هل بدأت رحلة تعافي العلاقات بين الخرطوم وأبي ظبي؟؟

يوم بعد غد الأول من رمضان تمر الذكرى الخامسة لاندلاع الحرب مجدداً في المنطقتين بعد هدنة مؤقتة استمرت (7) سنوات هي الفترة من 2003م، موعد سريان وقف إطلاق النار بعد اتفاق هدنة وقع في سويسرا، وحتى تجدد الحرب مرة ثانية في الساعة السادسة مساء السادس من يونيو عام 2011م.. وبعد خمس سنوات من الموت المعلن.. والتشرد.. وتوقف التنمية وتدهور البيئة وتمزق الأسر والجامعات وتصدع التعايش التاريخي بين مكونات المنطقة، لا تلوح في الأفق القريب أو البعيد بوادر حل لوقف النزاع الدامي الذي ضرب قلب المجتمع وتأثر السودان بحرب المنطقتين من بورتسودان حتى الجنينة.. وما الضائقة المعيشية التي يواجهها السواد الأعظم من الشعب السوداني وتدهور قيمة العملة الوطنية وتدني الإنتاج من الحاصلات الزراعية والمعدنية والبترولية إلا ثمرة مرة لاستمرار الحرب والإنفاق عليها، حيث تذهب عائدات الصادر على قلتها والضرائب والرسوم التي تجنى من مزارعي البلح في الشمالية والفول والكركديه في النهود إلى سد نفقات الحرب المتطاولة.. وقد نخرت تداعيات الحرب في عظم الشعب، وما التردي في خدمات الكهرباء والمياه وتوقف مشروعات التنمية إلا حصاداً لهشيم الحرب، والأنكى أن علاقات السودان بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ظلت على حالها في الأعوام الأخيرة.. وتعرضت البلاد لحزمة من القرارات والإجراءات وحتى صدور أحكام ظالمة بحقها في جرائم لم ترتكبها مثل المدمرة (كول) وتفجيرات دار السلام، ويتجه القضاء الأمريكي لإصدار قرارات بمصادرة ممتلكات السودان أينما كانت لتعويض ضحايا المدمرة الأمريكية (كول) البالغة (11) مليار دولار.. ولم يجد السودان تعاطفاً من الغرب، وحتى حكومة السودان اختارت أن لا تدافع عن نفسها في مثل هذه القضايا بالغة التعقيد، وإذا كان المشهد الخارجي قاتماً وتنحدر علاقات السودان يوماً بعد الآخر إلى أسفل بسبب قضية الحرب في المنطقتين فإن المشهد الداخلي أكثر مأسوية.. وقد مزقت الحرب أحشاء المجتمع، وتمددت شمالاً في مناطق لم تبلغها الحرب الأولى أو تقترب منها حتى وصلت قوات التمرد أم روابة وأبو كرشولا.. والآن تهاجم الطريق بين الديبيات والفولة وهو طريق قومي.. وترتع قوات التمرد وتمرح في المنطقة الغربية من محليتي القوز بجنوب كردفان وأبو زبد بغرب كردفان.. بينما تقول الحكومة في إنكار للأمر الواقع إن أربع عشرة محلية من جملة سبع عشرة محلية آمنة ومستقرة وتدعو المستثمرين لإنفاق أموالهم، بينما الواقع يقول إن محلية وحيدة آمنة وهي محلية التضامن وبقية المحليات إما أن تكون تحت سيطرة التمرد كلياً مثل أم دروين والبرام وهيبان أو جزئياً مثل كادوقلي وأبو جبيهة ورشاد، وإما أن تكون هناك هجمات تتعرض لها أطرافها من حين لآخر كالقوز والعباسية والريف الشرقي.. لذلك توقفت مشروعات التنمية.. وأصبحت الولاية الزراعية الأولى في كل غرب السودان خارج دائرة الإنتاج، وتعرض المواطنين لهجمات صاروخية من قبل قوات الحركة الشعبية دفعهم للنزوح داخلياً واللجوء خارجياً لدولة جنوب السودان.. وأصبحت الدول الأوروبية وأستراليا ومصر وحتى إسرائيل ملاذات لأبناء النوبة من جحيم الحرب الداخلي.. ولأول مرة تتحدث أصوات خافتة داخل الحركة الشعبية تطالب بحق تقرير المصير، بينما تجاهر الحركة الشعبية بالمطالبة العلنية بالحكم الذاتي، وفي الداخل أصبح أهل المنطقة ما بين الذهول والصمت والغضب والحيرة.
{ لماذا الحرب
عادت الحرب لجبال النوبة بعد هدنة السنوات السبع لا بسبب خلافات الشريكين حول نتائج الانتخابات التكميلية التي فاز فيها مولانا “أحمد هارون” بفارق ضئيل جداً عن منافسه “عبد العزيز آدم الحلو”، ولكن للحرب وجهاً آخر وأسباباً تبدأ من شعور أغلب أهل المنطقة بأن لهم قضية سياسية لم تجد الحل بعد!! والشعور شيء والحقيقة شيء آخر.. وقد أثبتت سنوات الهدنة أن دعاوى التهميش الاقتصادي وضعف مشروعات التنمية ليس سبباً لقيام الحرب، وقد أنفقت الحكومة المركزية مبالغ مالية طائلة في البنيات التحتية بإقليم جنوب كردفان بصفة خاصة، حيث تمددت الطرق وشيدت المستشفيات والمباني الحكومية في مناطق كانت تسيطر عليها الحركة الشعبية كالبرام وهيبان وكاودة.. وباعتراف قيادات الحركة الشعبية بأن الفترة الانتقالية (شراكة الوطني والحركة) وثنائية “هارون والحلو” قد أثمرت مشروعات تنموية كبيرة.. لكن القضية كانت أعمق مما ينظر الجنرال “الحلو” والقاضي “هارون” وبدأت نذر الحرب مع بدء تطبيق وتنفيذ اتفاق الترتيبات الأمنية والعسكرية حيث غابت الرؤية الإستراتيجية وحضرت التكتيكات (الظرفية)، بينما اتجه الجنوب أقوالاً وأفعالاً نحو الانفصال بمباركة نخب متنفذة في المؤتمر الوطني.. انتظر البعض أن يذهب الجنوب لسبيله كدولة مستقلة حتى (يشمتون) في ما تبقى من أتباع الحركة الشعبية من قطاع الشمال.. وطغت على الساحة المعارك الصغيرة والملاسنات.. وكان دعاة الانفصال من السودان الشمالي ينتظرون لحظة انقسام السودان لدولتين ليشفوا غليل بغضهم لـ”عرمان” وبقية العقد اليساري في الحركة الشعبية.. وقبل أن يقول الناخب الجنوبي كلمته كانت قوات الحركة الشعبية في الفرقة التاسعة من أبناء جبال النوبة والنيل الأزرق قد أصبحت طعماً في أيدي الجنوبيين.. وقد رفض متنفذون في الخرطوم أثناء الفترة الانتقالية تجاوز (قنبلة) وضعت بذكاء من قبل المفاوض الجنوبي حول انتشار قوات الحركة الشعبية جنوب حدود (56).. وتم حرمان أبناء النوبة في الفرقة التاسعة من حق البقاء في وطنهم بحجة قدسية نصوص الاتفاقية التي تقول يجب أن يذهب هؤلاء جنوب حدود 1956م.. وبدأت محاولات هنا وهناك من الذين يبصرون بعقولهم لاستيعاب هؤلاء في الشرطة والقوات المسلحة، لكن تعثرت تلك الإجراءات.. وجاءت الانتخابات وحملاتها التي رفع فيها قادة الحركة الشعبية شعارات تنذر بعودة الحرب، ولم يدخر المؤتمر الوطني هو الآخر من (فسل) الكلام إلا ونثره في الأرض اليباب.. ويدل ما على نقول إن الفوز مطلوب بصناديق الانتخابات أو بصناديق الذخيرة، وما أن انتهت نتائج الانتخابات حتى عاد طائر الشؤم لينعق في سماء كادوقلي بنشوب حرب هي الأكثر دموية وعنفاً في تاريخ الحروب السودانية الممتدة منذ 1956م، وحتى اتفاق نيفاشا 2005م.
{ تعثر جهود التسوية
كان إجهاض اتفاق (نافع- عقار) أو إعلان مبادئ أديس أبابا الذي وقعه رجل الإنقاذ القوي حينذاك د. “نافع علي نافع” ورئيس الحركة الشعبية “مالك عقار” في 28 يونيو 2011م، وتم إجهاضه من خلال المؤسسة السياسية التي يقودها د. “نافع” نفسه.. كان إجهاض ذلك الاتفاق بمثابة موت الحلم ووأد السلام ونهاية استقرار يمكن أن يتحقق.. وبدا د. “نافع” بكل قدراته السياسية ونظراته الثاقبة مهيض الجناح، وارتضى قرار المؤسسة الحزبية لتقويتها وجعلها الحاكم الحقيقي، مضحياً بسمعته الشخصية وموقفه الأخلاقي من الطرف الآخر.. وكان إلغاء اتفاق (نافع- عقار) بمثابة رسالة إلى قادة الحزب أكثر منها رسالة إلى الطرف الآخر الذي حمل السلاح وأصبح من بعد ذلك القرار الخاص بالتفاوض بيد العسكريين الذين يقاتلون في الميدان وفي كل المفاوضات التي جرت من بعد.. كان الفريق “عماد عدوي” وما يمثله من رمزية المؤسسة العسكرية يملك (حق الفيتو) على القرار السياسي.. ومن الضفة الأخرى فإن الحركة الشعبية بعد انفصال الجنوب تمددت أحلامها وأشواقها لترث صيغة قسمة الثروة والسلطة التي كانت تنظم العلاقة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية الأم.. مدت الحركة الشعبية عنقها لمنصب النائب الأول ليصبح “مالك عقار” هو “سلفاكير” الأمس.. وتمسكت بقواتها من أجل أن تكون حزباً مسلحاً يدخر البندقية ليوم كريهة وسداد ثغر، وأصبحت الحركة مطية لبعض المتنفذين في الدولة الجنوبية حديثة الميلاد، ولهؤلاء- أي بعض المتنفذين في حكومة جوبا- أحقاد وضغائن قديمة ورغبة في الثأر من الشمال، وبحسابات خاطئة ظنوا أن قوات الفرقة التاسعة وبعض مليشيات حركات دارفور قادرة على إسقاط النظام في الخرطوم ليجلس على السلطة حكام جدد يتخذون من جوبا أماً لهم وأباً يرعاهم وكفيلاً، وتجد الخرطوم نفسها قد أصبحت دولة منزوعة الإرادة ومسلوبة القرار.. وخطأ حسابات الحركة الشعبية واعتدادها بنفسها جعلها تتمادى بعد أن رفض المؤتمر الوطني اتفاق (نافع- عقار)، والاستجابة لمبادرات جاءت من الاتحاد الأفريقي ومن أثيوبيا وبعض الشركاء الغربيين.. بيد أن الاهتمام الذي تجده القضية السودانية من قبل قد تلاشى وانشغل العالم بأزمات أخرى، مثل الحرب بينه وإسلام (داعش) في الشام والعراق.. والوضع في أوكرانيا.. وأخيراً تمدد حركة (داعش) لقلب أوروبا.. ثم الحرب في اليمن والتفاوض مع إيران.. كل هذه القضايا صرفت أوروبا والولايات المتحدة عن المشكلة السودانية، حتى اندلاع الحرب في دولة الجنوب لم يجد اهتماماً مثل اهتمام النرويج وألمانيا والولايات المتحدة بالحرب الأولى، وأصبحت حرب المنطقتين من الحروب (المنسية) وضعف الاهتمام بها.. ربما أستيأس الغربيون من النتائج التي حصدوها في إقليم دارفور، حيث انتهت القضية في دارفور إلى (التلاشي للا شيء) بقضاء قوات الدعم السريع على حركات دارفور المتمردة في الميدان، وتصدع تلك الحركات لجماعات سياسية صغيرة تلعن بعضها البعض، وانفض سامر التحالف من أجل دارفور بعد هزيمته.. لذلك انصرف العالم عن حرب المنطقتين، ولم يشغل مجلس الأمن نفسه بالقرارات كالتي توالت حتى بلغت أكثر من (17) قراراً بشأن الأوضاع في دارفور.
وقد كتب الوسيط الأفريقي “ثامبو أمبيكي” بنفسه شهادة وفاة المبادرة التي يقودها، حينما عجز عجزاً مشهوداً عن حمل الحركة الشعبية على التوقيع والقبول باتفاق خارطة طريق وضعه هو بنفسه.
{ هل من ضوء؟
في عتمة الظلام الذي تعيشه المنطقة ورحى الحرب التي تدور تصدر تصريحات من وقت لآخر بأن هذا الصيف الذي لم يتبق منه إلا شهر يونيو الجاري سيشهد نهاية التمرد في المنطقتين، وفي آخر زيارة لرئيس الجمهورية لكادوقلي في صيف العام الماضي وهو يقود حملته الانتخابية قال: بنهاية ذلك العام أي 2015م، إما تم التوصل لاتفاق سياسي ينهي الحرب وإما انتهت القوات المسلحة من التمرد ورفعت تمامها بخلو الجبال من التمرد.. وذات الوعود بذلها الجنرال د. “عيسى آدم الحلو” في خطابات مشهودة بأن نهاية التمرد قد اقتربت.. وفي هذا العام خاضت القوات المسلحة علميات في عمق مناطق سيطرة الحركة الشعبية في أم سردبة وكركراية البيرة والمشتركة وأم دورين وهيبان والأزرق وتمت السيطرة على مارديس.. ولكن تمددت الحركة الشعبية شمالاً وأصبحت تهاجم طريق (الدبيبات- الفولة) شمال غرب الدلنج.. وعلى الأرض لا صوت يعلو فوق صوت البندقية.. وقد أيقن الطرفان أن التفاوض غير مجدٍ، ولا تبدو المواقف متقاربة، فالحركة الشعبية تطالب بحكم ذاتي للمنطقتين وفترة انتقالية والاحتفاظ بقواتها خلال الفترة الانتقالية.. والحكومة ترفض مبدأ الشراكة ووجود قوات غير القوات النظامية، وتقول إن سقف ما تستطيع تقديمه للمتمردين عفو عن الجرائم التي اقترفوها.. وتسليم أسلحتهم.. والنظر في استيعاب من يمكن استيعابه في القوات النظامية أو البحث عن وظائف مدنية للمقاتلين.. ولكنها ترفض مبدأ الدخول في شراكة سياسية مع الحركة الشعبية، وبذلك تتباعد المسافات وتتبدد الأحلام ببزوغ فجر السلام في القريب العاجل، وربما في مثل هذه الأيام من العام القادم يكتب الكاتب عن مرور الذكرى السادسة لنشوب حرب (داحس والغبراء) الجديدة.
{ السودان والإمارات
ظلت العلاقات السودانية الخليجية تراوح محطة المد والجزر منذ حرب الخليج التي وقفت فيها الخرطوم إلى صف بغداد بتقدير سياسي خاطئ وحسابات ظرفية طغت فيها العاطفة على العقل والمنطق.. ودفع السودان ثمن ذلك غالياً ربما أكثر دولة عربية دفعت ثمن مساندة العراق.. لكن في العام الماضي أخذت الخرطوم في مراجعة ملف العلاقات العربية من خلال ترفيع مستوى التباحث إلى رئاسة الجمهورية بإشراف الرئيس “عمر البشير” بنفسه على ملف العلاقات السودانية الخليجية، وتحققت بذلك اختراقات كبيرة ونجاحات ما كان للدبلوماسيين التقليديين تحقيقها.. ولما كانت الأوضاع في منطقة الخليج أكثر تعقيداً مما يتصور المرء فإن التقارب مع عاصمة ما قد ينزلق بك إلى الابتعاد عن عاصمة أخرى، الشيء الذي يتطلب حركة دؤوبة واتصالات رأسية بقادة تلك الدول، وذلك ما نجح فيه الفريق “طه عثمان الحسين” وزير الدولة ومدير مكتب رئيس الجمهورية الذي ظل في الفترة الأخيرة يقود جهوداً متصلة وهو يتواصل مع القادة العرب من الملوك والرؤساء في صمت وبعيداً عن الأضواء لتنفيذ توجيهات وقرارات الرئيس، وقد أثبت الفريق “طه” قدرة على التواصل مع القادة العرب، وقبولاً لم يحظ به مسؤول سوداني آخر دون الرئيس “البشير”، وبفضل الدبلوماسية الرئاسية عاد الصفاء بين الخرطوم والرياض.. وتجاوزت الدوحة شيئاً من الفتور اعترى علاقاتها بالخرطوم في الفترة الأخيرة، وخلال نهاية الأسبوع الماضي عقدت في العاصمة الإماراتية أبو ظبي مباحثات مع واحد من الشخصيات المهمة جداً في دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ “منصور بن زايد آل نهيان”، قادها الفريق “طه عثمان”، حول العلاقات المشتركة بين الدولتين وسبل تطويرها.. وترقيتها.. والشيخ “منصور بن زايد آل نهيان” الذي يتولى منصب نائب رئيس الوزراء ووزير شؤون الرئاسة يعدّ من الشخصيات التي لها نفوذ واسع في الإمارات وعلاقات وثيقة مع الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا.. ويملك الشيخ “منصور بن زايد” ثروة مالية ضخمة أهلته لشراء نادي “مانشستر سيتي” الإنجليزي الذي انتشله بفضل حسن إدارته وصرفه عليه من أسفل ترتيب الأندية الإنجليزية ليجعل منه واحداً من أفضل الأندية الأوروبية ويهدد عرش كبار أوروبا وأندية إنجلترا التقليدية، وشخصية مثل “منصور بن زايد” تمثل ثقلاً مهماً، والسودان في حاجة حقيقية لأصدقاء من دولة الإمارات العربية، ولقاء “طه” و”منصور بن زايد” ربما فتح أبواباً ظلت مغلقة لسنوات.. ولم تمض ساعات على ذلك اللقاء حتى تحدث وزير العدل بصراحة عن وجود طلب للقبض على رجل أعمال سوداني يدعي “آدم سوداكال” مطلوب في الإمارات بسبب قضايا مالية هناك.. ومن مفسدات العلاقة مع بعض دول الخليج وخاصة الإمارات أن بعض المستهبلين السودانيين يرتكبون جرائم ومخالفات ويهربون للسودان مما يتطلب أن تتعاون الحكومة بصدق مع الإمارات في هذا الملف حتى لا يفسد (البلطجية) العلاقة مع دولة مهمة وإستراتيجية في المنطقة مثل الإمارات العربية المتحدة.

المجهر السياسي

Exit mobile version