نايم.. ولا صاحي.. ولا إصحاح؟! بالتزامن مع موسم الأمطار تنذر الأوضاع البيئية “غير المطمئنة” بحدوث كارثة صحية.. تشكيل هيئة طوارئ عاجلة لدرء آثار المخلفات.. هل يحد من تراكم النفايات

تبدو العاصمة في (الجمعات) فارغة؛ كما لو أنها قرية قصية، نائية ومنسية.. يا لسنتر الخرطوم..!! حتى الأشباح تفر منه، فرار أرنب مذعور تناوشته مصائد القوم، لا أحد هنا، لا حركة لا نشاط، الحياة تتوقف، المحال التجارية مغلقة، المواصلات العامة بالكاد تنهب الشوارع الخاوية، فقط أنا والخواء العريض أكتب لكم عنها وأكوام نفاياتها التي أصبحت وصفاً ومعلما بازراً لها، الآن ها هنا.

بعيداً عن موقف مواصلاتها تبدو شوارع الخرطوم هادئة وخالية من الحركة تماماً عدا حركة بعض الأجانب وسائقي التاكسي والأمجاد الذين يجوبون الشوارع في تمهل دون توقف بحثاً عن (مشوار)، فجل المحال التجارية أبوابها مغلقة بجانبها تتبدى مخلفات مقاعد بائعات الشاي الكرتونية والحجرية، فيما يظل مشهد أكياس النفايات هو الأكثر انتشاراً وحضوراً.. في كل زاوية ومساحة تعبرها، تجد كميات من مخلفات الكافتريات والمحال التجارية (مكومة) تتنظر عربة نفايات المحلية التي تعمل بطريقة (غيب وتعال)..!

ويشاهد النازل الي الخرطوم والمتجول في شوارعها أمس (الجمعة) تراكم النفايات التي تعمل على نبشها وتشتيتها القطط والكلاب الضالة وأحياناً المشردون في ظل انعدام خدمة نقل النفايات.

وكان مجلس تشريعي ولاية الخرطوم قد رفض أمس الأول (الخميس) مقترحاً بزيادة رسوم النفايات تقدم به معتمدو الخرطوم إثر غياب خدمة نقل النفايات التي بات تراكهما مصدر إحباط بالنسبة للكثير من سكان الخرطوم سيما أن تراكمها لأيام في ظل عوامل طبيعية متقلبة كالأمطار وارتفاع درجات الحرارة يعمل على تحليلها وتوالد الحشرات فيها، والمحصلة بالطبع جملة من الأمراض.

وأطلق المجلس الأعلى للبيئة تحذيراً عن وضع النفايات وتراكمها بالخرطوم، وقال طبقاً لما جاء في الأخبار أمس (الجمعة) إن الأوضاع البيئية (غير مطمئنة) وأنها تنذر بحدوث كارثة صحية بسبب تكدس النفايات وهطول الأمطار، الأمر الذي دفع نواباً بداخل تشريعي ولاية الخرطوم إلى تشكيل هيئة طوارئ عاجلة لدرء آثار المخلفات البيئية وما يترتب عليها ومعالجة مشكلات تراكم النفايات، وضرورة الإسراع والوقوف على حجم المشكلة وايجاد حلول جذرية لها للحد من تفاقم الأوضاع البيئية خاصة في فصل الخريف.

وبحسب مواطنين بالخرطوم تحدثوا لـ(اليوم التالي)، فإن العذر الذي تقدم به اللواء عمر نمر، رئيس المجلس الأعلى للبيئة، غير مقبول خاصة أنهم يدفعون رسماً شهرياً مقابل توفير خدمة نقل النفايات، واعتبروا أن الأمر تخطى مرحلة التراكم وأصبحت بعض نواصي الشوارع الداخلية مكبات للنفيات. يقول أحد قاطني منطقة الخرطوم (2)، في حديثه للصحيفة أن عربة النفايات تعبر فقط بالشوارع الرئيسية، دون الداخلية، الأمر الذي يدفع الكثير من المواطنين إلى حمل نفاياتهم وأوساخ محالهم ودورهم ووضعها في تقاطعات الشوارع التي تمر بها عربة نقل النفايات.. نسيت أن أقول أن محدثي فضل الإدلاء بإفادته من موقع الهوية المخفية.

وطبقاً للواء نمر فإن (50%) من النفايات يتم نقلها، ما يعني أن بقية النسبة متراكمة في أحياء وشوارع ولاية الخرطوم، ويشير نمر إلى أن كمية النفايات التي يتم رفعها بين (3.500) إلى (4.500) طن من النفايات يومياً فيما يحول تهالك عربات النقل، وتعذر صيانتها بجانب خروج عدد من الشركات العاملة في النظافة، من رفع كميات أكبر، وأضاف: “نسبة نقل النفايات من المنازل (36%)، والأسواق (40%)، الشوارع (65%)، المصارف (30%) بجانب زيادة توالد الذباب لـ(40%) وانشار الكوش لـ(55%) في الولاية), مقراً في ذات الوقت بضعف القطاع الخاص العامل في مجال النظافة وخروج شركتين من أصل (5) شركات كانت تعمل في الخدمة.

وبحسب مراقبين، فإن أداء المجلس الأعلى الخاص بأمر (إصحاح البيئة) من أكثر المؤسسات الخدمية تدنياً من حيث الخدمة سيما في ظل عجزها عن نقل نفايات الخرطوم، والاستهانة بأمر تراكمها في الشوارع، فيما ذهب آخرون في الحديث إلى أن أمر النظافة و(إصحاح البيئة) بولاية الخرطوم بات في ذيلية أولويات برامج حكومة الولاية.

الخرطوم ــــ المقداد سليمان
صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version