ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻣﺴﻠﻤﻮﻥ؛ ﻓﻤﺎ ﺍﻟﻤﻮﺍﻧﻊ ﻓﻲ ﺍﺗﺤﺎﺩﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺭﺃﻳﻜﻢ؟

ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻣﺴﻠﻤﻮﻥ؛ ﻓﻤﺎ ﺍﻟﻤﻮﺍﻧﻊ ﻓﻲ ﺍﺗﺤﺎﺩﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺭﺃﻳﻜﻢ؟

فضيلة الشيخ د عبد الحي يوسف
الأستاذ بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم

ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ :

ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻣﺴﻠﻤﻮﻥ؛ ﻓﻤﺎ ﺍﻟﻤﻮﺍﻧﻊ ﻓﻲ ﺍﺗﺤﺎﺩﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺭﺃﻳﻜﻢ؟ ﻭﻫﻞ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻳﻔﺘﻲ ﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﺷﻤﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ؟ ﻭﺍﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻤﺎ ﻓﺘﻮﺍﻛﻢ ﻧﺤﻮ ﻫﺆﻻﺀ ﻣﻦ ﻋﺘﺎﺏ ﻭﻋﻘﺎﺏ؛ ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻛﺎﻧﻮﺍ ﺳﻨﻴﻴﻦ ﺃﻡ ﺷﻴﻌﺔ؛ ﻷﻧﻪ ﺗﺒّﻴﻦ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻭﺍﻓﻖ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻭﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻟﻠﻘﻴﺎﻣﺔ ﺍﻟﺴﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﻔﻌﻮﻝ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻠﻤﻮﻥ ﺑﻬﺎ ﺗﺒﻴّﻦ ﺃﻧﻬﻢ ﻣﺆﻣﻨﻮﻥ ﻭﻻ ﻳﺤﻖ ﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺩﺧﻮﻝ ﻣﻜﺔ ﺍﻟﻤﻜﺮﻣﺔ؟

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ :

ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ، ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻻ ﻧﺒﻲ ﺑﻌﺪﻩ، ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﺑﻌﺪ .
ﻓﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﺇﺫﺍ ﺃﻃﻠﻘﺖ ـ ﻓﻲ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ـ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻬﺎ ﺍﻹﻣﺎﻣﻴﺔ ﺍﻻﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮﻳﺔ؛ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻤﺜﻠﻮﻥ ﺟﻤﻬﻮﺭ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭﻟﻬﻢ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﺮﻋﺎﻫﻢ ﻭﺗﻨﺼﺮ ﻗﻀﺎﻳﺎﻫﻢ، ﻭﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﺪﻳﺮ ﻣﺬﻫﺒﻬﻢ ﻭﻧﺸﺮ ﻓﻜﺮﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻵﻓﺎﻕ، ﻭﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻹﻣﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻣﻬﺎﺕ ﻛﺘﺒﻬﻢ ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺪﺓ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻧﺠﺪ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺑﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﺒﺪﺍﺀ ـ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺒﺪﻭ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺧﺎﻓﻴﺎً ﻋﻠﻴﻪ ـ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻮﻥ ﻋﻠﻮﺍً ﻛﺒﻴﺮﺍً ـ ﻭﻳﻜﻔِّﺮﻭﻥ ﺟﻤﻬﻮﺭ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻭﻳﺘﻌﺒﺪﻭﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺴﺐ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻷﺧﻴﺎﺭ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻐﻠﻮﻥ ﻏﻠﻮﺍً ﻣﻨﻜﺮﺍً ﻓﻲ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻬﻢ ﻟﻴﺮﻓﻌﻮﻧﻪ ﻓﻮﻕ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ، ﻭﻟﻬﻢ ﻗﻮﻝ ﻣﻨﻜَﺮ ﻓﻲ ﺃﻡ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺩﻳﻨﻬﻢ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ ( ﺍﻟﺘﻘﻴﺔ ) ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻚ ﻟﻮ ﻭﺍﺟﻬﺖ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺃﻣﻬﺎﺕ ﻛﺘﺒﻬﻢ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮﺓ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻨﻜﺮ ﺫﻟﻚ ﻭﻳﻘﻮﻝ : ﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻐﻼﺓ ﻋﻨﺪﻧﺎ !! ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﻄَّﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺃﺋﻤﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮﻳﻦ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻳﺠﺪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺍﻟﻐﻠﻮ ﺫﺍﺗﻪ ﻛﻘﻮﻝ ﺇﻣﺎﻣﻬﻢ ـ ﺍﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ـ ﺇﻥ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺭﺍﺕ ﻣﺬﻫﺒﻨﺎ ﺃﻥ ﻷﺋﻤﺘﻨﺎ ﻣﻜﺎﻧﺔً ﻻ ﻳﺒﻠﻐﻬﺎ ﻣﻠﻚُ ﻣﻘﺮَّﺏ ﻭﻻ ﻧﺒﻲ ﻣﺮﺳَﻞ، ﻭﺇﻥ ﻣﻦ ﺿﺮﻭﺭﺍﺕ ﻣﺬﻫﺒﻨﺎ ﺃﻥ ﻷﺋﻤﺘﻨﺎ ﺗﺼﺮﻓﺎً ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺫﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﻮﻥ !!! ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺒﻪ ﺃﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﻜﻼﺏ ﻭﺍﻟﺨﻨﺎﺯﻳﺮ .
ﻭﺃﻣﺎ ﺩﺧﻮﻟﻬﻢ ﻣﻜﺔ ﺍﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻓﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻋﺎﻣﺘﻬﻢ ﻣﻌﺪﻭﺩﻭﻥ ﻓﻲ ﻃﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﺃﻣﺎ ﻛﺒﺎﺭﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻤﻜﻔِّﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺘﺤﺮﻳﻒ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻛﻔﺮ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻷﺧﻴﺎﺭ ﻭﺍﻟﻐﻠﻮ ﻓﻲ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ ـ ﻭﻫﻢ ﻋﺎﻟﻤﻮﻥ ﻋﺎﻣﺪﻭﻥ ـ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﻘﻮﻝ : ﻫﺬﻩ ﻋﻘﺎﺋﺪ ﻣﻜﻔِّﺮﺓ، ﻭﻣﻦ ﺗﻠﺒﺲ ﺑﻬﺎ ﻋﺎﻟﻤﺎً ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺃﻣﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﺩﻭﻧﻚ ـ ﺃﺧﻲ ـ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺮﻭﺍﻓﺾ ﺑﺄﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺇﻳﺮﺍﻥ ﻭﻛﻴﻒ ﺃﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺮﻗﺒﻮﻥ ﻓﻴﻬﻢ ﺇﻻً ﻭﻻ ﺫﻣﺔ، ﺑﻞ ﻳﻘﺘﻠﻮﻧﻬﻢ ﺷﺮ ﻗﺘﻠﺔ ﻭﻳﻬﺪﻣﻮﻥ ﻣﺴﺎﺟﺪﻫﻢ ﻭﻳﺴﺘﻬﺪﻓﻮﻥ ﻋﻠﻤﺎﺀﻫﻢ ﻭﺃﺋﻤﺘﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻓﻌﺎﻝ ﺗﻨﻢ ﻋﻦ ﺣﻘﺪ ﺩﻓﻴﻦ ﻭﻋﺪﺍﻭﺓ ﺃﺻﻴﻠﺔ .
ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻭﺣﺪﺓ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺍﺗﺤﺪﺕ ﺃﺻﻮﻟﻬﻤﺎ ﻭﺯﺍﻟﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮﺓ ﻣﻦ ﺃﺫﻫﺎﻥ ﺍﻟﻘﻮﻡ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﻌﺴﻮﻝ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﻣﻼﺕ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺧﺪﺍﻋﺎً ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﺒﺴﻄﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ؛ ﻭﺇﻻ ﻛﻴﻒ ﺗﻜﻮﻥ ﻭﺣﺪﺓ ﻭﺍﺗﻔﺎﻕ ﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻴﺨﻴﻦ : ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻭﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ : ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﻟﻌﻦ ﺻﻨﻤﻲ ﻗﺮﻳﺶ ﻭﺟﺒﺘﻴﻬﻤﺎ ﻭﻃﺎﻏﻮﺗﻴﻬﻤﺎ؟ !! ﻭﻛﻴﻒ ﺗﻜﻮﻥ ﻭﺣﺪﺓ ﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻃﻬﺎﺭﺓ ﺃﻡ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻭﺑﺮﺍﺀﺗﻬﺎ ﻭﻋﻔﺘﻬﺎ، ﻭﻣﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺇﺫﺍ ﺧﺮﺝ ﺳﻴﻘﻴﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﺪ ﺍﻟﺰﻧﺎ؟ ! ﻭﺃﺳﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻬﺪﻱ ﻛﻞ ﺿﺎﻝ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻋﻠﻢ .

 

 

Exit mobile version