اللواء “فضل الله برمة ناصر” نائب رئيس حزب الأمة في إفادات جريئة

{ سعادة اللواء هنالك اتهام بأنك أصبحت (خميرة عكننة) داخل الحزب.. وبوجودك ابتعدت قيادات كبيرة مثل “بكري عديل”.. لان تعيينك لمنصب نائب الرئيس لم يتم بالطريقة التنظيمية المعروفة؟
– أنا لم آت لهذا الحزب من غير إمكانيات ولا من أجل الحصول على المناصب، بل جئت إليه وأنا أشغل منصب عضو رأس دولة بعد انتفاضة رجب أبريل، وكنت المحرك الرئيسي لها، ولم أدخل الحزب من الشارع، بل بعطاء وبذل ولم أطالب بأي منصب.
{هل سبق لك الانتماء للحزب قبل ذلك؟
– انتمائي لحزب الأمة جاء من خلال انتمائي العقائدي، ولكن الذي أوصلني لهذا المناصب هم جماهير القاعدة التي انحدرت منها، لأنها كلها تنتمي لحزب الأمة، وحال ذهابي إلى أي حزب آخر أكون مثل من يسبح ضد التيار، والحزب لم يضف لي شيئاً، ومنصب نائب رئيس لم يكن كبيراً عليّ وأنا من المؤسسة العسكرية، ورغم ذلك أنا أكثر شخص دخل السجن، وأي شخص يتحدث عني أنا اعتقلت أكثر منهم كلهم.
{ من سجن معك آنذاك؟
– رافقني في السجن “الأمير نقد الله” و”عبد الرسول النور”، وفي السجن كنت مفصولاً في “زنانة” انفرادية، وكل الخلافات التي حدثت الآن أنا لم أكن نائب رئيس، بل كنت عضواً عادياً في المكتب السياسي.
{ لكن بعد عودة “مبارك الفاضل” سعيتم لإبعاده؟
– أي عودة الأخيرة أم القديمة؟
{ الأخيرة ومبارك يقول إنه من مؤسسي الحزب؟
– أنا لا أريد الحديث عن حزب الأمة هو حزب عريق ومؤسس، وأضاف متسائلاً لماذا مبارك خرج أصلا من قبل؟؟ وهل نحن خرجنا معه؟. وعندما شارك في النظام، خالف قرار ومؤسسات الحزب التي قررت أن لا مشاركة إلا في حكومة ديمقراطية أو قومية، طيب من يخرج على قرارات الحزب ماذا يفعل له؟!!
{ طالبتموه بالاعتذار وهو رد أن السيد “الصادق” لم يعتذر من قبل؟
– أنا لا أريد الحديث عن العلاقات بين السيد “الصادق” و”مبارك” في الجوانب الشخصية، لكن حديثي عن العمل المؤسسي داخل الحزب، وأخونا مبارك خرج من الحزب بإراداته، وأكن له كل التقدير والاحترام، والحزب أبوابه مفتوحة على أن يسلكوا الطريق السليم. والمؤتمر العام هو المكان للإصلاح وإعادة العملية التنظيمية والبرامجية، أهلاً وسهلاً بكل شخص يتبع الطريق السليم والوسائل الديمقراطية المشروعة.
{ الآن الإمام “الصادق المهدي” أعلن انتفاء أسباب وجوده في الخارج وعودته مرهونة بالمؤسسات.. متى تقرر المؤسسات عودته؟
– شوف أنا عاوز أضع لك النقاط فوق الحروف، ولا يوجد شخصان يشكان في أن السيد “الصادق” مهموم بقضايا الوطن وضحى بكل غالٍ ونفيس من أجل الوطن، وضحى بإيجاد المخارج السلمية لأبنائه، يجب أن نعترف بها وحتى الحوار الذي خرج منه بطريقة قاسية هو أول من نادى بالحوار وأمن عليه في 2014م وعمل على نجاحه، لكن النتيجة كانت هي سجنه وهل يُسجن لخطأ ارتكبه أم لقوله كلمة حق.
{ إذن هنالك مرارة لم تنته؟
– أبداً السيد “الصادق” لا يحمل الحقد، ودائماً توصياته على أن السودان في أمس الحاجة لتعاون كل أبنائه، ولكن يا أخي لا يصح إلا الصحيح، نحن لدينا مشاكل أساسية.
{ ما هي هذه المشاكل؟
– مشكلة الحرب إذا لم تحسم مع الذين يقاتلون لن نتقدم للأمام، والسيد الصادق بتوقيعه على (إعلان باريس) خطى خطوة متقدمة في التعامل مع إخوانه الذين قال لهم نحن مع مطالبكم المشروعة، ولكن ضد وسائلكم للاستيلاء على الحكم بالقوة، بل اتفقوا معنا على الحل السلمي الذي يجب أن نتمسك به بالأيدي والنواجذ.. ثانياً نحن لدينا مشكلة في كيفية الحكم حسب التركيبة والتنوع السكاني والثقافي والديني لن يحكم إلا بالديمقراطية، فإن كان هنالك من يريد أن يهيمن على كل مقاليد البلد دون الاستماع للرأي الآخر، هذا لا يساعد في حل قضية الوطن، فعلى الحاكمين أن يفهموا أن السودان بحاجة لكل أبنائه، وعليهم أن يتخلوا عن الهيمنة والاستعلاء ولغة “ما بنشيل شولة”.
{ حزب الأمة أعلن على لسان السيد “الصادق المهدي” أن توصيات الحوار الوطني تلبي رغبات المعارضة؟
– حزب الأمة وعلى رأسه السيد “الصادق المهدي” دائماً يتناول قضايا الوطن بعقلانية وبتجرد، يضع مصلحة الوطن فوق كل المصالح، ونحن لا نتردد قط أن نقول إذا حدث صاح هذا صاح، وإذا حدث خطأ نقول هذا خطأ.
{ ولكن هذا ليس رأيكم في الحوار قبل خروجكم؟
– نحن منذ البداية قلنا إن الحوار لا نريده، لكن تهمنا مخرجاته، يعني المخرجات إذا جاءت بجديد لمعالجة قضايا السودان سنرحب بها.. ونحن اطلعنا على مخرجات الحوار وجدنا فيه أشياء كثيرة تتوافق مع رؤانا، وقلنا هذا شيء ايجابي، وأيضاً لدينا رؤى وما دام الطرف الآخر لديه رأي ايجابي، كما يقول المثل (نصف رأيك عند أخيك)، والسيد “الصادق المهدي” قال لهم خذوا حواركم وتعالوا إلينا نجلس مع بعض حتى تكتمل الصورة وسيكون الحوار شاملاً.
{ أنتم تريدون فتح حوار جديد؟
– ليس فتح حوار جديد، هذه المخرجات كثير منها ما هو متوافق مع رؤانا، لأنها جاءت من أبناء الوطن جلسوا وخرجوا بأشياء كثيرة ونحن لسنا مشتركين فيه، ولكن قلنا لهم تعالوا إلينا لأن الموضوع للرأي والرأي الآخر، رأيك وحدك ليس كافياً وهذه أبجديات الديمقراطية تعالوا نجلس مع لجنة (7+7) وتعالوا نجلس في الخارج ونتوصل في لقاء تنفيذي نضع فيه الإجراءات الأولية التي تتعلق بتهيئة المناخ وإعادة الثقة بيننا، وفي مقدمة ذلك قبل أن نبدأ الحوار بوقف هذه الحرب لأنه لا يمكن أن نفاوض والرصاص (يلعلع).
{ لكن الحكومة أعلنت وقف إطلاق النار وهو جزء من التهيئة؟
– نشوف جزء من هذه الأشياء مع بعضها، وهذه ايجابيات وقف إطلاق النار وفتح ممرات الإغاثة وكفالة الحريات وإطلاق المعتقلين والعفو عن المحكومين.
{ الحكومة تقول لا يوجد معتقلين سياسيين؟
– معليش عندما نجلس سنقول لهم لدينا معتقلون ويطلبوا منا كشفنا، ونحن نعيهم وإذا لم نقدم كشفاً يكون ليس لدينا معتقلين.
{ هنالك فرق بين المعتقلين ومن عليهم أحكام قضائية؟
– شوف يا ابني نحن في مرحلة جديدة تتطلب التجاوز، لان قضايا الوطن أكبر من القضايا الفردية، ويجب أن تكون هنالك تجاوزات، ولماذا نحن نتجاوز مرحلة كاملة من أجل الوطن فليأتوا بمخرجات الحوار ونجلس في لقاء تمهيدي نضع فيه أجندتنا، ونتأكد من بنود تهيئة المناخ، وتكون هنالك ثقة ومصداقية بيننا، ونضع برنامجنا ثم نتحول إلى بقية القضايا، وهذه كلها إجراءات وليست حلاً للقضايا، والحكومة يجب أن تضع نفسها موضع المسؤول.
{ موقف حزب الأمة من قوى الإجماع الوطني فيه ضبابية مرة جمد نشاطه وكون (نداء السودان) والبعض يعتبره ضرار لقوى الإجماع ؟
– بكل أمانة قوى الإجماع الوطني وقوى نداء السودان معنيان بمناقشة قضايا الوطن، لأنه في مفترق الطرق، وبكل أمانة فاقد الاتجاه وفي أمس الحاجة لجهد كل ابنائه بصرف النظر عن مواقعهم المختلفة ومواقفهم، عليهم بذل مزيد من الجهد لإخراجه مما هو فيه، لان المشاكل أصبحت أكبر من طاقة أية فئة أو حزب وحده، وهذا يقودني إلى القول بأن قوى الإجماع الوطني ونداء السودان وحزب الأمة من المؤسسين لتحالف قوى الإجماع الوطني، وخرج لسبب واضح طالب بإعادة الهيكلة، لأن أي عمل بدون هيكلة يكون مبتوراً، لذلك لابد من وجود جهة تتخذ القرار.
{ حزب الأمة يسعى لتجميع المعارضة ولكن.. ماذا عن المنشقين عنه وإلى أين وصلت مبادرة تجمع قوى التغيير؟
– أول مجموعة خرجت من حزب الأمة كانت في العام 2002م، وهي التي تفككت وتشتت، ولكن حزب الأمة الأصل سليم والمجموعة التي خرجت مع أخونا مبارك هي التي تقسمت إلى أحزاب، خرج منهم “بابكر أحمد نهار” و”الزهاوي” عليه رحمة الله و بابكر دقنة، هذه هي المجموعة المتشققة.
{ ولكن مجموعة التيار العام كان لها موقف أشبه بالخروج من الحزب؟
– أبداً أعضاء التيار العام مازالوا موجودين في حزب الأمة القومي والتيار العام، كان لهم موقف بعد المؤتمر السابع للحزب في 2007م.. وهم إخواننا ومنذ خروجهم لم تتوقف جهود الحزب واتصالاته معهم، وهم أيضاً لهم رؤية ومصالح، وفي إطار لم الشمل مازال الباب مفتوحاً لأي شخص للعودة.
{ لماذا خرجت أصلاً؟
– مجموعة التيار خرجت لأسباب تنظيمية وليست سياسية، وهم مجموعة وعدد كبير منهم كان في الهيئة المركزية مجموعة الأخ “الدومة”، هؤلاء رجعوا وبقيت مجموعة أخرى، وبذلنا جهدا وتوصلنا إلى أن الخلاف تنظيمي وليس سياسياً، وكلنا في حزب الأمة مقتنعون وراضون عن خطنا السياسي، أما الناحية التنظيمية حلها سيكون في المؤتمر العام المقبل، وبالتالي نحن الآن طرحنا إعادة أعضاء من مجموعة التغيير في المكتب السياسي، لأنهم تغيبوا تم استبدالهم بآخرين، ولكن هذه ستتم وفق النظم الإدارية، واتخذنا قراراً بعودة الأعضاء السابقين في مكتبهم السياسي على أن لا يتعارض ذلك مع دستور الحزب.
عندنا بعض الناس الذين يتحدثون عن الاختلاف التنظيمي، ونحن كونا اللجنة العليا للإعداد للمؤتمر العام، وإن شاء الله سينعقد أول السنة الجديدة لمعالجة المشاكل واللجنة التي تم تكوينها شملت أعضاء من قوى التغيير ليكونوا جزءاً من الإعداد للمؤتمر العام.. ونريد للمؤتمر العام أن يكون حراً حتى يختار الناس قياداتهم بطريقة ديمقراطية بعد إجراء المؤتمرات القاعدية لتصعد عضوية المؤتمر، وفي هذا المؤتمر نريد من كل عضو ممارسة حقوقه بكل الوسائل الديمقراطية، هذا محل الإصلاح في الدستور وفي البرامج والهيكلة. وإلى أن يتم عقد المؤتمر العام هنالك بعض الناس يريدون المشاركة والباب مفتوح لهم.
{ المستوعبون ألا يؤثرون في زيادة عدد المكتب السياسي؟
– أنا قلت لك على ألا يتعارض مع الدستور.

{ الجنوب في حريق مشتعل وأصدر حزبكم بياناً دعا فيه الطرفين لضبط النفس، ولكن هل لديكم اتصالات مباشرة مع قادة الجنوب؟
– ما يجري الآن في الجنوب شيء مؤسف ومحزن للغاية، ويجب أن نتذكر نحن في الشمال أن الجنوب كان في يوم من الأيام جزءاً لا يتجزأ من الوطن الغالي، وتربطنا به علاقات جوار واثنية، وعلينا أن نتذكر أن ما يجري في الجنوب سينعكس مباشرة على السودان، ولذلك يجب على السودان أن يهتم بما يجري في الجنوب بطريقة تختلف عن دول الجوار لأن ضرر دولة الجنوب أكبر.
{ تقصد دور أكبر للحكومة؟
– نعم فهي تمثل الدولة والشعب، وعلى الحكومة أن تتذكر أن انفصال الجنوب تم بطريقة خطأ لأنه لم يصل مرحلة النضج والتهيئة لدولة جديدة لم تكن بالمستوى المطلوب إدارياً وسياسياً وأمنياً للانفصال، وهذه كانت مسؤولية الشمال قبل الانفصال.
{ لكن كانت هنالك ولايات قائمة في الجنوب ولديهم وزراء على المستوى الاتحادي والولائي؟
– مهما كان نحن نعرف أمراض الجنوب أكثر من غيرنا، ونعرف (مثلهم الشعبي أنتم الشماليين بالنسبة لنا مثل الأسفنج للزجاج إذا تركتمونا نتكسر)، والشمال السابق كان يعرف أن هناك صراعاً قبلياً وغياباً للأحزاب السياسية في الجنوب لاسيما أنه خرج من حرب طاحنة، وليس هنالك جيشاً نظامياً، والكثير من الأسباب كانت تحول دون انفصال الجنوب.
{ أنت تحمل الحكومة جزءاً من مسؤولية انفصال الجنوب؟
– نعم السودان جزء من ذلك وتقع عليه مسؤولية حقيقية باعتباره الشقيق الأكبر، بالرغم من أن حق تقرير المصير هو مشروع، ونحن ليس لدينا اعتراضاً عليه، ولكن حق تقرير المصير نفسه، كان يجب أن يتم على مراحل للتأكد من أن الجنوب أصبح إدارياً وسياسياً واقتصادياً وأمنياً وقف على أقدامه، وأن تكون كامل مؤسسات الدولة بما فيها الحزبية اكتملت ثم يسمح لهم بالانفصال.
{ تعني أن فترة الست سنوات كانت قصيرة وغير كافية؟
– على الأقل مفروض تكون هنالك فترة رقابة لمدة سنتين لتقوية الصلات التي بيننا، والتجارب أكدت أن الجنوب كلما دخل في الحروب يلجأ الشعب إلى السودان، ولذلك نقول ما زالت هنالك مسؤولية علينا أكثر من غيرنا في إطفاء حرائق الجنوب.
{ بخبرتك العسكرية.. ما هو المطلوب من “سلفاكير” و”رياك” لإيقاف الحرب المشتعلة؟
– من خلال سير الأحداث الحالية، اتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن “سلفاكير”و”رياك” فقدا السيطرة على الوضع بسبب أنهما أعلنا وقف إطلاق النار، وناشدا كافة الأطراف ولا تزال الاشتباكات مستمرة، معناه ليست هنالك سيطرة على القوات، وهذا يرجع إلى الكلام بأن الجنوب ليست لديه قوات نظامية منضبطة بالقانون، وهذا يعضد قولي بأن الاستعجال قبل الانفصال أدى إلى خلل في تكوين البنية التحتية للقوات النظامية، ولازال الجيش تغلب عليه روح المليشيات، والقوات ما لم ينضبطوا بقانون صارم ستحصل مآسٍ كثيرة جداً بالجنوب.
{ هل هناك أيادٍ لقوى خارجية لها مصلحة في اشتعال الجنوب؟
– أكيد لا نستبعد ذلك، ولكن يجب أن لا نجعلها شماعة لان مسألة الأمن الداخلي، هذه مسؤولية أبناء الجنوب، ويفترض أن يميزوا بين أصحاب المصالح ومصالحهم، وحقيقة مما يجري في الجنوب أمر مؤسف، لان البنيات التحتية مازالت هشة، وعلينا نحن في الشمال رغم المرارة من انفصال الجنوب تقع علينا مسؤولية الجيرة والتاريخ والمصالح المشتركة، والاثنية تحتم علينا أن نلعب دوراً أساسياً، ونحن في حزب الأمة السيد “الصادق” يناشد باستمرار والحزب لديه اتصالات بالجنوب منذ وقت مبكر، وكنا نسعى لان تنقشع هذه السحابة.

المجهر السياسي

Exit mobile version