من البلي يومياً بمصروفي.

قوارير وبرطمانيات
وبالنسبة لمحمد إسماعيل وإخيه تعتبر لعبتهما المميزة، وقد كسبا منها أكثر من عشر قوارير مياه سعة الـ”500″ ملم، وينويان ملء برطمانيات كبيرة بالبلي، وقال: “إنها لعبة ممتعة خاصة عندما نفوز ونخرت بلّي رفقاء اللعبة”، وتابع: كل يوم قبل أن أعاود اللعب انظر لما كسبته وفي خاطري زيادته وملء أعداد كبيرة من القوارير الفارغة والبرطمانيات الكبيرة، وأتوقع مع انتهاء العطلة أن لا أجد مكانا لتخزينه.

تحذير ولكن..
فيما يقول أحمد رشاد إن والدته حذرته كثيراً من أن يلعب البلّي بطريقة “الخرت” وتقول إنها حرام، وقال: “رغم تحذيرات أمي المتكررة إلا أنني عندما أخرج الشارع ألعبه، لأن الأصدقاء يصرون عليه فلا مناص منه، وإلا لن أشاركهم اللعب، فضلاً عن انني لا أعلم إن كانت حراما فعلاً أم حلالا.

لا يجوز
تباع الـ”5” “بليات” في البقالات ودكاكين الأحياء بـ”جنيه”، ولأنها لعبة الموسم لا مناص ولا فرار منها فإذا كان أبناؤك من الذين يلعبون “خرت” وفي خسارة مستمرة فإنك تحتاج لأكثر من “10” جنيهات يومياً حتى تغطي نفقات اللعبة، أما إذا كان أبناؤك كسبانين فلا عليك سوى خسارة جنيهين فقط، وسيعود بالكثير بعد ذلك فلا تضطر للشراء غالباً طول فترة الإجازة، لكن يبقى السؤال قائماً: هل “خرت البلي” حلال أم حرام؟ إلى ذلك أكد إمام وخطيب مسجد أبو بكر الصديق ببحري شيخ فخر الدين عثمان حرمته، وقال: “المسابقة بالعود لا تجوز، وطالما أن البلّي يشترى بالمال فإن لعبه بما يسمى “الخرت” لا تجوز، لأنه يصبح بعوض، كما ورد في سنن النسائي “قال النبي الله صلى الله عليه وسلم لا سبق إلا في نصل أو حافر أو خف” وإن أبا داود والترمذي والنسائي، وهو حديث صحيح الإسناد”، وتابع: وفي رواية للنسائي: “لا يحل سبق إلا على خف أو حافر”، وقال الخطابي: “أي لا يحل أخذ المال بالمسابقة إلا في ثلاث “السهام والخيل والإبل”، وقد ألحق بها ما بمعناها من آلة الحرب في الجعل عليها ترغيباً في الجهاد وتحريضاً عليه، والله أعلم.
ولفت شيخ فخر الدين إلى ضرورة تعليم الأبناء أساسيات الدين والمباحات التي لا تدخل الإنسان في المحرمات، منبهاً إلى أن التنشئة الصحيحة والتقويم السليم يعلم الأبناء ممارسة الفضائل عند الكبر.

الخرطوم – زهرة عكاشة
صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version