قصة صديقي وهو في طريقه للهجرة يتبرع ب 50 دولار لسيدة الشاي زينب التي (كشوها) ناس المحلية

فجر اليوم وبعد مراسم تشييع الزميل عادل البلالي الصحفي بأخبار اليوم وقد حزنت فوق حزني لفراق الرجل ومعاناته في الاشهر الاخيرة قبل نفاذ أجله ، اسيت علي الحضور الشحيح للزملاء الصحفيين خاصة قياداتهم ورموزهم – علي الاقل لمن كان منهم بالبلاد – اذ لم يكن لكلفهم شيئا نيل يسير قيراط الاجر باتباع جنازة منهم وقد شهدت أكثرهم لا يغيب عن (دافنة) عظيم ولو كان المتوفي أبنة خالة عم وزير او ذو نسب في الصولجان عريق ، هناك تتزاحم المناكب ومرائي الحزن لكن (البلالي) مضي لم يودعه سوي جسارة احمد البلال الطيب و(عاصم) ودمعة رايتها تنسال من حافة عين طلال اسماعيل وبعض جلد كسا ملامح فضل الله رابح فزاده سوادا خالطت سمرته البينة ، عقب مراسم التشييع تنبهت لسيل مكالمات من صديقي (ناصر) الذي كان في عين التوقيت يذرف دمع الفراق السخين ، متأهبا لسفر قاصد وبعيد هجرة رزق وعمل ، اعتذرت له بشواغل التشييع وقال انه في تلك اللحظة في منطقة (الشهداء) بامدرمان فقلت له ترجل هناك ، ساصلك ونجلس قليلا نتسامر ثم (تتوكل) وأكون قد بذلت واجب الوداع ، ضربنا موعدا عن طرف مستشفي الاطفال ، حيث أعتدنا في ازمنة مضت مضغ الثرثرات مع (نعناع) شاي الحاجة زينب التي تجلس في زقاق بتلك الارجاء ، كانت دقائق وقد جاوزت (حمد النيل) حيث ثوي (البلالي) ووصلت الشهداء حيث كان (ناصر) ، تأبط شنطة صغيرة او لنقل علقها فوق كتفه ، يخرج من وطنه وهو هو تأهيلا وعلما ونزاهة لا يحمل سوي حقيبة صغيرة اودع فيها حزمة امال وعفو جميل وقليل ثياب ومصحف وكراسة وديوان شعر لمصطفي سند ! وصلنا وتقابلنا ، كان مقصدنا مجلس زينب ، هي سيدة فوق ما يزيد عن الستين ، انقطع عنها حتما أرب الرجال لذا كان مقصدنا لها سليما ، حينما دخلنا الزقاق لحظت أختفاء الكراسي المعتادة وجدنا بائع حلوي مولد يرص العرائس الحمراء ، وكتل حلوي السمسمية ، قلت له اين زينب ؟ صمت ان ظننت انه سينعي السيدة قبل أن يقول (كشوها) منذ ثلاث أيام ، لا حول الله قلت لنفسي ، قال ناصر ما راينا منها لسنوات الا كريم الكفاح وشريف الصنعة ، سألت الرجل وماذا حدث قال عليها غرامة الف جنيه (مليون بلغة العامة) ! وضعت عجبا في ام راسي ، تحول الي كتلة عجب اعظم حينما علمت انها تعسرت في دفع الغرامة القائمة بالمناسبة علي مسخ قانوني أسمه (الامر المحلي) وانها ستحول الي السجن ، حيث علمنا ان بعض اولاد الحلال من كرماء شباب هذا البلد يسعون لاخراجها وقد أعدوا بدل الالف عشرة …صبيان الفزع والمرؤة
انتقلت و(ناصر) الي ضجيج ميدان المولد ، جلسنا واكملنا بعض وصايا وتوادعنا والرجل يدس في يدي (50) دولار كان قد اعدها لساعات هبوطه الاولي بمهجره قال امنحها للحاجة زينب وانقل لها تقديري وشكري ومؤازرتي ، زجرته بان يمسك ماله ، قال لا اقسم وحلف ثم (طلق) وهو يمضي بي الي مقام الشجار ومضي الي مركبة تقله للمطار ، لمحته يكاد يقبل اضواء محال الحلويات يشد نظره الي فضاء ميدان الخليفة وذهب
لن أناشد السلطات او المحلية فهؤلاء قست قلوبهم وصلدت ويتساوي عندهم في مثل هذه القصص الظلم والاجحاف ولكني اناشد بحق الله كل قانوني في هذا البلد بمناهضة هذا المسمي (الامر المحلي) ، الذي يظلم الضعفاء والضعيفات و(يحلب) ضرع نضالهم من اجل الحياة لصالح نقد يصب في جيوب موظفي المحليات ويتحول لوقود في سياراتهم ، هذا يا اهل القانون افعل وابرك من مئة وقفة إحتجاجية زمليزن بيان ولو كنت قانونيا لتطوعت وقاتلت حتي الموت الاوامر المحلية …تبا لها ولمن صنعها ولمن تجاهل بؤسها

محمد حامد جمعة

Exit mobile version