مغترب: زوجتي تخيرني بين البقاء مع اولادي في السودان أو الطلاق.. أرجو إرشادي

السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، وجزاكم الله خير لمن تقدمونه من فتاوى واستشارات للأمة…
باختصار أنا مشكلتي أنني في غربة منذ حوالي 14 سنة، وأن أولادي “الأسرة” كانوا معي في مكة المكرمة الفترة الأولى حوالي 4 سنوات، وأنا متزوج منذ حوالي 8 سنوات، المهم أن الظروف حالت دون أن أستخرج لهم استقداماً رسمياً، وجئت بهم أكثر من ثلاث مرات بزيارات فقط، ولي من الأولاد 4 أبناء ذكور ولله الحمد.

فمنذ سنتين جلسوا واستقروا بالسودان، وابني الأول دخل المدرسة والثاني دخل هذا العام ..والزوجة تطالبني بالحضور والاستقرار بالسودان لكي أكون بجانبهم وإلا سوف تطلب الطلاق، وهي كذلك طلبته أكثر من مرة، ولكني أعالج الأمر والآن هي متشددة في ذلك .. مع العلم إذا نزلت فليس لديَّ أي مصدر دخل وليس لديَّ مال لمشروع، وهي لا تريد أن تصبر، فأرجو إرشادي.

الجواب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فأسأل الله تعالى أن يغنيك من فضله وأن يفتح عليك من خزائن رحمته؛ إنه خير المسئولين وخير المعطين، وجواباً على سؤالك أخي أقول لك:
اعلم بأن الدنيا لا تصفو لأحد، فهي دار الأحزان والمصائب، وساعات السرور بها قليلة، ولا يجد المرء فيها كل ما يتمنى، ولو تأملت نعم الله عليك لوجدتها كثيرة؛ نعمة الزوجية ونعمة الذرية ونعمة العافية ونعمة العقل والسمع والبصر، وقبل ذلك كله نعمة الإيمان {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار} ولن يجد المرء كل ما يتمنى كما قال ربنا جل جلالـه {أم للإنسان ما تمنى؟ فلله الآخرة والأولى} ومن شكر الموجود وجد المفقود {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} {إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم}

والمسلم مأمور بأن يوازن بين المصالح والمفاسد والمنافع والمضار، ولو تأملت في واقعك لوجدت أن الزوجة محقة في طلبها ببقائك معها؛ لأننا في زمان الفتن فيه كثيرة وكم من إنسان ترك زوجة وأولاداً على رجاء أن يوفر لهم عيشاً كريما؛ فوقعت الزوجة فيما حرم الله وضاع العيال وصار في هم مقعد مقيم؛ فلا المال الذي جمعه نفعه ولا وجد للعيش طعماً بعد أن فقد عرضه ودنس شرفه، أجارني الله وإياك والمسلمين من عاقبة السوء. ويكفيك أن تعلم أن أحب العمل إلى الله تعالى بعد الإيمان بالله ورسوله هو الجهاد في سبيل الله، ومع ذلك أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ألا يبقى غاز بعيداً عن زوجه أكثر من أربعة أشهر حذراً من الفتنة.

فيا أخي أنت مأجور على ضربك في الأرض ابتغاء الرزق الطيب الحلال، بعدما ضاقت بك السبل في بلدك، لكن أقول لك: استعن بالله ولا تعجز، واعلم أن الأرزاق بيد الله عز وجل، والمرء مأمور بالأخذ بالأسباب، ولن تعدم إن شاء الله عملاً يضمن لك الكفاف وأنت مع زوجك وولدك، والله الموفق والمستعان.
د. عبدالحي يوسف

Exit mobile version