صفقات الطفيليين وضرائب الهامشيين

في ظل الظروف الاقتصادية العامة في بلادنا، وفقر الموارد المالية يرابط ذهن المسؤولين عند أقرب وأسهل طرق الجباية ويحلق تفكيرهم بشكل مستمر حول الخيارات الأسهل والأسرع لتعويض هذا العجز بأقرب الفرص التي تتوفر أمامهم، والتي توفرها لهم الأعمال والمهن الهامشية، التي تمتهنها شرائح ضعيفة في المجتمع وهو نوع من التفكير الكسيح.. والذي لم تتعاف منه الحكومة يوماً وليس للهامشيين معها حيلة، فتستمر هذه الحلقة المختلة وتتسع وتزيد مع زيادة نسبة الفقر في المجتمع .
لن تترك بائعات الشاي عملهن ولن تزهد خزانات المحليات في (نقاطة) الكشات والغرامات المالية.. ولن يترك هؤلاء عملهم ولا ترغب السلطات المختصة في ذلك، لأنها تعتمد على الرسوم والغرامات التي تتحصلها منهم في تسيير عملها .
في الوضع الطبيعي يكون المواطن الأعلى دخلاً في البلد هو الذي يدفع ضريبة أكبر لخزانة الدولة، لكن في واقعنا فإن ماسح الأحذية وصبي الدرداقة وبائعة التسالي وبائعة الشاي والباعة المتجولين هؤلاء هم الأكثر انتظاماً وامتثالاً بالقانون لدفع غرامات وجبايات مستمرة وغير عادلة في نسبتها مقارنة بعائد أعمالهم غير المقننة تلك .
هذا وضع معطوب ومقلوب تماماً أن تكون الحكومة قادرة على تحصيل رسوم وغرامات من آلاف النساء والشباب الذين يمتهنون المهن الهامشية وتكون تلك الحكومة في نفس الوقت عاجزة عن تحقيق الإمتثال الضريبي لشرائح أخرى من أصحاب المهن الطفيلية مثل آلاف السماسرة والوسطاء الذين يحقق بعضهم دخولاً عالية جداً ولا يسهمون بقرش واحد في خزانة الدولة ..!
لا نتحدث الآن عن تخفيف الضرائب لكننا نتحدث أولاً عن تحقيق وضع عادل في تحصيل هذه الضرائب والجبايات عن الأعمال المختلفة.. نتحدث عن ضرائب عادلة وعن ضرورة تصحيح هذا الوضع المغلوط ..
قبل أن تنظموا عمل ماسحي الأحذية نظموا عمل الوسطاء في المجالات المختلفة والذين يحققون دخلاً عالياً ولا يقدمون أي مساهمة في خزانة الدولة .
استبدلوا جهدكم من مطاردة البسطاء والفقراء وبائعات الشاي بجهد أولى وأهم لتنظيم هذه المهن التي مع احترامنا لممتهنيها لكنهم أولى بالمساهمة الوطنية من أولئك الفقراء والأسر الضعيفة التي تحصل على لقمة عيشها الحلال من ممارسة مهن بسيطة لكنها ربت أجيالاً وخرجت أسرها شباباً نافعاً لهم وللوطن.
ظللنا دائماً نستنكر مظاهر الكشات والمطاردات التي تعكس انطباعاً ومظهراً أكثر سلبية عن علاقة السلطات بالشارع وعلاقة السلطات بالبسطاء والضعفاء.
يجب أن نستنكرها وباستمرار، مظاهر إستئساد سلطات المحليات على الضعفاء في وقت تترك فيه آخرين يخططون لصفقات ضخمة وينفذونها وهم جالسون حول بائعات القهوة ولا يدفعون أية ضريبة وطنية للدولة بل تدفعها بائعة الشاي الضعيفة تلك والتي ترعى صفقتهم بكوب شاي قد لا يترك بعضهم جنيهاً متبقياً عندها في حالة عدم وجود (الفكة) ..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

Exit mobile version