اسلوب نشل وسرقة حديث بالخرطوم؛ افتعال مشاجرة !

يا آلهي ؛ قلتها وانا اعبر الطريق المار خلف (الجامع الكبير) من الجهة الشمالية ؛ كانت الشمس في كبد السماء وكأنها تدلت فحطت فوق رؤوس السائرين ؛ حرارة الطقس العالية خلقت اجواء مثالية للمشاجرات ؛ صاحب مركبة انعطفت خطأ الحقت خدشا باخري متوقفة ليدب نقاش ساخن ؛ تحول سريعا لملاكمة واشتباك بالايدي والالفاظ النابية ! رجل شرطة من اهل المرور نهض من مجلسه في الظل ضجرا ؛ اصلح حزامه وادار (البوريه) علي راسه وهو ينهض بضيق لفض المشاجرة وفحص الحادث ؛ لم اتوقف كثيرا في المكان فقد تجمهر حشد مهول من المتفرجين الذي تحول اغلبهم للجان تحكيم مضيت في طريقي غير مبال ، شاب ضئيل الحجم يتلفت اكثر مما يسير ! يلاحقني حينا بالهمس ومرات بغمزة من جانب عينه ؛ تضايقت اذ احسست اني غانية ملاحقة من هائم ليل ، اكثر الفتي من الالحاح ولما اقترب مني قال بصوت واضح (دولار ) فتبسمت بخلاعة ،اشير بيدي بما معناه (NO) ؛ كنت قد اقتحمت جانب برج (البركة) ، حشد البشر المنتشرين بالمكان لا يتناسب وضيقه ؛ وجدت نفسي بين عمائر تعرض منتحات بهية من الجولات ؛ قامت علي جانبي الطريق ؛ توسطها سوق لتجار جائلون اظنهم يبيعون هواتف مستعملة ؛ لاحقني بعضهم كذلك فاعتذرت بلطف وانا انضح القوم عني ؛ اصطدمت بعربة تبيع سندوتشات حولتها الشمس والغبار وتساقط النيران عليها لشئ اقرب الي ان يكون بيعها واكلها جريمة ؛ كان البائع المنثال العرق ؛يوالي تقطيع البصل وارسال الزيت من صبابة علي مقلاة بسعادة صاخبة ؛ وقد فسرت ذلك بكثرة الزبائن الوقوف والجلوس حوله والي جوارهم لافتة قد اتكأت علي جدار تحمل كاسم تجاري للبائع (سندوتشات الله ما ضراك ) ، وللامانة فقد استطعمت يقينة الاسم وان كنت لم اقرب مذاق ذاك الطعام ؛ مضيت في طريقي يسيل لعاب عيني وامنياتي علي أشكال الهواتف المعروضة بالارجاء ؛ الله كريم اسررتها في نفسي ومضيت البناية التي ارجوها بعيدا ؛ لم انتبه اثناء مقاتلتي لنيل فرص العبور بين الناس لاحدهم وهو يصطدم بي ؛ دفعني بكتفه ثم زجرني ، نظرت اليه كان شخصا صاحب ملمح يشي بانه قمة الاستياء ! اعتذرت رغم انه المخطي وانا اهم بمواصلة كفاحي ؛ ليتني لم افعل ؛ اذ انتبهت الي ان هناك ثلاث ايادي بمعني حصيلة ست ازرع قد تمكنت مني ! كان احدهم قد جعل ياقي قميصي مثل الشراع ؛ اخر كان يمسح وجهي باصابعه ؛ شعرت به كمن يبحث عن ابرة في عيني حينا وفي منخاري حينا اخر ؛ الثالث كان يمسك احد يداي ويصنع منها قبضة لا ادري من ستلكم ؛ لحيظات واستوعبت ان حربا قد اعلنت ضدي ومثل اي سوداني منا انتفضت ؛ جفلت للامام والخلف فحررت نفسي ؛ وكان المدهش اني لم اجد من اشاجر ! تلفت يمنة ويسرة فلمحت من اصطدم بي او اصطدمت به يغذ السير سعيا عجولا ، صائح من الحاضرين ينبهني (موبايلك) ، ذعرت ، ضربت صدري ارجو جيبي العلوي ؛ضربته مثل ثاكلة تنوح ؛ تحسست جيوب بنطالي صحت ام صرخت لا اعرف بيد اني ادرك اني تحللت من محيط الوقار ومخيط اللطف ،التقطت وكيف لا اعرف ! ساق مظلة كانت تظل بائع احذية صحت (حرامي) ، لا اعرف كيف فعلت هذه الصيحة بالمكان ؛ في ثوان اكتشفت ان كثر جفلوا ! قام احدهم يتحسس جانبه ؛ قفز اخر من جانب بائعة شاي ؛اظنهم مباحث ؛ المكان المكتظ بالجمهور والباعة والبضاعة تحول لميدان جري اوليمبي ؛ تركنا المكان عدوا خلفنا ؛ ومسار السيارات في شارع الجمهورية رهوا ؛ لا ادري من نطارد ؛ كان الكل يلاحق وقد تحول المطلوب الي شبح ضاع وتلاشي ؛ بعد عدة دقائق كنت اقف لاهث الانفاس ، مؤكد اني قد اكتسبت وزنا زائدا وبقلبي علة ؛ كنت اكح ؛ واشهق وازفر بغير انتظام ؛ صبي صغير يبيع قوارير المياه ينظر نحوي باشفاق وهو يمد نحوي قارورة ماء مثلجة ؛ شكرته وانا انحني لجعل الاكسجين يغزو دمي وجسمي ،ارتشفت جرعتين وغسلت وجهي بالماء القراح ، شكرت الصبي وهو يقول العفو رافضا اخذ ماله ؛ شعرت به متعاطفا معي ، كان حالي يرثي له وقد نسيت من كن اقصد او ماذا غرضي ! جرجرت جسدي المنهك ؛ عبرت من هنا وقطعت من هنا ؛ رددت لصاحب المظلة ساق ظله ، قصدت مكان ايقاف سيارتي ، عدت بذات مساري ، كانت مشاحرة التصادم لا تزال مستعرة بالجدل ، بائع العملة يتصيد العابرين ويمسح الطريق بحذر صقيل البصر ، ارتميت علي مقعد سيارتي ؛تحولت لشخص اشعث التفاصيل ، حذائي انتقل من مرحلة الصناعة الصينية ليكون اشد رداءة مع غبار علاه قد يكفي نثار ترابه لتشييد حائط في ملعب ؛ تلفت اهم بالتحرك لاجد ان هاتفي هناك ؛ بقبع بين ثنايا مقعد ؛ لم يخرج معي ، ضربت صدري مرة اخري يا ويلي ،يا لسوء الظن ، وخطل الفطن.

الخرطوم
محمد حامد جمعة

Exit mobile version