فتاة سورية في سن العشرين يزيد أو ينقص قليلا، تركض داخل مطار إستنبول بتركيا، وهي تسأل بلهفة، وشوق، أين بوابة السودان؟، تخشى أن تغادر رحلتها إن هي تأخرت في إكمال إجراءات السفر!!، ولشدة روعها تم تهدئتها بأن هناك متسع من الوقت قبل إقلاع الطائرة التي سوف تتوجه بداية إلي الدوحة، قبل أن تبلغ مطار الخرطوم، ولم يمض غير وقت قصير حتى كان هناك شاب سوري أخر يسير على ذات النسق يريد رحلة الدوحة التي تفضي به إلي مقصده “الخرطوم “ هذه المشهد ال1ي رصده محرر موقع النيلين فتح شهية زميلنا بصحيفة اليوم السعودية ” سعود الحواس”، لمعرفة سر السورية التي تريد الخرطوم، وقد روى لنا المشهد وكأنه فلم سينمائي. يقول: لقد طرحت سؤالا على الفتاة السورية، لماذا تسافرين وحدك وأنتي في سن صغيرة، وما هدف سفرك “تحديدا” إلي الخرطوم. نظرت إلي بشك وخوف، سرعان ما تبدد بحديث مطمئن بأنني لا أريد غير مساعدتك إن كان بمقدوري. حديث طمأن الفتاة لتحكي حكايتها.
لا زالت العهدة على الراوي الزميل “الحواس” فقد حدثته الفتاة أن عائلتها تفرقت في كل أنحاء الدنيا نتيجة “الحرب المجنونة التي تدور في الشام”، وأن والديها يسكنان منذ عامين في حديقة عامة بإستنبول، وأنها تريد الخرطوم لتكون ممرا إلي إيطاليا من خلال رحلة برية إلي ليبيا، على أن تدبر أمورها كما فعل غيرها، حتى تصل إيطاليا. الشاب السوري الأخر شاطرهما الحديث بانه يسير على ذات الاتجاه، وانه نسق أمره مع بني جلدته في الخرطوم انتهت “الحكاية ” التي نشرها الصحفي مصطفي محكر. ليبقي ما يعنينا نحن في السودان، الذي تنظر إليه أوروبا بلا “ود” وتضعه أمريكا ضمن قوائم ” رعاة الإرهاب”. فمعلوم أن السودان يمثل بوابة واسعة وصعبة الحراسة للراغبين في الهجرة غير المشروعة انطلاقا من أراضيه، مرورا بليبيا التي توجد فيها ثلاث حكومات جميعها تدعي الشرعية، مما جعل الدخول والخروج منها أمر لا يمكن أن تضبطه مؤسسات الدولة التي تقاتل بعضها البعض.
السودان بإمكانه أن يوظف هذه “الأمور” لمصلحته بصورة موضوعية ، فأوروبا التي تخشى المهاجرين وتظن بهم الظنون ،يجب أن تكون مستعدة للتعاون الوثيق بل وتدعم من يتصدى نيابة عنها لوقف المهاجرين بعيدا عن أراضيها ، والسودان قادر لحد كبير على وقف العجلة المتسارعة للمهاجرين شريطة أن يجد دعما أوربيا حقيقيا ، وهذه تبقى بحاجة لعمل دبلوماسي “حصيف” يشرح ب”الوثائق” موجة المهاجرين عبر أراضيه ، خاصة وقد سبق له أن ألقي القبض على رؤوس مهمة في شبكات التهريب، ولكنه لم يقبض ثمن صنيعه ، ولو كانت أي دولة مكان السودان “لتاجرت بقضية المهاجرين” نحن لا ندعو للمتاجرة بل لتبادل المنافع والمصالح المشتركة ، فوقف موجة المهاجرين بعيدا عن شواطئ أوروبا يجب أن تصاحبها فاتورة مستحقة للسودان نظير ما يقوم به من دور كبير ، وإلا فاتركوا المهاجرين يعبرون بسلام. وهم ليس من سوريا البعيدة وحدها، بل من دول الجوار الأفريقي الذي لا تربطه حدود مع ليبيا.
ياسين الشيخ _ الخرطوم
النيلين
