داليا الياس والنظر بعين ذبابة

للذبابة زوجان من العيون في كل عين منهما 4 آلاف من العدسات المركبة السداسية تتيح لها رؤية أشمل وأوسع وأدق .. لكن بالرغم من هذه القدرة البصرية الهائلة للذباب فأنك كثيرا ما تراه وهو واقع بشره في كل عفن وقذارة ونتانة.
وما مقال الصحفية داليا إلياس عن ممارسات الفتيات للرذيلة وتعاطيهن للمخدرات إلا ضربا من ضروب النظر والادراك لما حولها بعيني ذبابةً .

خرجت بنت إلياس بمقال لو مج بماء البحر لغير لونه وطعمه ورائحته عفنا، وهي تمارس إفكا مُبِينا وخدشا لكرامة فتياتنا بلا تثبت ولا دلائل ولا أرقام ولا حقائق إذ تقول الكاتبة في عمود نشر لها نشر على موقع النيلين بتاريخ 24 اغسطس : ” الكثير‬ من الفتيات الآن يمارسن الرذيله طائعات” ولفظ كثير هذا الذي استخدمته الكاتبة ، في اللغة يعني نقيض القليل، ويشير إلى كثرة قد تصل إلى حد الغلبة أو الاغلبية .. أيُّ جهاز إحصاء هذا الذي تمتلكة داليا يستطيع رصد وقائع الممارسات التي أكدتها بين الملايين من الناس .. وأيُّ بصيرة هذه التي تشق بها مافي الأفئدة لتخبرها عن نوايا الانسياق طوعا إلى هذه الممارسات.

إنها سقطة مدوية لمن كنت أخالها تعرف وتتقن أدب الكتابة وفن الصحافة. فلاهي تحققت ولاهي تقصت وليس لديها ما يثبت كثرة من قلة عبرت عنها، ولاهي علاّمة للغيب حتى تعرف دوافع الممارسة والانسياق الذي ذكرته في مقالها .

بل واصلت بنت إلياس تهجّمها على بنات جنسها عدوا بغير علم ولاحياء ولابينات تسوقها ، لتطلق تعميمات بغيضة لا استثناء فيها ولا حصر لتقول : ” الا تلاحظوا معى أن فتياتنا أصبحن وقحات ” وليتها حصرت وصفها المخل هذا في مشهد أو واقعة محددة لكنها اختارت أن تنظر إليه بعين ذبابة ، لتُدخل كل فتياتنا وبناتنا وأخواتنا في هذا الوصف القبيح .

ثم تزلف معددة أشكال الوقاحة كما تراها بعين الذباب لتقول ” إنهن لا يتوانن عن مرافقة الشبان فى أى مكان وبمنتهى المجون والسفور…أيادى متشابكه…ضحكات خليعه…أحضان…جلسات متلاصقه وحميمه…تسكع حتى وقت متأخر من الليل” هكذا صورت بنت إلياس صورة ذهنية جد سيئة لكل قارئ لنصها هي أن أي فتاة تخرج من بيت أبيها مولعة بالجري وراء الشباب في أي مكان وفي أي زمان وبأي طريقة .. وهو وياللحزن تصوير جارح لكل أسرة ولكل فتاة مدكرة في عملها أو تعلمها.

ومن عجب ماقالت هذه الكاتبة “الوقائع تؤكد أن وراء معظم مابات عليه الشارع العام من ترهل أخلاقى ودينى مساهمة مقدرة من الطبقات الثريه بشكل أو بآخر…بالإضافه الى بعض أبناء المغتربين أصحاب الفكر المتحرر والمال الوفير والرقابه المنعدم” لكن هل هذا صحيح ؟
تفسير بنت إلياس ” العميق ” لما ساقته من إفك بحق فتياتنا وبناتنا وأخواتنا ترجع أسبابه إلا الأغنياء وبعض أبناء المغتربين كما قالت ..
وهو قول لا يستند إلى وعي اجتماعي ولا اقتصادي ولا تربوي ولا سياسي لكنه ربما يستند إلى شعور داخلها بالفوارق الطبقية .. وإن نظر ناظر منا إلى أصحاب الطبقات الثرية التي ذكرتهم سنجد أن أغلبهم من أصحاب النفوذ والسلطة أو من لهم علاقة بها من قريب أو بعيد . وتغاضت بنت إلياس بصورة بائنة صارخة عن فشل الحكومة وفسادها الذي كرس لهذه الطبقية في ابشع أشكالها وإسقاطاتها على مجتمعتنا المغلوبة والمهضومة .

كان حري ببنت إلياس أن تدافع وتنافح عن بنات جنسها في نيل حقوقهن ورفع الظلم عنهن وتشجيعهن لأن يكن رائدات نهضة ومعلمات أجيال. وأن تكافح المظاهر السالبة بالتشجيع على الزواج وتقليل نفقات الزيجات والمهور.
لكنها اختارت أن تنظر إليهن بعين الذباب .. لتطعنهن بقلمها في خاصرتهن .. وتعادينهن افكا وزورا وبهتانا ..

بمقالك هذا يابنت إلياس أشعرتيهن بالضعف والاستياء .. بمقالك هذا ستحرمين بنات ميسورات الحال من خطاب ارادوا طرق ابواب بيوتهن .. بمقالك هذا مسحت بشرفهن وكرامتهن على الأرض .. بمقالك هذا ستدخلي الشك بين والد وبنته واخ وأخته ..
بمقالك هذا أكدتي لكل من يقرأ لك وأنا منهم إنك تنظرين بعين ذبابة ..
وجب عليك الإعتذار

بقلم
محمد الطيب

Exit mobile version