مأساة (الحلّاق)

ليس الخروج وحده الذي يختبئ خلف الأبواب، “كما يختبىء البستان في الوردة، والغابة في الشجر، والعاشق الخائف في الدولاب وشبح القاتل من جنازة القتيل”.
كذلك مأذون حارتنا، صار يختبئ خلف الأبواب لـ (يقتل) عاشقاً بريئاً مع سبق الإصرار والترصد، ليعجل بدخوله في زمرة المتزوجين من التعساء والمديونين، وحسن أولئك (عريساً)!
راح أحد أصدقائي ويعمل حلّاقاً، ضحية مأذونٍ متسرع، حين ذهب يتحسس مضارب حبيبته التي ربطته بها علاقة في طور اليرقة العاطفية التي لم تتشرنق بعد، للداهية التي وقع فيها.
ذهب الغلبان بصحبة شقيقته لأهل (مشروع الخطيبة) كوفد مقدمة لبحث العلاقات المشتركة بين القلبين والسبل الكفيلة بتطويرها.
ولكن..
توجس صاحبي خيفة حين اصطدم بصراخ أطفال العائلة في وجهه مثل الهنود الحُمر، قبل أن يطلقوا صيحة:
– (ماما، ناس العريس وصلو)!
شعر صديقي بالمسامير والصواميل التي تثبّت (قلبه) في تجاويف صدره وهي (تتفكك)، كونه أصبح عريساً دونما تخطيط، أو دراسة جدوى و(عدوى).
بعد ثوانٍ من دخول وفد المقدمة، انطلقت الزغاريد وفلاشات صور (السيلفي) مع حيوان العريس النادر المهدد بالانقراض، وتفجّرت طلقات بنادق صيد العرسان، معلنة عقد القران، لأن متهوراً من أهل (البت)، كان قد أخفى مأذوناً خلف الباب ليبدو شهماً غضنفراً كريماً أمام أهل (الولد) الذي وصف حاله بمأساة الحلاج وهو يقول: (بكيت لها وارتجفت، وأحسست أنّي ضئيل كقطرة طل، كحبة رمل، ومنكسر تعس، خائف مرتعد)!
عاد صديقي لبيت أسرته حسيراً يتأبط وثيقة الحُب الفجائية ريثما ينتهي أهل العروس من اجراءات خروج (حبيبته) من المخزن بعد تسمينها وتحميرها وصقلها وتغليفها ومن ثمّ تقدير الرسوم الجمركية الواجب سدادها لاستلام البضاعة.
حين عودته، استقبله شقيقه ساخراً بقوله:
– معقولة ياخ، نرسّلك تمشي تلعب في التصفيات الأولية، تجينا شايل الكاس حتة واحدة)؟!

وجدي الكردي

Exit mobile version