كاتب مصري يطالب صناع القرار في البلدين: اعلان الوحدة بين السودان ومصر

مصر والسودان .. «مد وجزر» المصالح المصيرية
تتميز العلاقات المصرية السودانية بأنها تقوم علي جذور ممتدة منذ زمن طويل وتنطوي علي وحدة تاريخية وجغرافية وتداخل إنساني واضح وتشابه في الثقافة واللغة.

وعلي الرغم من محددات العلاقات التي تشير إلي امتدادها وقوتها إلا أنها يكتنفها الكثير من العلو والترابط أحيانا وأحيانا أخري أزمات ومناكفات ومشاكل مفتعلة .. وما بين هذا وذاك تسير العلاقات فى حالة من المدر والجزر.

وحتي لا نحكي في أزمنة قد تبدو للبعض غابرة فسنكتفي بالإشارة إلي حقبة نميري في السودان التي توطدت فيها العلاقات إلي حد التكامل وحقبة الرئيس البشير التي انطوت علي الكثير من الخلافات التي يمكن وصفها بالحادة وقد يرجع ذلك للأيديولوجية والراية التي يرفعها النظام السوداني وكذلك محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس الأسبق مبارك في إثيوبيا، وبحثا عن الأمل وانحسار رفاهية الاختيار وكذلك ضيق الوقت فلم يعد لدينا الكثير لتحليل وتفسير المواقف الفائتة.

فالوضع الآن يتحدث وبوضوح عن مسألة بقاء بالأساس لكلا الدولتين بعيدا عن حكايات الوحدة والتكامل التي لم تنقطع يوما عن فكر صانع القرار في البلدين وللأسف لم يحدث ذلك أو توقف ولم يبق إلا الاتفاقيات والبروتوكولات التي مازالت حبرا علي الورق ولسنا هنا ندقق ونبحث في قضايا الاختلاف وهي مدركات الشعب السوداني والنخب الحاكمة وفكرة الاستعمار المصري للسودان البائدة وكذلك الأفكار السلبية التي تكونت عن مصر الخديوية.

أضف إلي ذلك شعور الأخوة في السودان بالاستعلاء المصري كل ذلك مردود عليه بأننا لا ننظر كثيرا إلي الخلف ولم نكن يوما ضد الأخوة في السودان ولا ضد استقلالهم عن بريطانيا المستعمرة لنا ولهم فلندع هذه الأفكار والمدركات التي فرقتنا ويتم استدعاؤها والتمسك بها عند الرغبة في انحسار العلاقات ، أضف إلي ذلك أيضا الخلاف علي مثلث حلايب وشلاتين والموقف من سد النهضة الإثيوبي والتقارب السوداني الإيراني كلها قضايا شائكة تحتاج إلي تأصيل فيما بعد.

رسالتي إلي صانع القرار في البلدين لم يعد لدينا خيار آخر الآن غير التكامل ثم الوحدة في خطوات واضحة وراشدة بعيدا عن ممارسات واخفاقات امتدت كثيرا ولم تؤد المطلوب منها والأكثر من ذلك مازال الاحتقان قائما..

ولم يعد مقبولا أبدا النظر إلي نقاط الخلاف ووضعها كحاجز أمام التكامل الذي طال انتظاره فالشأن السوداني الداخلي يحتوي علي معضلات قاسمة أهم هذه المعضلات عدم تحقيق الاجماع الوطني حتي الآن وتوتر ورغبات في الانفصال كما في دارفور ونعرات قبلية تهدد بقاء الدولة علي حالها ، ومصر تواجه تحديات كبيرة هي الأخري ودخلت إلي مرحلة الندرة المائية وبناء سد النهضة مستمر وللأسف بدعم سوداني واضح وتقارب يشبه التحالف مع إثيوبيا.

وحتي لا أذهب بعيدا عن الموضوعية التي اعتدتها فهذا حق أصيل لكليهما والمصالح دائما تتصالح وأذكر الأخوة بالسودان بأن إثيوبيا ستلعب دورا غربيا وإقليميا بالوكالة وإذا انفرط عقد السودان الذي بدأ بالجنوب سيتحقق حلم اسرائيل الأكبر بوصول مياه النيل إليها فالانتباه والنظرة للأمور ببرجماتية أصبح الآن واجبا.

وقد تكون زيارة البشير الأخيرة في أوائل أكتوبر البداية والبناء عليها الآن ضروري لأن خيار التكامل ثم الوحدة أصبح مصيريا ولم يعد مقبولا الحديث عن أي شيء يعطل ذلك لأن التكامل والوحدة مع السودان بالإضافة لأطراف إقليمية أخري في القرن الأفريقي ومنابع النيل مسألة بقاء في الأساس ، وأذكر بأننا لم يعد لدينا رفاهية لتحقيق ذلك لأن التحركات والبحث عن المصالح من دول غيرنا سريعة ومرتبة ، والمصالح الاستراتيجية والأمن القومي لبلدينا علي المحك ، وليكن الحديث دائما بيننا علي واقع مصالحنا المصيرية دون غيرها.

محمود مناع
صدى البلد

Exit mobile version