تهافت العملاء !

وهكذا تتكشف كل يوم خفايا علاقة الحركة الشعبية (قطاع الشمال) بسادتها في جنوب السودان وينفضح الرفاق بالرغم من أن الأمر لا يحتاج إلى دليل وبرهان وهل من حجة على ارتكاب الجرم أبلغ من اعتراف المجرم؟!

سأعود لاعتراف قطاع الشمال بعمالته لكن دعوني أورد لكم الخبر الصاعق التالي:

فقد كشفت حسابات مصرفية ببنوك دولة جنوب السودان عن حجم المبالغ النقدية التي يتقاضاها قطاع الشمال من حكومة الجنوب كمرتبات شهرية تبلغ (10،615،000) جنيه جنوبي!

المبلغ المذكور يورّد شهرياً في حساب عبد العزيز الحلو الذي يحولها إلى حساب القائد بالجيش الشعبي جقود مكوار ببنك الجبال كمرتبات لجنود قطاع الشمال في الفرقتين التاسعة والعاشرة المرتكزتين في النيل الأزرق وجنوب كردفان والتابعتين للجيش الشعبي لتحرير السودان بجنوب السودان !

معلوم أن سلفاكير استدعى مؤخراً جنود الفرقة التاسعة للقتال إلى جانبه ضد عدوه اللدود ونائبه السابق رياك مشار .معلوم كذلك أن مالك عقار وعبد العزيز الحلو وياسر عرمان تابعون للجيش الشعبي (الجنوبي) ويحملون رتباً عسكرية (كوماندر).. لكن هل يحتاج الأمر إلى إثبات وقطاع الشمال يسمى رسمياً (الحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال) ؟! بما يعني أنه يعتبر نفسه (قطعة) أو (قطاع) تابع للحركة الشعبية لتحرير السودان؟!

ذلك ما كنا نصرخ (ونكورك) به على الدوام أن تطلب الحكومة من دولة الجنوب أن تفك ارتباطها بقطاع الشمال وتتخلى عن اعتبارهم تابعين لها وتغيير اسم جيش عملائها هؤلاء إلى اسم آخر لا يحمل اسم الحزب الحاكم في جنوب السودان.

ظللنا كذلك نطالب حكومة السودان بأن تطلب وتشترط من حكومة الجنوب تغيير الاسم المستفز للحزب الحاكم في جنوب السودان والذي يحمل ويعبر عن هدف استراتيجي يدعو إلى تحرير بلادنا (تحرير السودان) حتى بعد أن انفصلوا بدولتهم التي تعاني اليوم ومنذ زمن من سكرات الموت جراء الحرب الأهلية التي تطحنها طحناً.

أقول: هل فهمتم قرائي إصرار عرمان خلال المفاوضات التي تجري اليوم في أديس أبابا مع الحكومة على تعقيد الأمور ورفض التوصل إلى تسوية؟! السبب واضح أن القرار يصدر من قادته في جنوب السودان الذين يتخذون عرمان ورقة ضغط على السودان.

نحن قبيل شن قلنا !

صحيح أن السودان يعاني من أزمة اقتصادية ومعيشية طاحنة كما يعاني من أزمة سياسية هي التي ظللنا ننادي بإقامة توافق بين القوى والأحزاب السياسية حولها حتى تتوقف الحرب وننعم بالسلام وينخرط الجميع في مسار ديمقراطي يحدد الأوزان السياسية بعيداً عن الاحتراب والاستقواء بالبندقية.

ولكن دعونا ننقلكم إلى دولة جنوب السودان التي اختار شعبها بمحض إرادته الحرة أن يفارقنا بما يشبه الإجماع بل إنه حتى الذين عاشوا بين ظهرانينا من الجنوبيين عشرات السنين في الشمال صوتوا للانفصال وبالرغم من ذلك تجد من بيننا بعض قصيري النظر ممن لا يزالون ينتحبون ويبكون على وحدة الدماء والدموع مصرين على أن يمارسوا الوصاية على شعب يرفض التوحد معهم.

هل تعلمون أيها الإخوة أن سعر الدولار في دولة جنوب السودان تجاوز الـ500 جنيه وأن التضخم بلغ (600) %؟!

هذا غيض من فيض مما يحدث في دولة جنوب السودان فقد دمرت مدنها تماماً جراء الحرب التي أكلت الأخضر واليابس وانعدمت خدمات الكهرباء والمياه والصحة والتعليم وشرد الشعب وفرت أعداد هائلة منه إلى دول الجوار وبلغ عدد من ماتوا في الحرب بين الجنوبيين الذين يفترض أنهم أبناء وطن واحد خلال أشهر قليلة أكثر ممن ماتوا في (22) عاماً هي فترة الحرب الأخيرة بين الشمال والجنوب.

كم أنا حزين لما حدث ويحدث في تلك الدولة الجارة ولكني سعيد أننا لم نكن نرجم بالغيب حين تنبأنا بكل ذلك ونحن نطرح رؤيتنا لحل أزمة الجنوب التي عطلت مسيرة السودان وأدت إلى تخلفه بعد أن أنهكته في حرب ما كان من الممكن أن ينتهي أوارها لو استمرت مائة عام فقد ثبتت صحة رؤيتنا أن من يعجزون على التعايش مع بعضهم أعجز من أن يقيموا وحدة مع من يبغضونهم.

Exit mobile version