هل ينجح المدخل الإنساني بوقف الحرب في السودان؟

رأت الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال في الموافقة على مبادرة نقل المساعدات الإنسانية إلى المتضررين بجنوب كردفان والنيل الأزرق مدخلا لتجاوز الخلافات التي أفشلت المفاوضات مع الحكومة، في وقت أبدت فيه أطراف بوفد التفاوض الحكومي شكوكا بشأن هذه الخطوة.

فتحت موافقة الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال على مبادرة مدنية لنقل المساعدات الإنسانية للمتأثرين في جنوب كردفان والنيل الأزرق؛ الباب للتساؤل عن إمكانية نجاح المدخل الإنساني في وقف الحرب الدائرة بالسودان منذ سنوات.

وتختلف الحكومة والحركة الشعبية حول كيفية نقل تلك المساعدات؛ فبينما تصر الحكومة على نقلها عبر ممرات داخلية وبإشراف منها، تتمسك الحركة بنقلها عبر منافذ خارجية بعيدا عن سيطرة الحكومة.

وتسبب تمسك كلا الطرفين بموقفهما في فشل آخر جولة للسلام بينهما الشهر الماضي، مما دفع أحد مفوضي العون الإنساني السوداني السابقين لطرح مبادرة إنسانية توفيقية بين الطرفين قبلتها الحركة رسميا.

ورأت الحركة في قبول المبادرة مقترحا عمليا لتجاوز الخلافات التي أدت إلى فشل أكثر من 12 جولة للمفاوضات بينها وبين الحكومة.

وكان المفوض السابق فتح الرحمن القاضي اقترح على الطرفين نقل 20% من المساعدات الإنسانية محل الخلاف بينهما عبر مدينة أصوصا الإثيوبية على الحدود السودانية لتكون معبرا محايدا وبرقابة سودانية.

طمأنة
وتقول الحركة إنها تقبل كافة ما يطمئن الجانب الحكومي من جهة أن استخدام مدينة أصوصا كمعبر خارجي ووحيد سيتم تحت رقابة من أجهزة الجمارك والأمن السودانية حتى يتم التأكد من أن كل ما سيذهب إلى المدنيين لن يتعدى المساعدات الإنسانية.

وقالت الحركة الشعبية الجمعة إن نسبة 80% من المساعدات الإنسانية ستأتي عبر المعابر السودانية الداخلية، كما اقترحت الحركة، وعلى نحو أخص، المواد ذات الحجم الكبير مثل الأغذية.

وأضافت أن نسبة الـ20% المتبقية ستشمل مواد حساسة مثل الأدوية والمواد ذات الطبيعة الرخوة والأشخاص المحولين لمواصلة علاجهم بالخارج.

وأعلنت الحركة -في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه- أنها أقدمت على التنازل أربع مرات في قضايا المسارات الإنسانية، وأنه لم يعد للحركة أي تنازل تقدمه، وهو الأمر الذي لاحظه الوسطاء والمجتمع الإقليمي والدولي، وفق ما ذكره البيان.

ورأت أن أصوصا هي النقطة الوحيدة المتبقية لتوقيع اتفاق بين الجانبين، وهي قضية فرعية لا يمكن مقارنتها بالحدث الأكبر المتمثل في وقف الحرب في كل السودان، والفوائد التي تعود على البلاد والشعب، لا سيما المتضررين من هذه الحرب، بل وعلى النظام نفسه.

مرونة
بيد أن مسؤولا حكوميا أكد أن وفد الحكومة لم يجتمع بعد لتقييم المبادرة وإبداء الرأي بشأنها.

وقال عضو وفد التفاوض الحكومي حسين كرشوم للجزيرة نت إن سقوف الحكومة تظل مرنة جدا، وأضاف أنه “ليست لدينا مواقف صلبة في هذا الخصوص”.

لكنه رأى أن القانون الدولي لا يسمح لأي دولة بالتنازل عن سيادتها الوطنية، وذلك لأجل المحافظة على أمن وسلامة العاملين في مجال الإغاثة.

ولفت إلى أن الحركة الشعبية دائما تخالف ما تعلنه عند جلوس الأطراف للتفاوض، بحسب تعبيره.

وتساءل كرشوم عن سبب إصرار الحركة على نقل الإغاثة عبر منافذ خارجية، بينما البدائل تظل موجودة.

من جهته، عبر رئيس المجموعة الاستشارية للدراسات الإنمائية الحاج حمد محمد عن اعتقاده بإيجابية المبادرة، غير أنه حذر من محاولة الالتفاف عليها من أحد الطرفين.

ورأى أن مبادرات المجتمع المدني تأتي دائما من واقع معايشة الأزمة، في وقت أصبحت فيه المنطقة بحاجة ماسة وعاجلة لعملية إنسانية تنقذ المدنيين من الكارثة.

وفي تعليقه للجزيرة نت، أبدى الحاج حمد تفاؤله بنجاح المسعى في حال تمت الموافقة من الحكومة والحركة الشعبية على السواء، متوقعا أن ينجح المدخل الإنساني في كسر جمود المفاوضات بين الحكومة والمتمردين، ويفتح الباب لتسوية سلمية في البلاد.

الجزيرة نت

Exit mobile version