خلافات الاتحادي.. مجلس الأحزاب يمتحن قدراته

قبيل تفجر الصراع بين قياديي الحزب الاتحادي الديمقراطي جناح الدقير على النحو الذي نشاهده الآن بين مجموعتين هما ركنان أساسيان في الحزب، وهما «مجموعة إشراقة» التي أخذت هذا الاسم من الأستاذة إشراقة سيد محمود، العضو النشط بالحزب والكادر النسائي التي شغلت مناصب متعددة بالحزب وبالدولة ضمن حصة حزبها، فكانت وزيرة لفترة طويلة من خلال ما تمثله في الحزب من ركن أساس في التفكير والتنظيم، فيما تقابلها في الطرف الآخر «مجموعة الدقير» وهي المجموعة الغالبة التي بيدها أمر الحزب في وقت تستقي فيه هذا الاسم استعارة من اسم رئيس الحزب جلال الدقير مساعد رئيس الجمهورية، الرجل الذي يمسك بكل تلابيب ومفاصل الحزب، وصاحب النظرة والفكرة في مشاركة حزبه ضمن حكومة أحزاب الوحدة الوطنية ومازالت، وقد بدأت تباشيره تلوح في الأفق عقب التغييرات الكبيرة التي طرأت على عناصر الحزب المشاركة في الحكومة ضمن المحاصصة التي أقرها الحزب، ولكن كانت الأمور تسير بهدوء. وربما كانت هناك اتصالات لبعض رجالات الحزب بعناصر الصراع، ولكن بدأ الأمر يزداد بمرور الايام إلى أن جاءت فترة الانتخابات الاخيرة ومشاركة الحزب فيها، فكانت هناك بعض المواقف التي تنبئ عن صراع مكتوم داخل الحزب رغم إصرار الأعضاء على التكتم الشديد عليه وتشكيل صمام لعدم خروجه للعلن. والجديد في الصراع الاتحادي أنه ظهر للعلن في شكل مجموعات مما يعني أن هناك تكتلات بين القيادات داخل الحزب، ليشير بما لا يدع مجالاً للشك لإخفاء الحقيقة، وهي ان الحزب يعيش حالة من الاستقطاب الحاد الذي ربما يقع ضمن أطره العامة وجود للمصالح المشتركة.
بذرة الخلافات
وغداة مشاركة الحزب في الحوار الوطني برؤاه في كافة الجوانب ومناقشتها عبر لجان المؤتمر ومن خلال منبره الدوري، بدا لي ظهور هذا الخلاف على العلن. حيث تفجر بصورة دراماتيكية عقب الخبر الذي أوردته «الإنتباهة» بإعلان الحزب موقفه من الأوضاع داخل البلاد، فسرعان ما عالجت إشراقة الأمر وكأنه مؤامرة أحيكت ضدها من خلال ذلك الخبر الذي تناولته الصحيفة، الشيء الذي برهن لي أن ثمة خلافات كبيرة تدور رحاها داخل الحزب، وأن أحد طرفيه العضو النسائي النشط إشراقة محمود. ولم يمض بنا الزمن طويلاً إذ سرعان ما طفح إلى السطح بواطن الصراع، وصرحت إشراقة علناً عما يدور داخل الحزب من خلافات بينها وبين رئيس الحزب جلال الدقير عبر حوارات صحفية وغيرها. وعالج الطرف الآخر أمر التصريحات التي قادتها اشراقة ضده بتصريحات وحوارات صحفية مشابهة، مما جعل الأمر يبدو وكأنه سجال بين الطرفين كل منهما يبرز خطل الآخر ومساوئه، رغم تدخل الأجاويد ومحاولتهم المستميتة لقتل الصراع والفتنة في مهدها، إلا أن تشعبات القضية وتعمقها جعلاها تستمر لفترة طويلة حتى أشفق المقربون على حال الحزب وهو يردح في صراعات داخلية لا تعجب الانصار.
وما حدث من خلافات داخل الاتحادي دعا مجلس الأحزاب للتدخل ومحاولته رأب الصدع بين الأستاذة إشراقة والدقير، ولكن تخلف الدقير عن الاجتماع المعلن للنظر في امر الخلاف بين الاثنين جعل المجلس ينظر في معالجة الأزمة ربما من طرق مختلفة كإصدار أوامر وقوانين من المجلس الذي تدين له كل الأحزاب السياسية من ناحية تنظيمية ووضع قانوني، مصححاً خريطة الحزب السياسية والاجتماعية وشؤون العضوية وخلافها.
قرارات خارجية
وانتقال الأمر الذي قضى فيه الحزب إلى ساحة خارجية ظل محل استهجان وسط بعض قيادات الحزب الاتحادي، وذلك حينما عرض عليهم القرار الذي أصدره مجلس الأحزاب القاضي بإعادة المفصولين ومطالبته لرئاسة الحزب بالسماح للذين صدر قرار في حقهم بالعودة السريعة والحاسمة، الشيء الذي اعتبرته قيادة ورئاسة الحزب تكسيراً للقرارات التي يرى بضرورة إمضائها والا تدخل سيحول بين إنفاذها. وطالب المجلس الدقير باعتماد عودة اشراقة وسوكارنو إلى موقعيهما ورفع العقوبات عنهما ومن معهما، فيما لم يبد الدقير أية مواقف تجاه قرارات مجلس الأحزاب، مما دفع إشراقة ومجموعتها إلى شن هجوماً كاسحاً عبر وسائل الاعلام تفند فيه موقف رئيس الحزب من قرارات العودة. وخيرت إشراقة جلال الدقير رئيس الحزب بين قبول قرار مجلس الأحزاب ببطلان قرار تجميد نشاط العضوية أو أن يغادر الحزب هو ومجموعته، وقالت لدى لقائها أعضاء الحزب بود مدني إن قرار مجلس الأحزاب تاريخي وأنه حول الحزب من شركة لحزب.
اتهامات إشراقة
إشراقة وعقب تفجر الصراع بينها وبين رئيس حزبها الدكتور جلال يوسف الدقير، قالت إن الأخير حول الحزب لشركة خاصة به، وإنه فرض عزلة على كل من يخالفونه الرأي، وبالضرورة هي واحدة من المجموعة التي تزعمتها، وقالت إشراقة إنها ليست سعيدة بوجودها كموظفة في شركة الدقير، وإن الاتحاديين يكرهون المعارضة الناعمة، ولا يوجد من يقف في طريق قيام المؤتمر العام سوى الدقير ولكن شباب الحزب أقوى. ويرى بعض المقربين أن الصراعات تفجرت داخل الاتحادي بعد أن رفع بعض اعضاء الحزب ومنهم إشراقة وسوكارنو جمال الدين مذكرة لمجلس شؤون الأحزاب تطالب بعقد المؤتمر العام وملء الفراغ الذي خلفه رحيل رئيس الحزب الشريف زين العابدين الهندي في عام 2006م. وقال مقربون من الحزب الاتحادي إن إشراقة تحركت للمطالبة بقيام المؤتمر بعد إقالتها من منصب الوزارة وفق الاستشارة الواسعة التي قام بها الدقير على مستوى الحزب باستخدام صلاحياته، كما أن الدقير قد أرجع الأسباب إلى ان إشراقة قامت بزيارة للأقاليم ومنها الجزيرة، مطالبة بقيام جسم قيادي مؤقت وإعفاء الرئيس الدقير من منصبه. ورغم أن العقلاء تدخلوا في وقت سابق قبل اللجوء لمنصات خارجية لمعالجة الأزمة، إلا أن تلك الجهود باءت بالفشل.
رؤية الاتحادي
ويقول القيادي بالاتحادي الشاب سفيان أحمد إن قرارات الحزب نهائية ولا رجعة فيها، وذلك لأن اللجنة التي اتخذت هذا القرار شكلها الأمين العام وفق دستور الحزب المادة «14» التي تتيح للأمين العام تشكيل أية لجنة تحت إشرافه، وقال سفيان إن لجنة المحاسبة استدعت اشراقة ومجموعتها، وإن اللجنة لديها صحيفة كاملة للاتهام، ولكنهم رفضوا المثول أمامها، فتم الفصل في حق إشراقة وسوكارنو جمال الدين، أما خالد الفحل فقد تم فصله من الجزيرة. وحول أن ما تم يعتبر عملية لتكميم الافواه داخل الحزب، رد سفيان بأن المادة «19» من دستور الحزب تقول إن معالجة أي خلاف تتم في الاطار الداخلي أمام مؤسسات الحزب، كما تنص على عدم إفشاء اسرار الحزب على النحو الذي قامت به إشراقة ومجموعتها، فهؤلاء أساءوا للحزب واعتبروه شركة خاصة. وأبان أن مجلس الاحزاب لم ينظر في قرارات الحزب واتخذ قراره، لذلك قراره بالنسبة لهم غير ملزم لأنه لم يؤخذ بما أصدره الحزب من قرارات، ويضيف قائلاً: كان عليه أن ينظر في دفوعات الحزب ومن ثم يقارن بما قرره وبما اقترفه الأعضاء المفصولون. ولهذا يضيف سفيان أحمد قائلاً: نحن نعتبر قرار الحزب نهائياِ ولا رجعة فيه. ولكن كثيرين برفض الاتحادي مقرارات مجلس الأحزاب يرون ان الصراع تحول من ساحة الاتحادي إلى ساحة أخرى هي الحزب في مواجهة المجلس، إلا أن الحزب يرى عكس ذلك، إذ يقول إن هناك أخطاءً حدثت والآن الحزب بصدد معالجتها ولم تتحول المشكلة لصراع إطلاقاً، ويضيف أن دعاوى إشراقة غير مسنودة، لذلك يرى إن قرار فصلهم باقٍ ونهائي ولم تعطله قرارات مجلس الأحزاب.
مؤتمر الحزب
يمثل انعقاد المؤتمر العام للحزب إحدى دوائر الصراع التي فجرتها إشراقة سيد ومجموعتها، وكان رد الحزب فورياً، إذ تم باصدار قرر أخيراً من المكتب السياسي للحزب الاتحادي حل بمقتضاه الأمانة العامة للحزب وتكوين لجنة لعقد المؤتمر العام قبل نهاية اكتوبر المقبل، بجانب تكوين مكتب رئاسي لإدارة الحزب، كما أمن القرار على المؤسسات القائمة، وجدد الثقة في الأمين العام، فضلاً عن شهادة إبراء للذمة المالية للقيادة التنفيذية للحزب.

الانتباهة

Exit mobile version