كمال عوض : الحلف الأوروبي في مهب الريح

> لم يهدأ العالم منذ أمس الأول بعد خروج بريطانيا من الحلف الأوروبي، واشتعلت الفضائيات والصحف والإذاعات ووسائل التواصل الاجتماعي بالتحليلات والتوقعات لمستقبل الدول مع بداية تفكك الاتحاد الاوروبي بعد تماسك دام لـ «43» عاماً. > صوت الانجليز بنسبة 52 ٪ لصالح خروج بلادهم في استفتاء تاريخي أجبر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون على إعلان استقالته في اكتوبر المقبل لأنه يرى أن بلاده اتخذت مساراً يتطلب قيادة جديدة. وقال كاميرون: «أعتقد أنه سيكون من المناسب بالنسبة لي أن أحاول البقاء في كرسي القائد الذي سيقود بلادنا إلى الوجهة المقبلة. ليس من السهل اتخاذ قرار الاستقالة، لكنه يصب في المصلحة الوطنية». > اختيار بريطانيا الخروج عن الحلف الاوروبي ستتبعه خطوات أخرى خطيرة داخل المملكة نفسها بعد أن بدأ مواطنو ويلز واسكتلندا وايرلندا في التململ لأنهم يؤيدون بشدة البقاء مع الحلف الأوروبي للمصالح العديدة المشتركة بينهم. بينما يرى البريطانيون أن الاتحاد أرهق اقتصادهم بالمهاجرين ومحاولة إسعاف الدول المنهارة داخله كاليونان مثلاً. > ردود أفعال عنيفة ظهرت من خلال تصريحات قادة الدول المنضمة للحلف واكثرها تشاؤماً صدرت من الألمان الذين اعتبروا أن خروج الانجليز يوم سيئ بالنسبة لأوروبا. وعلق أنطون بونر – رئيس اتحاد التجارة الخارجية الألمانية بأن «هذه نتيجة كارثية لبريطانيا ولأوروبا وألمانيا، ولاسيما الاقتصاد الألماني. مقلق أن الديمقراطية الأقدم في العالم تدير ظهرها لنا». > هذه الخطوة ستؤثر بصورة مباشرة على الاقتصادين العالمي والأوروبي، وبصورة تلقائية هبط الجنيه الاسترليني إلى أدني مستوى له منذ سنوات طويلة أمام الدولار وهبط النفط واضطربت أسواق المال. > بريطانيا نفسها ستعيش أوقاتاً عصيبة بفعل تداعيات الخروج، وسيعاني المواطن الأمرين حتى تستقر الأوضاع، ولا يخفى على الجميع أن لندن تعد مركزاً استشارياً عالمياً لمعظم رجال المال والأعمال وأثرياء العالم. وهي العقل الاقتصادي المفكر والمدبر للخطط المستقبلية التي تقود الدول وتنجز فيها غالبية الصفقات المؤثرة. > أما أمريكا فيرى مراقبون أنها المستفيد الأكبر من هذا الاستفتاء الذي أضعف بلا شك الحلف الاوربي، وبالتالي سيتعرض اليورو لهزة كبيرة وسيتبعه الجنيه الاسترليني ويبقى الدولار هو سيد الساحة. أيضاً سيتحول الوضع الأمني إلى اتجاهات أخرى، وسيزيد ذلك من احتمالات استفتاء جديد في عدد من الدول بعد أن شاهدنا في السنوات الماضية كيف بدأت الهوية الأوروبية المشتركة تتمزق وأواصر التلاقي والتلاحم تتلاشى. > المملكة المتحدة ظلت تتمرد منذ وقت بعيد على الحلف الاوروبي، فهي لم تغير عملتها وترفض محالها التجارية وأسواقها الضخمة التعامل باليورو والدولار. كما أن الدخول إليها عبر تأشيرة «الشنغن» ممنوع. > هذا النفور جعلها أقرب إلى الابتعاد عن الحلف، وتابعنا سعادة الشعب الانجليزي عقب الخروج أمس، وشاهدنا الاحتفالات والعبارات القوية التي صدمت الاوربيين الذين اتضح انهم كانوا عبئاً كبيراً على البريطانيين كل هذه السنوات. > أما نحن على الصعيد العربي والإفريقي فإننا سننتظر نتائج هذا الزلزال الذي ضرب الأوربيين، ونراقب انعكاساته على اقتصادنا الذي لا ينفصل بالطبع عن منظومة الاقتصاد العالمي.

Exit mobile version